جمعيات خيرية أطلقت العديد من المبادرات لمساعدة المحتاجين بمختلف فئاتهم

«كورونا».. حيلة جديدة للتسوّل والاحتيال على المحسنين

صورة

رصد مواطنون ومقيمون حالات تسول على طرق عدة في الدولة، ادعى فيها أصحابها أنهم انقطعت بهم السبيل إلى بلادهم، بعد توقف حركة الطيران، إذ يستجدون المارة للحصول على مساعدة مالية، مستغلين الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس «كورونا» للاستيلاء على أموال المحسنين، واستوقفهم متسولون يقودون مركبات فاخرة يدّعون حاجتهم لمبالغ مالية لتعبئة الوقود، أو لشراء احتياجاتهم الغذائية.

ونبهوا إلى أن متسولين ومحتالين ابتكروا طرقاً جديدة للاحتيال والحصول على أموالهم عبر استغلال انتشار مرض كورونا، وإيقاف حركة الطيران في غالبية دول العالم، مدعين أنهم كانوا في زيارة للدولة وباتوا عالقين بعد أن أغلقت دولهم المطارات، ويطالبون بمساعدتهم بأموال للطعام ودفع إيجار السكن.

ورصد بعضهم قيام أشخاص من جنسيات عدة وبعضهم يرتدي زياً خليجياً، يستوقفون متسوقين داخل مواقف السيارات التابعة لمركز تسوق شهير، ويدعون أنهم لا يستطيعون العودة خلال الوقت الحالي بسبب وقف التنقل، ويطلبون مساعدتهم بمبالغ تصل إلى 1000 درهم لتسديد نفقات الفندق الذي يقيمون فيه، مع التأكيد على أن هذا المبلغ دين سيقومون بتسديده عقب عودتهم لبلادهم.

وتلقت «الإمارات اليوم» ملاحظات من قراء حول قيام متسولات بطرق أبواب الشقق السكنية، والادعاء بأنهن في ضائقة مالية بعد أن فقدن وظائفهن كعمالة مساعدة في حضانات أو مدارس، أو مطاعم، بعد تعليق أنشطة هذه المنشآت، ويختلقن قصصاً وهمية تتعلق بطلب المساعدة في مصروفات علاج أو رعاية أطفال أيتام.

فيما أكدت جمعيات خيرية في الدولة أنها تتمتع بالأهلية القانونية لاستقبال التبرعات التي يتم صرفها للجهات والأشخاص المستحقين لها، وفق استراتجيات واضحة، وقالت إن لديها العديد من المبادرات الخيرية التي تصب كلها في دعم المحتاجين بمختلف فئاتهم، خصوصاً في ظل الظروف التي يمر بها العالم، والإجراءات الاحترازية لوقف انتشار فيروس «كورونا».

من جهتها، حذرت وزارة الداخلية أفراد المجتمع من الانخداع بأساليب المتسولين الاحتيالية، سواء عند مقابلتهم على الطرق العامة، أو في وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يتجهون إلى استدرار عطف المواطنين والمقيمين، وبصور وأشكال متعددة يغلب عليها الكذب والاحتيال؛ مستغلين طيبة مجتمع الإمارات واندفاع الناس لعمل الخير، غير أن هذه الظاهرة تنعكس بآثارها السلبية على النواحي الأمنية، وعلى المجتمع.

وقال مدير مكتب ثقافة احترام القانون في وزارة الداخلية، العميد الدكتور عبدالله الشامسي، لـ«الإمارات اليوم»، إن وزارة الداخلية تواصل جهودها في القضاء على هذه الظاهرة، سواء عبر توعية أفراد الجمهور بعدم الانسياق وراء ادعاءات المتسولين ومساعدتهم، أو من خلال تشديد إجراءات الضبط. ونبه إلى أن المتسولين يستغلون أي فرصة سانحة لاستغلال عطف الناس، والاستيلاء على أموالهم، عبر سرد روايات وقصص وهمية للإيقاع بضحاياهم، منها الادعاء بأنهم انقطع بهم السبيل بسبب توقيف حركة الطيران في الفترة الراهنة، محذراً من تصديق هذه الادعاءات الكاذبة ودفع أي مبالغ مالية للمستولين.

ولفت إلى أن القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2018 في شأن مكافحة التسول شدد العقوبات على مرتكبي جريمة التسول، إذ نص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 5000 ألف درهم كل من ارتكب جريمة التسول».

وحثّ أفراد المجتمع على التعاون في الإبلاغ عن المتسولين عبر التواصل هاتفياً مع غرف عمليات الشرطة على هاتف الطوارئ 999، وخدمة أمان. وأشار مواطنون ومقيمون، محمد عادل، وحمد البلوشي، وحازم نصر، ومها عتيبة، إلى انتشار أشخاص من جنسيات آسيوية في المناطق السكانية ومواقف الجمعيات التعاونية والهايبرماركت، يقومون بإيقاف المارة والادعاء بأنهم فقدوا وظائفهم وتم تسريحهم بسبب «كورونا» ويطلبون المساعدة، مشيرين إلى أنهم يتصنعون الضعف وأنهم لا يستطيع العودة إلى بلدانهم، وفي حاجة ماسة لتدبير نفقات المعيشة.

فيما قال أحد الشاكين، محمد سعيد: «استوقفني شخص وحدثني بلغة مزيجة بين الاردو والعربية والإنجليزية، وادعى أنه فقد عمله بعد أن قامت الشركة بإنهاء خدمات العمال بسبب توقف العمل، وطلب 100 درهم»، مشيراً إلى أن هذا الشخص محترف تسول، حيث سبق أن أوقفه قبل ثلاثة أشهر وطلب مساعدة بحجة مختلفة.

