بعد تزايد انجذاب المراهقين والأطفال لها والوقوع تحت تأثيراتها الخطرة

آباء يطالبون بقرار رسمي لحظر «لعبة موت»

صورة

وجهت إدارة مدرسة في دبي رسائل تحذيرية إلى آباء طلابها لتنبيههم إلى ضرورة مراقبة أبنائهم أثناء ممارستهم لعبة «فورتينيت» القتالية، لافتة إلى أن هناك أشخاصاً غرباء يخترقونها للتحدث إلى الأطفال والمراهقين، والتأثير فيهم، مشيرة إلى المخاطر التي تحيط بانجذاب الأبناء إلى هذا النوع من الألعاب، وانشغالهم بها ساعات طويلة، الأمر الذي أثار مخاوف الآباء وقلقهم، بسبب عجزهم عن السيطرة على أبنائهم، وعدم قدرتهم على منعهم من الانجذاب إلى هذه الألعاب، وفق ما قالوه.

مشاهدات اللعبة

رصدت «الإمارات اليوم» على «تريند غوغل» زيادة عدد متابعي لعبة «فورتينيت» داخل الدولة، خلال مارس الماضي مقارنة بيونيو 2017، وتظهر البيانات أن أكبر عدد من مشاهدات اللعبة كان في إمارة أم القيوين، تليها رأس الخيمة، ثم أبوظبي فالشارقة والفجيرة، فيما بلغ عدد مرات تحميل اللعبة بشكل عام على منصات «أيفون»، خلال الفترة الأخيرة، 29 ألفاً و800 تحميل.

100 لاعب

تقوم لعبة «فورتينيت» على 100 لاعب يطلقون النار على بعضهم بعضاً حتى يتبقى شخص واحد في النهاية. وفي بداية اللعبة تحلق طائرة تضم اللاعبين فوق جزيرة، وكل لاعب يقرر أين سيقفز. بعد ذلك، يقوم اللاعب بالبحث عن الأسلحة والفخاخ والأدوية داخل المنازل والأبنية، ويقوم اللاعب باستخدام فأس ومطرقة لتقطيع الأشجار وتكسير الصخور، بهدف بناء الجسور أو الدفاعات اللازمة لحماية نفسه، حسب منصات إلكترونية.

الإدمان على ألعاب الفيديو

يستعد مستشفى في بريطانيا لافتتاح أول مركز نفسي لعلاج الإدمان على الإنترنت، وسيبدأ خدماته بالتركيز على إدمان ألعاب الفيديو، ولاحقاً على إدمان الإنترنت.

وتقول الأخصائية النفسية، هرنييتا باودن جونز، إن المركز سيقدم العلاج للمدمنين، فضلاً عن إسداء النصح للآباء.

وكانت منظمة الصحة العالمية أدرجت إدمان ألعاب الفيديو ضمن اضطرابات الصحة العقلية، ما دفع هيئات صحية إلى التفكير في فتح مراكز لعلاج «الضحايا».

وطلب آباء من الجهات المعنية مساعدتهم على الوصول بأبنائهم إلى بر الأمان من خلال تشديد الرقابة على مواقع الألعاب الإلكترونية، ومنع الألعاب الخطرة، وعدم تيسير سبل الترويج لها، على غرار ما حدث سابقاً مع ألعاب أخرى لا تقلّ خطورة عن لعبة «فورتينيت».

في المقابل، أكد استشاري في الطب النفسي أن استسلام الآباء لانجذاب أبنائهم للألعاب الالكترونية - الذي يبلغ حد الإدمان أحياناً - واعتباره أمراً مسلماً به، وخارج نطاق سيطرتهم؛ انسحاب من المسؤولية، لافتاً إلى إمكانية تنظيم ممارسات الأبناء، وتوجيهها إيجابياً في حال متابعتهم بالأساليب التربوية السليمة منذ الصغر.

وتزامنت تحذيرات المدرسة مع انتشار قصة طفلة في بريطانيا تبلغ تسع سنوات، أودعها أهلها مصحة نفسية بعد التثبت من إدمانها على لعبة «فورتينيت»، وتحولها - بتأثير من اللعبة - إلى شخصية عدوانية وشرسة في التعامل مع والديها، لدرجة أنها صفعت والدها حين طالبها بترك اللعبة والانضمام إلى الأسرة لتناول الطعام.

وتفصيلاً، توجهت مدرسة «أكاديمية جيمس ولينغتون» إلى آباء طلابها برسائل تحذرهم فيها من ضرورة مراقبة أبنائهم خلال ممارستهم لعبة «فورتينيت» القتالية، بنسخها المتعددة، بعدما تبين أن هناك غرباء يخترقونها، ويمارسون التأثير في الأطفال والمراهقين من خلالها.

وحسبما ورد في الإرشادات والشروح التي نشرت في بريطانيا لتوعية الأهل باللعبة، وطرق التعامل مع أبنائهم المنجذبين لها، فإن النسخة الأكثر شيوعاً، يمكن اللعب فيها جماعياً، وهي مجانية. ويمكن أن يصل عدد اللاعبين إلى 100 لاعب، ويكون الفائز من يحافظ على نفسه حياً حتى النهاية، بعد أن يتمكن من قتل الآخرين. وخلال اللعب يجمع اللاعبون الأسلحة، ويبنون جبهات آمنة، ويبقون صامدين بعيداً عن العواصف التي تدمر اللاعبين خارج ما تسميه اللعبة «المنطقة الآمنة».

