أكدت ضرورة تطوير برامج متخصصة لرعايتهم بعد الإفراج عنهم
دراسـة تدعــو إلــى توفـيــر فــرص عمل للأحداث
الدراسة أوصت بإنشاء وحدات متخصصة في الرعاية اللاحقة في مراكز الأحداث. من المصدر
دعت دراسة علمية حديثة إلى تطوير برامج متخصصة لرعاية الأحداث، بعد إنهائهم الفترة العقابية في مراكز رعاية الأحداث، بما يضمن عدم عودتهم مرة أخرى إلى الجريمة نتيجة ما يتعرضون له من ضغوط اجتماعية تدفعهم إلى ذلك، مؤكدة أهمية معاونة الحدث على تجاوز فترة الضغوط النفسية الأولى التي يتعرض لها بعد انتهاء فترة الإقصاء في مراكز رعاية الأحداث، وإعادة دمجه في المجتمع مرة أخرى بشكل يجعله قادراً على استعادة ثقتة بنفسه وبالمجتمع، ليكون على يقين بإمكان نجاحه مرة أخرى في الانصهار في مجتمعه، ما دام ملتزماً بالتقاليد والأعراف السائدة فيه.
وتشير إحصاءات إلى أن إجمالي عدد الأحداث الذين ارتكبوا جرائم خلال السنوات الخمس الماضية (من عام 2005 حتى 2010) في الدولة، بلغ 4304 أحداث، واستقبلت دور الرعاية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية العام الماضي 614 حدثاً مقابل و1092 حدثاً في عام ،2009 ويواجه العديد منهم صعوبات في الحصول على فرص عمل بعد الإفراج عنهم.
|
الرعاية اللاحقة
سلطت الدراسة الضوء على جهود الإمارات في معالجة ظاهرة جنوح الأحداث، من خلال استعراض التطورات التشريعية الرامية إلى تطبيق متكامل للرعاية اللاحقة في المستقبل القريب، لافتة إلى أن قضايا الأحداث كانت تعالج بمعرفة رجال الشرطة، من دون مساعدة من المتخصصين الاجتماعيين، لكن في عام 1976 بدأت التشريعات الاهتمام بهذه الظاهرة، من خلال إقرار ضوابط لرعاية الأحداث الجانحين، وإنشاء مراكز مخصصة لاستقبال الأحداث في إدارات الشرطة، ومنع اتصالهم بالمجرمين، ثم بدأت ثلاث وحدات لرعاية الأحداث عملها في أبوظبي ودبي والشارقة، بهدف إعادة تأهيل الأحداث الجانحين، وتقديم رعاية لاحقة للمفرج عنهم، حتى لا يتحول الحدث إلى مصدر خطر على نفسه وأسرته، ويهدد أمن المجتمع.أ ولفتت إلى برنامج «الرعاية اللاحقة للأحداث» الذي وضعته الدولة في عام ،2008 واتخذ شكل مبادرة أطلقتها إدارة الحماية الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية تحت شعار «نشء مستقر ومجتمع آمن»، بهدف توفير خدمات الرعاية للأحداث المنحرفين. |
ودعت الدراسة التي أعدتها الباحثة مريم الأحمدي، تحت عنوان «الرعاية اللاحقة وحماية الاحداث من العودة للجريمة» إلى عقد نوع من المصالحة المجتمعية مع الأحداث، بأن توفر المؤسسات الاقتصادية فرص عمل ملائمة لهم، بالتعاون مع وزارة الداخلية أو الأجهزة المعنية بمتابعة وتطبيق برنامج الرعاية اللاحقة، حتى لا يتعرض الحدث لنوع من الضغوط المجتمعية التي تدفعة للعودة إلى الجريمة، نظراً للرفض الاجتماعي له، وفشله في الحصول على وظيفة تؤمن له حياة ملائمة.
