يتحسرون بعد ضياع أموالهم.. والقائمة لا تقتصر على محدودي الوعي

«السذاجة والطمع» يُسقطان ضــحايا في فخ الاحتيال الإلكتروني

صورة

طمع في مكسب سريع، وقلة وعي بأساليب احتيال، كثيرها قديم وساذج، وسهولة تنفيذ الجريمة عن بعد، عوامل مشتركة وراء وقوع أشخاص كثيرين في فخ الاحتيال الإلكتروني، بحسب رئيس النيابة في نيابة بر دبي، المستشار يوسف أمين العلي، الذي أشار إلى أن الضحايا يتحسرون ويلومون أنفسهم في بعض الحالات بسبب الاندفاع دون تفكير وراء إغراء غير منطقي، أدى إلى خسارتهم مدخراتهم أو جانباً كبيراً منها.

وقال العلي لـ«الإمارات اليوم» إن هناك حالات عدة لأشخاص كانوا صيداً سهلاً لهؤلاء المحتالين، بسبب سوء التصرف، مثل آسيوي دفع مبالغ وصلت إلى 600 ألف درهم للفوز بجائزة وهمية مليون درهم، وآخر خليجي دفع 260 ألفاً طمعاً في الجائزة.

وأضاف أن المحتالين الإلكترونيين يطورون أساليبهم باستمرار، وتقف الأجهزة الأمنية المختصة لهم بالمرصاد، وكذلك النيابة العامة والجهات ذات الصلة بالتوعية والردع، لكن تظل الإشكالية في الوقوع بسذاجة في أساليب قديمة، تم التوعية منها على مدار سنوات، مثل التواصل من خارج البلاد، والادعاء أن هناك مبالغ محجوزة في دولة أخرى لأسباب مختلفة، وطلب المشاركة لإخراج هذه الأموال، أو الفوز بجائزة كبرى.

وأشار إلى أن النيابة العامة في دبي سجلت ارتفاعاً في مؤشر الجرائم الإلكترونية خلال عام 2022 بنسبة تصل إلى 59%، وبواقع 562 جريمة، مقارنة بـ353 جريمة إلكترونية سجلت خلال العام قبل الماضي، وذلك على الرغم من الانخفاض الحاد في مؤشر إجمالي القضايا التي سجلتها النيابة في الفترة ذاتها من العام الماضي.

وأوضح أن إجمالي القضايا التي سجلتها نيابة بر دبي خلال الفترة من بداية يناير وإلى 22 ديسمبر من العام الماضي بلغ 7765 قضية، تضمنت 293 جريمة إلكترونية، مقابل 17 ألفاً و107 دعاوى جزائية خلال الفترة ذاتها من عام 2021، تضمنت 153 جريمة إلكترونية فقط.

وقال المستشار يوسف أمين العلي إن «ارتفاع مؤشر الجرائم الإلكترونية، على الرغم من انخفاض مؤشر الدعاوى بشكل عام، يعكس انتشار هذه الجرائم عالمياً، لسهولة تنفيذها، إذ لا يحتاج المجرم إلى الانتقال أو المخاطرة بنفسه، بل يمكنه ارتكابها على بعد آلاف الأميال من دولة أخرى، وهو متخف خلف شاشة الكمبيوتر». وأضاف أن النيابة العامة في دبي ترصد من خلال الدعاوى أساليب مختلفة من جرائم الاحتيال الإلكتروني باعتبارها الأكثر شيوعاً، نظراً للمكاسب الكبرى التي يجنيها المحتالون بجهد بسيط ومخاطرة أقل، من بينها استهداف عملاء البنوك عبر البريد الإلكتروني، فيصمم المحتال موقعاً إلكترونياً يكاد أن يكون مطابقاً لصفحة البنك، ويرسل إلى العميل رسالة يطلب فيها تحديث بياناته عبر الدخول إلى الموقع من خلال رابط، وحين يدخل عليه يجد صفحة البنك المزيفة، وفيه خانتا اسم المستخدم والرقم السري، وبمجرد أن يسجل بياناته، تصل إلى المحتال الذي يستغلها في الاستيلاء على رصيده.

وأضاف أن من بين الأساليب كذلك، اختراق مراسلات بريدية إلكترونية بين شركتين، من خلال إنشاء بريد مشابه لإيميل إحدى الشركتين، فينتحل صفتها، ويخاطب الأخرى، مدعياً تغيير رقم الحساب البنكي، ويطلب من الشركة المستهدفة تحويل المبالغ المستحقة لديها على حساب جديد، يكون غالباً موجوداً في الدولة باسم شخص لا يعرف أنه مستغل من قبل المحتالين لاستلام الأموال وتحويلها لاحقاً لهم أو تسليمها إليهم بطريقة ما.