وأبدت سلمى خالد، وهي والدة طالبة في الصف السابع، قلقاً شديداً بسبب الألعاب الإلكترونية المتعددة التي تستهدف الأطفال، وتغرس فيهم الميل إلى العنف، فضلاً عن بعض السلوكيات الغريبة على المجتمعات العربية، مطالبةً الجهات المختصة بتشديد الرقابة على المواقع التي تنشر الألعاب، وحظر الخطرة منها، لما لها من انعكاسات سلبية على الطلاب والطالبات، خصوصاً من هم في سنّ المراهقة.

وتابعت: «رقابة الآباء والأسرة لن تكون كافية لمنع الأبناء من الدخول إلى الإنترنت، والبحث عن مواقع الألعاب، لأن الأبناء والبنات في سن المراهقة يشعرون بالاستقلالية، إضافة إلى ذلك فإن رقابة الأسرة أو المدرسة لن تكون لصيقة بهم على مدار الساعة، ومن ثم فإن تشديد الرقابة على المواقع الإلكترونية ربما يكون أكثر فائدة وإيجابية».

وقالت فاتن عبدالله، وهي والدة طالب في الصف الحادي عشر، إن ابنها لا ينصاع لأوامرها عندما تطلب منه عدم متابعة الإنترنت لفترات طويلة، وإنها تشعر بالقلق من احتمال وصوله إلى مواقع تبث أفكاراً متطرفة في أذهان متابعيها، لافتة إلى ضرورة حظر لعبة «فورتينيت» التي تعد واحدة من الألعاب الإلكترونية الخطرة، مثل «الحوت الأزرق» و«مريم» اللتين وجه النائب العام، أخيراً، بحظرهما في الدولة.

وذكر هادي صلاح، والد طالبة في المرحلة الثانوية، أنه شعر بالقلق عندما قرأ عن لعبة «فورتينيت»، التي تغري الأطفال والمراهقين بلعبها، مضيفاً أن «ظهور حالات كضحايا لهذه اللعبة في دول أخرى يعني أننا لسنا بمنأى عن تأثيرها».

وحول أسباب انجذاب الأطفال والمراهقين للألعاب الإلكترونية الخطرة، قال الاستشاري في الطب النفسي، الدكتور نادر ياغي، إن «الأطفال يمكن أن ينجذبوا للألعاب ويُولعوا بها بغض النظر عن مستواهم المالي، أو ظروفهم الاجتماعية، لأن وظيفة الطفل في المدرسة والبيت هي تلقي الأوامر في ما يتعلق بالمأكل والنوم والدروس وغيرها، أما حين يلعب هذه الألعاب، وتحديداً القتالية منها، فهو يتقمص شخصية الشخص الذي يأمر ويخطط ويهزم، بمعنى أن سلوكه ليس ردة فعل، بل فعل، واللعبة هي ردة الفعل».

وأضاف أن منتجي الألعاب، خصوصاً الخطرة، (مثل الحوت الأزرق) يستعينون بأخصائي نفسي عند بناء اللعبة، لمساعدتهم على إضافة مؤثرات تضمن انجذاب الطفل، والتأثير فيه خلال اللعب.

وتابع ياغي أن «الألعاب المحرضة على العنف موجودة منذ فترة طويلة، والطفل ينجذب لها لأن فيها نوعاً من إثبات الذات واستعراض القدرة والقوة، فهو يتكلم مع أصحابه عنها، ويصف لهم كيف صار لديه طائرة هليكوبتر، وكيف قتل 24 شخصاً.. إلخ، حتى يثبت قوته وتفوقه».

وعن الأطفال الذين يكونون ضحية لإدمان الألعاب الالكترونية، اعتبر ياغي أن أكثرهم يكونون ضحية تصرفات وممارسات الأهل بشكل مباشر، لأنهم يجنون عليهم بإهمالهم لهم، وعدم رغبتهم في إعطائهم الوقت والجهد المطلوب في التربية، بل هم يشجعونهم على اللعب حتى يتخلصوا منهم، ما يؤدي إلى الإدمان.

وتابع: «أما بالنسبة للأطفال الذين يعيشون ظروفاً قاسية، مثل المعنفين في البيت أو المدرسة، فيصبح لديهم حالة من العزلة تجعل هذه الألعاب بمثابة العالم الذي يمكن أن يعيشوا فيه وينتقموا من الحياة التي لم يعرفوا أن يعيشوها بشكل طبيعي، ما يسهل تحولهم إلى مدمنين على اللعبة».

وأكد ياغي أن «تذرع الأهل بأنهم لا يستطيعون منع الابن من ممارسة اللعبة هو مجرد محاولة للتملص من المسؤولية». وقال إن «الطفل ينشأ ويعتاد على سلوك وتفكير وممارسات معينة، حسب تربية الأهل له، ووفقاً لما يوجهونه إليه من أنشطة مفيدة»، مشدداً على ضرورة مساعدة الابن على إدارة حياته بطريقة صحيحة.

تويتر