عدم الانتباه أدى إلى 85 حادثاً في دبي خلال ..2011 ومشاركون في نـــدوة «الإمارات اليوم» يؤكدون:

«المحمول» يقرّب السائقيـــن من حوادث بليغة

مشاركون في الندوة: حملة «أتعهد» مبادرة تعزز الثقة بالنفس. تصوير: أشوك فيرما

كشف مشاركون في ندوة نظمتها «الإمارات اليوم» بالتعاون مع إدارة المعهد المروري في الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي، في إطار حملة «أتعهد»، أن وجود الهاتف المحمول في السيارة يشكل خطراً محتملاً ويؤثر في السائق في جوانب عدة، منها تشتيت انتباهه نظرياً وإدراكياً ويدوياً.

وقال مدير الإدارة العامة للمرور، اللواء محمد سيف الزفين، إن مخالفة عدم الانتباه والإهمال شكلت نسبة 4.4٪ من الحوادث المرورية التي وقعت خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، بواقع 85 حادثاً، وأسفرت عن وفاة ثلاثة أشخاص، وإصابة 37 بإصابات متفاوتة.

وأضاف أن استخدام الهاتف المتحرك أثناء القيادة ربما يؤدي إلى حوادث بليغة إذا اقترن بأسباب أخرى، مثل السرعة، ووجود عدد كبير من السيارات على الطريق، لافتاً إلى أن تشتيت الانتباه يقلل من ردة الفعل تجاه أي طارئ قد يحدث على الطريق.

فيما أفاد رئيس تحرير «الإمارات اليوم» سامي الريامي، بأن حملة «أتعهد» لاقت تجاوباً كبيراً من أفراد المجتمع، خصوصاً من فئة الشباب، إذ اشترك فيها منذ إطلاقها 4278 مشاركاً، ويزيد العدد في كل لحظة، معتبراً أن هذا يعطي مؤشراً إيجابياً إلى إمكانية الاستجابة للحملات المجتمعية قبل اللجوء إلى وسائل العقاب أو التشدد في الضبط.

جدل المخالفات والرادارات

شهدت الندوة اختلافاً كبيراً في الرأي بين اللواء محمد سيف الزفين من ناحية، والدكتورة موزة غباش والدكتور مصطفى الهاشمي من ناحية أخرى، حول قيمة المخالفات المرورية، إذ أكدت غباش أنها مبالغ فيها إلى حد كبير، وتثير حفيظة فئة كبيرة من أفراد المجتمع بسبب قيمتها الكبرى التي تراوح في مخالفات السرعة من 600 إلى 3000 درهم.

وطالبت بخفض قيمة المخالفات المرورية إلى ما كانت عليه قبل تطبيق قانون السير الحالي في مارس ،2008 لتبدأ مخالفات السرعة من 200 درهم بدلاً من 600 بغرض التخفيف عن كاهل الناس.

وفي المقابل قال الزفين إن قانون السير أسهم بنسبة كبيرة في خفض مؤشر وفيات الحوادث المرورية في دبي من 332 حالة في 2007 إلى 152 حالة في ،2010 و99 حالة خلال العام الجاري، مؤكداً أن الحفاظ على روح واحدة أغلى من أي مخالفة مرورية، مشيراً إلى أن مديريات المرور لا تجبر أحداً على المخالفة ويوجد هامش سرعة يزيد على 20 كيلومتراً فوق السرعة المقررة في الشوارع.


توقيع على «أتعهد»

رحب ضيوف «الإمارات اليوم» بالتوقيع على الحملة الشعبية «أتعهد»، وقال اللواء محمد سيف الزفين، إن من الضروري مشاركة مرور دبي بالتوقيع على المبادرة، لأنه معني بنتائجها وأهدافها، مشيراً إلى أنها مبادرة تستحق الاهتمام، خصوصاً في ظل إقبال عدد كبير من الأشخاص على المشاركة فيها.

فيما قالت رئيسة قسم الدراسات المرورية في إدارة المعهد المروري منسقة الندوة، ميرة العجماني، إنها قررت التوقف عن استخدام الهاتف بعدما تعرضت لحادث نتيجة انشغالها بكتابة رسائل في الهاتف، مؤكدة أنها قررت المشاركة في الحملة، لأنها أدركت أهميتها عملياً وليس نظرياً فقط.

