«صحة دبي» اتخذت القرار إلى حين انتهاء التحقيق في تعرض «روضة» لـ «الإهمال»

منع «فيرست ميد» من إجراء العمليات الجراحية ووقف مديره وطبيبين عن العمل

صورة

قررت هيئة الصحة في دبي إيقاف العمليات الجراحية في مركز «فيرست ميد» الطبي للجراحات اليومية، والمدير الطبي للمركز، إلى حين صدور النتائج النهائية للتحقيق في واقعة الإهمال التي تعرضت لها الشابة الإماراتية «روضة»، البالغة 24 عاماً. كما أوقفت عن العمل أخصائي جراحة الأنف والأذن والحنجرة، وطبيب التخدير، اللذين يشتبه في مسؤوليتهما عما تعرضت له طالبة الماجستير في إدارة المستشفيات، من إهمال.

خالة المريضة:

«طبيب الجراحة اشترط الحصول على 50 ألف درهم قبل إجراء العملية.. إلا أن روضة لم تخرج معافاة».

ولوّحت الهيئة بإجراءات قانونية رادعة في حق كل من يتسبب في تعريض صحة المرضى وحياتهم للخطر.

وتعود قضية الشابة الإماراتية «روضة» إلى الـ23 من أبريل الماضي، بعدما توجهت لإجراء عملية جراحية بسيطة في الأنف، لعلاج مشكلات في التنفس، في المركز الطبي، الموجود في منطقة جميرا، إلا أنها غرقت في غيبوبة كاملة، منذ 17 يوماً، إذ أدخلت إلى غرفة العمليات في الـ10 صباحاً، ولم تخرج منها. وبعد مرور أكثر من أربع ساعات، شعر ذووها بوجود مشكلة يحاول الأطباء إخفاءها عنهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من معرفة ما يحدث في غرفة العمليات.

وبوصفها طبيبة، طلبت خالة «روضة» الاطلاع على حالة ابنة أختها، لتفاجأ بأنها مستغرقة في غيبوبة تامة، وبأنها تعاني تشنجات شديدة. وعند سؤال أطباء المركز المعنيين، تبين أن قلبها توقف عن الخفقان أثناء انشغالهم في التحدث وهم يجرون لها العملية، بعد تعرضها لهبوط حاد في الدورة الدموية، الأمر الذي استمر نحو سبع دقائق، حتى أنعشوا قلبها.

وشرحت الخالة لـ«الإمارات اليوم»: «عقب عملية الإنعاش القلبي، أصيبت روضة بخلل في وظائفها الحيوية، وتشنج شديد، دخلت على أثره في غيبوبة عميقة».

وأكدت أن طبيب التخدير تبرأ من المسؤولية، وأخبرها بأنه جاء من مركز طبي آخر، للمساعدة فقط، مشيرة إلى أنه «لا يعمل في المركز».

وأعربت الخالة عن استغرابها مما تعرضت له ابنة أختها، إذ «اشترط طبيب الجراحة الحصول على مستحقاته المالية، البالغة 50 ألف درهم، قبل إجراء العملية. وعلى الرغم من حصوله عليها كاملة، إلا أن روضة لم تخرج معافاة من غرفة العمليات، وحياتها كلها مهددة».

وذكرت أن الإهمال وصل أيضاً إلى مغادرة طبيب التخدير للدولة، لأربعة أيام متواصلة، على الرغم من الحاجة إليه للتواصل مع الأطباء في المستشفى الخاص حول الحالة باستمرار.

وقالت إنها حاولت نقل «روضة» إلى مستشفى حكومي لإنقاذها، في ظل ضعف الإمكانات والإهمال المتزايد من المركز الطبي، إلا أن الأطباء أصروا على تحويلها إلى مستشفى خاص. وقد حولت إلى مستشفى خاص في دبي، وتبين هناك أن تدهور حالتها ناتج عن توقف القلب، ما أحدث تلفاً في المخ.

وأضافت خالة الفتاة المريضة: «بعد تدهور حالة (روضة) عملنا على نقلها إلى مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، لتبقى تحت العناية المركزة، وهي في حالة فقدان كامل للقدرة على الحركة والنطق والإحساس».