من جانبه، أوضح المستشار القانوني، منصور المازمي، أنه مع بداية أزمة فيروس «كورونا» بدأت تظهر ممارسات من جانب أشخاص عبر التسول في الشوارع العامة أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بشكل مختلف عن طرق التسول المعتادة، حيث اعتمد الجناة على تأثير كورونا على المجتمعات في دول العالم كافة، كوسيلة للاستعطاف وسلب الأموال بطرق احتيالية، مؤكداً على أن قانون مكافحة التسول ينطبق على التسول بكل أشكاله سواء التقليدية أو الإلكترونية.

وأكد على أهمية مكافحة هذه الجرائم بتوعية أفراد المجتمع بعدم التأثر بتلك الرسائل الاستعطافية والانجراف خلفها، خاصة مع وجود جهات مختصة في الدولة معنية بالمحتاجين، لذا يتوجب علينا كأفراد المجتمع أن نتعاون مع السلطات المختصة للإبلاغ عن المتسولين. وقال: «أصدرت الدولة القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2018 في شأن مكافحة التسول بهدف الحفاظ على الصورة الحضارية للمجتمع الاماراتي ولحمايته من الجرائم المرتبطة بالتسول، ولمكافحة هذا النوع من الجرائم والوقاية منها، فقد نصت المادة الخامسة من القانون ذاته على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن 5000 درهم كل من ارتكب جريمة التسول)». وأضاف المازمي: «اعتبرت المادة 5 في فقرتها الثانية ارتكاب جريمة التسول باستخدام وسائل الخداع والتغرير ظرفاً مشدداً، حيث نصت على أنه (ويعد ظرفاً مشدداً إذا كان المتسول قد اصطنع الإصابة بجروح وعاهات مستديمة أو تظاهر بأداء خدمة الغير أو استعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الخداع والتغرير، بقصد التأثير على الآخرين لاستدرار عطفهم)». من جانبه، حذر المستشار القانوني، سالم سعيد الحيقي، من أن جائحة كورونا نتج عنها تقديم ظاهرة التسول الرمضاني، حيث نشط هؤلاء الجناة مستغلين الظرف الحالي، وغدوا لا ينتظرون الأشخاص في ظل التزامهم بالبقاء في منازلهم وبات المتسولون يطرقون أبواب المنازل سائلين أصحابها مساعدتهم في ظل هذا الظرف، واستعطافهم عبر الدعاء لهم بالنجاة من كورونا، لافتاً إلى أنه في كثير من الأحيان تقع جرائم أخرى مرتبطة بجريمة التسول، لذلك سعى المشرع الإماراتي إلى سن وإصدار قانون مكافحة التسول للحفاظ على الصورة الحضارية للمجتمع، وحمايته من الجرائم المرتبطة بالتسول عبر كافحتها والوقاية منهما. وشدد على ضرورة الحذر من قيام بعض المتسولين بالظهور بملابس قد توهم بأنه من مواطني الدولة أو من إحدى الدول الخليجية، والادعاء بأنه نظراً لهذه الظروف الراهنة نفدت لدية الأموال ولا يستطيع أن يتدبر أموره، وأنه يحتاج لمبلغ مالي، لافتاً إلى أن هذه الحالة يمكن تكييفها قانونياً على أنها جريمة احتيال، وذلك لاستعانة المتسول بطرق احتيالية كان من شأنها خداع الضحية وحملة على تسليم المال له، وهذه الجريمة معاقب عليها وفقاً لقانون العقوبات الاتحادي.

حملات تبرّع وهمية على «مواقع التواصل»

رصدت «الإمارات اليوم» انتشار عدد كبير من حملات جمع التبرعات المالية على المنتديات الاجتماعية، ومنصات التواصل الاجتماعي، بغرض طلب التبرعات، بزعم مساعدة مرضى ومحتاجين من خارج الدولة تأثروا جراء فيروس «كورونا»، أو شراء مستلزمات طبية وأجهزة تنفس، ومواد تعقيم لمناطق فقيرة في دول عربية وإسلامية، فيما تشترك الحملات في عدم معرفة هوية القائمين عليها.

وأكد مواطنون ومقيمون، أنهم تلقوا رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبريدهم الإلكتروني من أشخاص وجمعيات ومبادرات خارج الدولة، تحثهم على التبرع للمساعدة لشراء مستلزمات معيشية لأشخاص فقدوا مصادر رزقهم، بالإضافة إلى طلبات المساعدة في الحملات الخيرية الموجهة إلى مناطق فقيرة لتوزيع كمامات وقفازات ومواد تعقيم ومواد غذائية.

500 ألف درهم غرامة جمع تبرعات دون ترخيص

قال المستشار القانوني، سالم سعيد الحيقي، إن قانون الدولة وضع عقوبات رادعة ضد المتسولين، ويبقى دور أفراد المجتمع في التعاون مع الجهات الرسمية لمحاربة التسول. وأشار إلى أن المادة السادسة من القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2018 في شأن مكافحة التسول، تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم كل من أدار جريمة التسول المنظم.

ولفت إلى أن التسول من خلال جمع التبرعات عبر منصات التواصل الاجتماعي أو عبر الشبكات الإلكترونية يعد جريمة، إذ نصت المادة 27 من قانون مكافحة تقنية المعلومات على أنه «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات أخرى للدعوة أو الترويج لجمع التبرعات بدون ترخيص معتمد من السلطة المختصة».

تويتر