وقالت رئيسة رواق عوشة بنت حسين الثقافي، أستاذة علم الاجتماع في جامعة الإمارات، الدكتورة موزة غباش، إن استخدام الهاتف المتحرك في السيارة يأتي في إطار إدمان فئات من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الدردشة عبر الهاتف، مشيرة إلى أن «أتعهد» تعزز الثقة بالنفس، لأنها تضع أفراد المجتمع أمام مسؤولية مباشرة يتحملونها طواعية دون إجبار من جهة.

وتفصيلاً، قال الزفين، إن هناك عوامل أخرى تتشارك مع استخدام الهاتف في وقوع الحوادث، منها السرعة الزائدة، وخبرة السائق، وحالة الطريق، لافتاً إلى أن استخدام الهاتف المحمول في كتابة الرسائل أو حتى إجراء مكالمات هاتفية يؤثر في الإدراك، ويقلل من استجابة السائق في حالة الطوارئ.

وأضاف أن هناك ردود أفعال حتمية يتخذها السائق إذا تعرض لخطر أو طارئ، وهي الانعطاف يميناً أو يساراً، أو التوقف أو الانطلاق سريعاً، مشيراً إلى أن رد الفعل يتخذ في أقل من ثانية، لكن في حالة تعرضه لمؤثر خارجي يشتت انتباهه مثل استخدام الهاتف المتحرك أو قراءة صحيفة مثلاً، فإن رد فعله يتأخر، وربما يتصرف بشكل خاطئ.

وأشار الزفين إلى أن شرطة دبي حاولت التغلب على هذه المشكلة من خلال تسجيل مخالفة استخدام الهاتف غيابياً وحضورياً، ما أدى إلى تسجيل نحو 50 ألف مخالفة خلال العام الماضي، ونسبة قريبة خلال العام الجاري، فيما لم تزد هذه المخالفات في إمارات أخرى على 1000 مخالفة فقط، مؤكدا أن المخالفة الغيابية لها تأثير كبير، لأنها توفر رادعاً لفئة من الناس لا تلتزم بالقوانين إلا إذا تعرضت إلى الردع.

وأوضح أن معظم مستخدمي الهواتف الذكية الحديثة من المواطنين خصوصاً فئة الشباب، وهو الأمر الذي يثير حيرته، لأن هؤلاء الشباب يبدون التزاماً كبيراً بقوانين السير في حالة سفرهم إلى دول أخرى مثل أوروبا أو الولايات المتحدة، فتجدهم يربطون الحزام فور ركوب السيارة، ويتجنبون استخدام الهاتف أثناء القيادة، فيما يتغير سلوكهم حين يقودون في الدولة.

وتابع أن مرور دبي سجلت 99 حالة وفاة منذ بداية العام الجاري، 30 منهم ماتوا مدهوسين، وثمانية توفوا في حوادث اصطدام بشاحنات، وخمسة لدراجات نارية وهوائية، مشيراً إلى أن هناك أسباباً تستدعي الاهتمام للتقليل من مؤشر الوفيات، مثل عدم تقدير مستعملي الطريق، والعبور الخاطئ الذي يؤدي إلى الدهس، كما يجب دراسة حالة المتسبب في الحادث، وتحديد ما إذا كان يستخدم الهاتف من عدمه.

وأكد الزفين أن الوضع المروري في الإمارات أفضل من أميركا ودول أوروبية، إذ تصل نسبة الوفيات مقارنة بعدد السكان إلى 10 حالات لكل 100 ألف نسمة، وتقل النسبة في دبي، مشيراً إلى أن عدد المتوفين في الحوادث انخفض بنسبة تزيد على 50٪ خلال العام الماضي، مقارنة بعام ،2007 عازياً ذلك إلى أسباب، منها تطبيق قانون السير في بداية عام ،2008 الذي قرر زيادات في قيمة الغرامات المستحقة على المخالفات المرورية.