بدوره، أكد المدير التنفيذي لقطاع التنظيم الصحي في الهيئة، الدكتور مروان الملا، أن الهيئة اتخذت جميع الإجراءات الإدارية والقانونية، فور علمها بالواقعة. كما باشرت تحقيقاتها وفق النظم المعمول بها في الدولة والإمارة. وقد خلصت إلى وجود إهمال طبي تعرضت له الشابة الإماراتية، التي دخلت إلى المركز لإجراء جراحة بسيطة في الأنف، إثر معاناة من مشكلة صحية استدعت تصحيح الحاجز الأنفي لها، غير أن يد الإهمال امتدت إليها خلال خضوعها للعملية، ما أثر سلباً في حالتها الصحية، التي تدهورت بشكل سريع، في وقت وقف فيه المركز عاجزاً عن التدخل، الأمر الذي أدى إلى دخولها في غيبوبة.

وشرح الملا أن «روضة» تعرضت لمضاعفات خطرة أثناء إجراء عملية جراحية لها لتقويم اعوجاج الحاجز الأنفي، إذ أصيبت بهبوط حاد في الدورة الدموية وضغط الدم. ونتج عن انقطاع الأوكسجين عن المخ توقف القلب لدقائق، وتالياً دخول المريضة في غيبوبة عميقة، لم تفق منها حتى حينه.

وأكد نقل المريضة إلى أحد المستشفيات، ووضعها في وحدة الرعاية المشددة.

وتابع الملا أن الهيئة بادرت بتشكيل لجنة طبية عاجلة للتحقيق في الحالة فور علمها بالواقعة، بهدف الوصول إلى الأسباب الإكلينيكية المؤدية للوضع المأساوي الذي تعيشه «روضة»، مضيفاً أن المراجعة الأولية للملف الطبي والتاريخ المرضي للمريضة كشفا عن عدم معاناتها أي أمراض قلبية، أو وعائية، أو جهازية مزمنة، قبل الخضوع للجراحة، وهو ما أكد وجود إهمال طبي في إدارة الحالة من الطبيب المعالج وأخصائي التخدير، الأمر الذي عرّض حياة المريضة الشابة للخطر.

ولفت الملا إلى عدم اتخاذ الإجراءات الطبية الصحيحة، الخاصة بالتدخل الجراحي، كالفحوص الطبية، قبل إجراء الجراحة بفترة مناسبة، وعدم توثيق حالة المريضة الإكلينيكية بشكل دقيق ومتتابع في سجل التخدير، من الطبيب المعني بذلك، خلال العملية الجراحية. وعند التدقيق في ملف المريضة، تبين أنه غير مكتمل التفاصيل من ناحية توثيق العلامات الحيوية أثناء هبوط الأوكسجين في الدم، وتوقف القلب عن العمل. كما أن طبيب التخدير لم يكتب العلامات الحيوية، ولم يسجل وقت إعطاء أدوية التخدير للمريضة، ما سبب إرباكاً في التعامل مع الحالة عند حصول المضاعفات خلال العملية، إضافة إلى غياب المعلومات عن المريضة في وقت نقلها من المركز إلى المستشفى.

وأكد الملا حرص الهيئة على تأمين سلامة المرضى من خلال تطبيق الممارسات الصحية الآمنة على المستويات كافة، في مجال الرعاية الصحية، وعدم التهاون أو التساهل مع أي إجراء طبي غير مناسب، أو إهمال مهني يعرض حياة المرضى للخطر.

وأوضح أن الهيئة قررت إيقاف كل من أخصائي الأنف والأذن والحنجرة، وأخصائي التخدير، والمدير الطبي للمركز، عن العمل، إلى حين الانتهاء من التحقيقات في حالة المريضة.

كما قررت إيقاف المركز عن إجراء العمليات الجراحية إلى حين صدور النتائج النهائية للتحقيق.

واختتم: «لاتزال التحقيقات سارية من قبل لجان طبية وفنية متعددة التخصصات، مع الأطراف المعنية بهذه الحالة كافة».

وتدرس روضة الماجستير في إدارة المستشفيات في جامعة دبي، إلى جانب عملها موظفة في حكومة الشارقة. وكانت قد حصلت على بكالوريوس في علم الجينات، وهي محبوبة ممن يعرفونها، ومعروفة بتفوقها العلمي والدراسي.

تويتر