خبراء يطالبون بدراسة الظاهرة ومعرفة أســبابها

وفاة 3 أشـخاص وإصابة 7 بحوادث سقوط خلال شــهر في عجمان

مراعاة مواصفات الأمان في البنايــــــــــــــــــــــــــــــــات الحديثة يقلل من نسبة الأخطار. الإمارات اليوم

عانت أسر في عجمان فقدان أطفال وصبية، نتيجة سقوطهم من أدوار عليا في حوادث تكررت بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، حتى وصلت إلى 10 حالات خلال أبريل الماضي فقط، استقبلها مستشفى خليفة، نجم عنها وفيات وإصابات مختلفة.

وتنوعت الفئات العمرية للضحايا، كما تنوعت أسباب الحوادث، إذ شملت «سقوط طفل يمني، يبلغ عامين، ثم سقوط شقيقته البالغة أربعة أعوام بعدما رمت نفسها وراءه مباشرة، حزناً عليه، ما أدى إلى وفاته وإصابة شقيقته بإصابات خطرة»، وفقاً لرئيس قسم الحوادث والطوارئ في مستشفى خليفة، الدكتور عبدالكريم محمود حلمي.

كما توفي صبي يبلغ 14 عاماً، مصري، قبل نحو 10 أيام، نتيجة سقوطه من نافذة منزل ذويه في الطابق الـ،10 وتوفي طفل أفغاني يبلغ ثلاثة أعوام، في حادث مشابه.

وأكد مسؤولون وخبراء في مجالات الأمن والسلامة والصحة ضرورة دراسة هذه الظاهرة، «لأن تكرارها بات مزعجاً، ما يستدعي اشتراك جميع الجهات المعنية بما في ذلك الدفاع المدني، ووزارة الصحة، والشرطة، والبلدية، لتحليل أسبابها، خصوصاً أن الضحايا من جنسيات وأعمار مختلفة».

وتفصيلاً، سجل قسم الحوادث والطوارئ في مستشفى خليفة في عجمان 10 حالات لأطفال وبالغين، سقطوا من أدوار عليا في الإمارة، ما أدى إلى وفاة ثلاثة منهم، وإصابة سبعة آخرين بإصابات بليغة ومتوسطة، ولايزال أحدهم في العناية المركزة.

شقيقان يقفزان من الشرفة بسبب صرصور

قال رئيس قسم الحوادث والطوارئ في مستشفى خليفة، الدكتور عبدالكريم محمود حلمي، إن الشهر الماضي شهد حوادث سقوط متنوعة، بعضها كان صادماً، مثل حادث سقوط طفل يبلغ عامين وشقيقته البالغة أربعة أعوام من شرفة شقتهما في الطابق الثالث، ما أدى إلى وفاة الأول متأثراً بإصابته بتهتك في الرئتين ونزيف داخلي في الصدر وكسور في الجمجمة، فيما أصيبت شقيقته بكسور في الحوض.

وأضاف أن الواقعة حدثت، حسب رواية الابنة، حين رأى شقيقها صرصوراً في الشرفة، فأصابه الخوف الشديد، وقفز إلى الشارع. ومن شدة رعبها وإحساسها بالحزن عليه رمت نفسها وراءه لتسقط فوقه، أمام عين والدهما الذي أصابته صدمة شديدة.

ولفت إلى أن مثل هذه الحوادث تخلف إصابات متفاوتة، بعضها ينتهي بالوفاة أو عاهات مستديمة، وبعضها الآخر تكون حظوظ المصابين فيه أفضل.

وقال والد إحدى ضحايا حوادث السقوط من الطوابق العليا، أحمد محمد سليمان، وهو أب لستة أبناء، إن مأساة أسرته وقعت منذ نحو أسبوعين، وتحديداً يوم 16 أبريل، حين علم أن أحد أبنائه، ويدعى إبراهيم، سقط من شرفة الطابق الـ10 أثناء وجوده في منزل صديقه.

وأضاف سليمان أنه لم يصدق عينيه حين رأى جثة ابنه على الأرض، بعدما تعرضت جمجمته لكسور، وحمله بين ذراعيه وهو يبكي، لأنه كان أقرب أبنائه إلى قلبه، كما يقول.

وأكد أن «الحزن خيم على جميع أفراد الأسرة، لكننا صبرنا على مصيبتنا، لأن هذا قضاؤه، لكن لاتزال ابنتي الصغرى، البالغة 11 عاماً، تعاني من فقدانه، نظراً لارتباطها الكبير به».

وأوضح سليمان أنه لا يعرف حتى الآن أسباب سقوط ابنه إبراهيم من الطابق الـ،10 ولا يسعى إلى ذلك، راضياً بقضاء الله، مؤكداً أن نعمة الأبناء لا تساويها نعمة، وفقدانها يترك حزناً كبيراً في النفوس، متمنياً أن توفر جميع الأسر لأبنائها عوامل الأمان والسلامة اللازمة.

