اخترقوا حسابها البنكي واستولوا على مدخراتها

محتالون يخدعون شابة ألمانية برسائل منسوبة لشرطة دبي

صورة

لم تتخيل «صوفيا» الألمانية، التي تقيم في دبي منذ سنوات طويلة، أن المكالمة التي أيقظتها من نومها صباح 10 أبريل الجاري، ستتحول إلى كابوس حقيقي، حين تكتشف أنها تعرضت خلالها لعملية احتيال احترافية، انتهت بالاستيلاء على مبلغ ادخره لها والدها قبل وفاته مطلع العام الجاري.

استمرت المكالمة ساعة كاملة، وكان طرفها الآخر بحسب «صوفيا» شخصاً محترفاً، ولبقاً ومقنعاً، إذ أوهمها بأن هناك تغييرات طرأت على حسابها بسبب ظروف جائحة كورونا، واستدرجها للإفصاح عن بياناتها السرية، بعدما أرسل إليها رسالة نصية منسوبة إلى شرطة دبي، ثم اخترق حسابها عبر التطبيق الهاتفي، وسحب المبلغ خلال دقيقتين.

وتؤكد صوفيا لـ«الإمارات اليوم» أنها لامت نفسها بما يكفي، إذ قرأت سابقاً عن هذه الأساليب الاحتيالية، لكنها لم تتخيل أن تقع فيها بهذه السذاجة، مشيرة إلى أنها أبلغت شرطة دبي عن الواقعة، وتبين أن أحد المتهمين نفذ عملية الاحتيال من خارج الدولة، فيما تولى آخر سحب جزء من المبلغ من خلال إحدى شركات الصرافة.

وتفصيلاً، بدأت الجريمة مكتملة الأركان حين تلقت تيمنا صوفيا إشعاراً من إحدى شركات البريد المعتمدة، يفيد بأن هناك شحنة من المقرر أن تصل إليها، ثم تلقت بعد ذلك اتصالاً من رقم محلي وادعى المتصل أنه يتبع البنك الذي يوجد حسابها فيه، وأخبرها بأن الشحنة التي سوف تتسلمها عبارة عن بطاقة خصم بنكية بديلة، لأن هناك تعديلاً في الأنظمة بسبب ظروف جائحة كورونا.

وتضيف أن المتصل كان لطيفاً، وتحدث الإنجليزية بلباقة، وأرسل إليّ رسالة نصية منسوبة إلى شرطة دبي، إضافة إلى رسالة تحذيرية أخرى من تجميد الحساب والبطاقات بالكامل، إذا لم يتم تحديث البيانات عبر رقم مخصص لخدمة «واتس أب».

وبسؤالها عن تصورها للعلاقة بين شرطة دبي وتحديث البيانات البنكية، وكيف يمكنها أن تقتنع بهذه الحيلة، تقول صوفيا: «أدرك أنني أخطأت في الثقة بهم، لكن المتصل كان يحاصرني ويتلاعب بي نفسياً».

وتشير إلى أنها استجابت لطلباته وأعطته أرقام بطاقتها البنكية، ثم ارتكبت خطأ أكثر فداحة بمنحه الأرقام الثلاثة السرية في ظهر البطاقة، وظل الخط مفتوحاً بينهما طوال ساعة كاملة، وفي هذه الأثناء فتحت تطبيق البنك عبر هاتفها، لتجد أنه أضاف شخصاً آخر كمستفيد معها من الحساب، فأصيبت بصدمة عنيفة، وسألته عن سبب ذلك، فحاول تهدئتها وأبلغها بأن هذا إجراء طبيعي.

وتتابع أنها فوجئت بسحب مبلغ 25 ألفاً من الحساب وتحويله إلى حساب في بنك آخر، فأدركت أنها تتعرض للاحتيال وصرخت فيه، لكنه ماطلها، وسألها أسئلة مختلفة لتشتيت انتباهها، ثم أخرجها من التطبيق، وحين عادت فوجئت بسحب بقية المبلغ.

تقول صوفيا: «خسارتي لا تتمثل في احتياجي فقط لهذه النقود، لكنها كانت آخر ما تبقى لي من والدي الذي لم أستطِع رؤيته منذ بداية جائحة كورونا وظروف الإغلاق الجوي، وحين سافرت إلى ألمانيا توفي في الليلة التي سبقت وصولي، وكان حريصاً على أن يترك لي هذا المبلغ كمساعدة منه في نفقات معيشتي».

وتضيف أنها اتصلت مباشرة بالبنك، مستنكرة إضافة مستفيد آخر للتحويل النقدي عبر تطبيقها الهاتفي، على الرغم من أن هذا الإجراء يجب أن يستغرق عادة ساعات عدة، لكنهم استطاعوا اختراق حسابها بمجرد أن أعطتهم البيانات ونفذوا تحويلين خلال أقل من دقيقتين، لافتة إلى أن البنك فتح تحقيقاً في الواقعة.

وتشير إلى أنها لجأت كذلك إلى شرطة دبي، التي أبدت اهتماماً وأجرت تحرياتها مباشرة، وتبين أن أحد المتورطين في الجريمة موجود خارج الدولة، وأن هناك شخصاً آخر نفذ أربع عمليات سحب نقدية من داخل الدولة، ويجري تعقبه حالياً.

وتؤكد صوفيا أن هناك أسباباً عدة لوقوعها في الفخ، منها أن حسابها نشط باستمرار وتتلقى تحويلات عليه من عملائها، لذا لم تتخيل أن تُستهدَف من قبل هؤلاء المحتالين، فضلاً عن أن الشخص الذي تحدث معها كان يعرف عنها معلومات كثيرة، لذا استبعدت أن يكون محتالاً.

وتضيف باكية أنها تجربة قاسية، فالمحتالون لا يدركون حجم المأساة التي يخلّفونها وراءهم، خصوصاً لو كان الضحية في حاجة ماسة إلى المال.

وكان رئيس نيابة أول بالنيابة العامة في دبي، الخبير بالجرائم الإلكترونية، المستشار الدكتور خالد الجنيبي، حذر من التهاون في الحفاظ على سرية البيانات البنكية، خصوصاً المتعلقة ببطاقات الائتمان.

وأكد أن عصابات الاحتيال الإلكتروني صارت تستخدم وسائل وتقنيات متطورة في عمليات الاختراق، مشيراً إلى أن الأجهزة المعنية في الدولة توفر أنظمة حماية كافية، لكن يجب أن يتحلى حاملو البطاقات بقدر من المسؤولية في الحفاظ على سرية بياناتهم.


متهم نفذ عملية الاحتيال من الخارج، فيما تولى آخر سحب جزء من المبلغ من شركة صرافة داخل الدولة.

صوفيا: «المتصل كان لطيفاً، وتحدث الإنجليزية بلباقة، وأرسل إليّ رسالة منسوبة إلى شرطة دبي».

تويتر