وأوصت الدراسة بإنشاء وحدات متخصصة في الرعاية اللاحقة في كل مركز لرعاية الأحداث، تتولى تنفيذ البرامج الخاصة بهذا الشأن، ووضع نموذج محدد لبرنامج الرعاية اللاحقة يقوم خبراء القانون وعلم النفس بتحديد معالمه، وكيفيه تنفيذه بالشكل الذي يحقق أهدافه بدقة، وتوفير قنوات اتصال مع الجهات المعنية بالأحداث، بهدف تضافر الجهود لتقديم الرعاية للأحداث بشكل متكامل، وتخصيص ميزانية محددة للقيام بالتخطيط والتطوير والتنفيذ الخاص ببرامج الرعاية اللاحقة.
ودعت الدراسة إلى مدّ يد العون والمساعدة لعائلات الأحداث من أجل تهيئة المناخ لدى استقبال الحدث بعد الإفراج عنه، ومتابعة الاتصال المباشر معهم حول التطورات المعيشية الخاصة بالحدث، بما يحول دون حدوث انتكاسة تعود بالحدث مرة أخرى إلى أحضان الجريمة.
وأكدت ضرورة إقامة ندوات تعريفية بأهمية الرعاية اللاحقة للأحداث، حتى يكون هناك وعي مجتمعي بأهمية هذه النوعية من الرعاية، وتالياً تقديم يد العون للجهات القائمة عليها لضمان تحقيقها النجاح، فضلاً عن توعية الآباء منذ اليوم الأول لإيداع أبنائهم في مراكز رعاية الأحداث بضرورة العمل مع المراكز لإعادة تأهيل شخصية الحدث، مشيرة إلى أهمية دورهم خلال تنفيذ برنامج الرعاية اللاحقة، التي سيخضع لها الحدث بعد انتهاء الفترة العقابية.
وأوصت بإعداد فريق من الأخصائيين النفسيين القادرين على عقد نوع من الصداقة مع الأحداث الذين يقومون بتطبيق برنامج الرعاية اللاحقة عليهم، فلا يكون الأمر بالنسبة لهم وظيفة يقومون بها، بل رسالة مجتمعية ورغبة منهم في توفير مواطن صالح قادر على خدمة مجتمعه، فضلاً عن توفير قدر ملائم من برامج التدريب المختلفة للاخصائيين النفسيين بهدف نقل الخبرات فيما بينهم، للتعامل مع أنماط الشخصية الإنسانية كافة، ما يجعلهم قادرين على تنفيذ متابعاتهم للأحداث بشكل متكامل، وتالياً تحقيق قدر مميز من النجاح في القيام برسالتهم السامية.
وقسمت الدراسة أسباب انحراف الأحدث إلى ثلاثة عوامل، الأولى بدنية تتعلق بالأمراض والعاهات التي تصيب الطفل، والتي إما أن تكون مصاحبة للولادة، أو ناتجة عن حادث، فينشأ الحدث وهو يرى في نفسه اختلافاً عن الآخرين، ويتولد في داخله إحساس بالنقص، ما يسهل انقياده وانحرافه، وعوامل عقلية تتعلق بما يعرف بالعنف العقلي، ويقصد بها الأمراض التي تؤثر سلباً في تفكير الحدث ونموه العقلي، فتجعل قدرته على الإدراك والتميز قاصرة على مجاراة نموه البدني، فلا يستطيع مباشرة حياته بطريقة مناسبة، ومن ثم القيام بأفعال مفروضة من المجتمع، تشكل خرقاً للتقاليد والقوانين المتعارف عليها، وعوامل نفسية يقصد بها الأعراض المتراكمة التي تصيب الأبناء بسبب معاناتهم من حرمان عاطفي مبكر، أو صراعات أسرية، أو اجتماعية مختلفة، وهي التي تؤدي إلى اضطرابات نفسية، ما يجعله في حالة عدم اتزان نفسي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news