وأشار إلى أن الأسلوبين السابقين يعتمدان على خداع الضحية، واستغلال قلة وعيه أو عدم انتباهه، لكن هناك أساليب أخرى تعتمد على إغراء الضحية، واللعب على وتر الطمع لديه، مثل قضية لشخص عربي، كان قاسياً جداً على نفسه حين دخل مكتب رئيس النيابة، مؤكداً أنه مسؤول عما حدث له.

وتابع أن الرجل أفاد بأنه التقى شخصاً إفريقيا مهندماً وأنيقاً، أقنعه بأنه نجل شخصية مهمة في بلاده، وورث مبلغاً كبيراً، ويريد استثماره في الإمارات، وطلب منه مشاركته بدفع رسوم التخليص الجمركي، لافتاً إلى أن المحتال حبك خدعته بمرافقته إلى مكتب التخليص، ووقفا معاً على باب المبنى، ثم طلب منه انتظاره، بعد أن أخذ منه النقود، ودخل من الباب الرئيس. وأشار العلي إلى أن الضحية حاول أن يكون حريصاً، فأصر على مرافقته، وظل أمام المبنى منتظراً الخبر الجميل، لكن طال انتظاره، فقرر الدخول للاطمئنان، وفوجئ بأن المحتال دخل من باب وخرج من باب آخر، وبحوزته 150 ألف درهم دفعها له المجني عليه. ولفت إلى أن المحتالين يستهدفون الفئات الأقل وعياً، أو غير الملمين بأوضاع البلاد، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لضبطهم وردعهم، إلا أنهم لا يفكرون كثيراً في العواقب، إذ إن ما يمكن أن يجنيه أحدهم في عملية واحدة يجعله ثرياً في بلاده.

وحول مصادر حصولهم على معلومات تخص الضحايا، خصوصاً من عملاء البنوك، قال المستشار يوسف أمين العلي إن هناك مصادر مختلفة، مثل شركات التوظيف التي تسجل بيانات المتقدمين، مثل صورة الهوية أو صورة من الحساب البنكي، ويستغلون هذه المعلومات في التلاعب نفسياً بالضحايا.

وأشار إلى أن النيابة العامة والشرطة والبنوك وهيئة تنظيم الاتصالات، وغيرها من الجهات ذات الصلة، أطلقت حملات توعية مكثفة، بضرورة عدم الإفصاح عن أي بيانات سرية لأي شخص كائناً من كان، لكن لايزال البعض يقع في هذا الفخ، وتأتينا قضايا خسر فيها الضحايا مبالغ تصل إلى 250 ألف درهم أو أكثر، لافتاً إلى أن المحتالين يستهدفون كبار السن، أو حديثي العهد بالأنظمة الإلكترونية.

وكشف عن تسجيل قضايا احتيال بأساليب قديمة وساذجة، مثل الاتصال بالشخص وإبلاغه بالفوز بجائزة كبرى، لافتاً إلى أن آسيوياً دفع للمحتالين 600 ألف درهم، وآخر خليجي دفع 260 ألف درهم، بل أن أشخاصاً يفترض فيهم الوعي والإلمام سقطوا في الفخ ذاته. وأكد العلي أن المحتال يلعب على وتر الطمع لدى ضحيته، لذا فإن هناك ضرورة للالتزام بخطوات سهلة وواضحة لتجنب أي محاولة احتيال، أهمها عدم الإفصاح عن أي بيانات عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، وعدم الضغط على روابط مشبوهة، وقبل كل ذلك، التفكير ملياً قبل الوقوع ضحية الطمع.

آسيوي يضحي بـ 600 ألف درهم للفوز بمليون.. وخليجي يدفع 260 ألف طمعاً في جائزة.

النيابة العامة في دبي تسجل ارتفاعاً في الجرائم الإلكترونية رغم انخفاض الدعاوى الجزائية.

الحصول على المعلومات

قال رئيس النيابة في نيابة بر دبي، المستشار يوسف أمين العلي، إن الحصول مسبقاً على المعلومات يعد أحد العوامل الرئيسة في استدراج عملاء البنوك بالاحتيال الهاتفي، فيدعي المحتال أنه موظف بالبنك، ويقنع الضحية بضرورة تحديث بياناته، ويدخل على حسابه عبر الموقع الإلكتروني للبنك، ويضغط على خانة «نسيان كلمة السر»، فيرسل البنك تلقائياً كلمة سر واحدة على هاتف الضحية الذي يكون على الخط مع المحتال في التوقيت ذاته، وفي لحظة غفلة وعدم إدراك، يخبر المجرم بكلمة السر، فيستغلها في الاستيلاء على رصيده.

293

جريمة إلكترونية سجلتها نيابة بر دبي خلال الفترة من بداية يناير إلى 22 ديسمبر من العام الماضي.

تويتر