واعتبر مدير الإدارة العامة للمرور أن حملة «أتعهد» التي تبنتها «الإمارات اليوم» جديرة بالاهتمام، لأنها تعد سابقة، فلم يسبق أن أطلقت صحيفة يومية حملة مرورية، مشيراً إلى أن الاستجابة الملموسة لها من جانب فئات مختلفة من المجتمع تشجع على ضرورة استمرارها، مؤكداً أن هناك حاجة كذلك لتضافر جهود جهات أخرى، لأن الصحيفة لا يمكن أن تتحمل المسؤولية وحيدة.

وقال الزفين إن الحملات المجتمعية مثل «أتعهد» مهمة للغاية، لكن هناك فئة في المجتمع لا تستجيب لهذه المبادرات، ولا يجدي معها سوى التشدد في الضبط المروري للحد من سلوكياتها التي تعرض حياتها وسلامة الآخرين للخطر، خصوصا تلك الفئة التي تصر على القيادة بتهور.

إلى ذلك قالت غباش خلال الندوة التي استضافتها «الإمارات اليوم» في مقرها، أول من أمس، إن الإشكالية لم تعد مقتصرة على استخدام نوع معين من الهواتف الذكية في كتابة الرسائل، لكن أصبح وجود الهاتف داخل السيارة يمثل خطراً كبيراً، إذ أصبح معظم السائقين يمسكون بعجلة القيادة وعقولهم في مكان آخر.

وأكدت أهمية التوصل إلى طريقة لتغيير ثقافة القيادة داخل الإمارات، لأن من غير المنطقي أو المقبول أن يؤدي الشخص 20 دوراً أثناء القيادة، لافتة إلى أن بعض الأشخاص يعقدون اجتماعات عمل، ويتصفحون الجرائد إلكترونياً، ويراسلون آخرين عبر وسائل الدردشة أثناء القيادة. وأضافت أن هذه السلوكيات تندرج تحت ثقافة السرعة التي أصبحت تسيطر على المجتمع الإماراتي، وتؤثر في تصرفاته بشكل عام، سواء في تناول الطعام والزواج، وإنتاج عمله بطريقة غير متقنة، والقيام بأكثر من دور أثناء القيادة يؤدي إلى وقوع حوادث وحالات وفاة.

وأشارت إلى أن حملة «أتعهد» لم تكن إيجابية فقط في التركيز على أحد الأسباب الرئيسة لوقوع حوادث، إنما تعزز الثقة بالنفس، وتجذب الناس من جميع الأعمار إلى مشاركة اجتماعية متميزة، وتعدل من سلوكيات كثير من الأشخاص.

في سياق متصل، قال مدير برنامج الأطباء الزائرين في وزارة الصحة، الدكتور مصطفى الهاشمي، إن الإحصاءات العالمية تفيد بأن نحو مليون و200 ألف شخص يموتون سنوياً في الحوادث المروية، منهم 280 ألف طفل، مشيراً إلى أن الحوادث قفزت إلى المرتبة الثالثة في أسباب الوفاة عالميا منذ عام .2004 وأضاف أن نحو 2500 شخص يموتون بحوادث في الولايات المتحدة سنوياً، بسبب استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، معتبراً أنه رقم ضخم للغاية ويعكس مخاطر استخدام تلك الهواتف خصوصا الذكية التي كان مقرراً أن تكون لرجال الأعمال فقط أو المسؤولين الذين يحتاجون إلى الدخول إلى البريد الإلكتروني أو التواصل مع موظفيهم، مؤكداً أن الخطر يكون مضاعفاً في حالة استخدام الهاتف.

وانتهت الندوة إلى عدد من التوصيات منها توصية اللواء الزفين بإدراج مخالفة الإهمال وعدم الانتباه إلى المخالفات التي يتضمنها قانون السير، كما أوصت غباش بتشجيع النقل الجماعي، وتعيين سائقين للمديرين والأشخاص الذين يحتاجون إلى كتابة الرسائل البريدية أثناء القيادة، ووضع رقابة على سائقي الحافلات المدرسية تحول دون استخدامهم الهاتف قطعياً أثناء القيادة، فيما أوصى الهاشمي بإجراء مزيد من الدراسات حول نسبة تسبب استخدام الهاتف في الحوادث، وإجراء استطلاع للرأي حول عدد مستخدميه، وكيفية التقليل من ذلك.

تويتر