إلى ذلك، قال مدير مستشفى خليفة، مدير منطقة عجمان الطبية، حمد تريم، إن عملية سقوط الأشخاص من الأدوار العليا، خصوصاً الأطفال، ظاهرة مزعجة للغاية، ويجب أن تتضافر الجهود لدراستها وتحديد مسؤولية كل طرف فيها، مشيراً إلى ضرورة التزام المقاولين وأصحاب البنايات بمعايير الأمن والسلامة التي تحمي الأطفال من خطر السقوط من الشرفات.

وأضاف أن بعض البنايات يخلو من عوامل السلامة، فترى النوافذ واسعة بدرجة تسمح بتسلل طفل صغير منها، وكذلك لا تصل الشرفات إلى الارتفاع المطلوب، مطالباً بتشديد الرقابة على تلك البنايات، والتأكد من توافر عوامل الأمن والسلامة فيها.

وأكد تريم أن الأسر تتحمل دوراً كبيراً كذلك في حماية أبنائها، فلا يفترض تركهم بمفردهم في الشرفات أو بالقرب من النوافذ المطلة على الشارع، مشيراً إلى ضرورة إحكام إغلاقها جيداً من باب الوقاية، لأن الطفل، خصوصاً دون الرابعة، لا يستطيع تمييز المسافة جيداً، ولا يمكن توقع تصرفاته.

وشملت الحوادث التي وقعت خلال الشهر الجاري وفاة طفل أفغاني، يبلغ أربعة أعوام، نتيجة سقوطه من شرفة شقة أسرته في الطابق الرابع في منطقة الراشدية أثناء لعبه مع شقيقه. وتبين من خلال التحقيقات أن الطفل استعان بوسادتين ليقف عليهما، ويشاهد الطريق، فلم يتمالك توازنه، وسقط في الشارع ميتاً.

من جانبه، قال مدير الإدارة العامة للدفاع المدني في عجمان، العميد صالح المطروشي لـ«الإمارات اليوم»، إن الدفاع المدني هو الجهة المعنية بالتعامل مع هذه الحوادث في الإمارة، مؤكداً أن جميع البنايات يجب أن تحصل على موافقة الإدارة بعد استيفائها المعايير المطبقة عالمياً، فيما يتعلق بارتفاع النوافذ والشرفات.

وأكد المطروشي أن الدفاع المدني لا يمكن أن يتهاون في استيفاء البناية اشتراطات الوقاية والسلامة، وفق ما يقتضيه القانون، مستدركاً أن المشكلة تحدث بعد ذلك نتيجة سوء الاستخدام، سواء بسبب عدم اهتمام ولا مبالاة المالك، أو إهمال الساكن، مشيراً إلى أن الدفاع المدني أو الشرطة لا يمكن أن يراقبا كل بناية في الإمارة.

وأضاف أن بعض الأسر تستخدم الشرفة في تخزين أغراض وأدوات يمكن أن يتسلقها الأطفال، ما يمثل خطورة على حياتهم، ويزيد احتمالات تعرضهم للسقوط من أدوار عليا، فضلاً عن أن بعض السكان أو أصحاب البنايات يجرون تغييرات داخل الشقق، سواء بإدخال إضافات أو بوضع قواطع تمثل أحياناً خطورة على سلامة أفرادها.

وأشار إلى أن الفئة الأخرى التي تتعرض لحوادث السقوط هي فئة العمال الذين يسقطون من الأدوار العليا في مبان تحت الإنشاء، بسبب قلة خبرتهم وإهمالهم، نتيجة قدومهم من دول لا تراعي اشتراطات الأمن والسلامة، أو بسبب عدم التزام الشركات بإجراءات الأمن والسلامة التي تحمي العامل أثناء أداء مهمته.

وشرح أن هناك مواصفات للمباني تحت الإنشاء تطبقها وزارة العمل والجهات الأخرى المختصة، لكن بعض الشركات لا تلتزم بها، ربما لخفض النفقات، ما يعرض حياة العمال للخطر، خصوصاً في المواقع التي لا توضع حواجز في أدوارها العليا، لحماية العامل من السقوط، إذا سها، أو أخطأ في تقدير حركته.

وأوضح المطروشي أن الوقاية تلعب الجانب الآخر في منع مثل هذه الحوادث، لذا يحرص الدفاع المدني على نشر التوعية في المدارس والتجمعات، مناشداً الآباء عدم الإهمال في حماية أبنائهم، سواء بعدم السماح بوجودهم بمفردهم في الشرفات، أو بتحذيرهم من مخاطر تسلق الجدار.

وطالب أصحاب الشركات بعدم التقصير في توفير إجراءات الأمن والسلامة، وعدم تفضيل الربح على أمن وسلامة العمال.

تويتر