«الاتحادية العليا» نقضت حكماً برفض الدعوى

عميل يطلب 15 مليوناً تعويضاً من بنـك عـن شيك مرتجع

المحكمة اعتبرت أن البنك أساء استعمال حقه في الإبلاغ عن العميل. تصوير: جوزيف كابيلان

نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً قضى برفض دعوى تعويض عميل 15 مليون درهم عما لحق به من أضرار مالية وأدبية بعد براءته من اتهام وجهه له أحد البنوك بأنه أعطى شيكاً بقيمة 900 ألف درهم من دون رصيد.

وقضت مع النقض الإحالة إلى محكمة الاستئناف لنظر القضية في هيئة مغايرة، في ضوء ما أثبت من تعسف البنك في حق العميل، إذ أقدم على إبلاغ النيابة العامة عن الواقعة بدلاً من تحصيل قيمة الشيك من ودائع العميل التي بحوزته، وفقاً للتفويض الموقع بين الطرفين.

وفي التفاصيل، أقام مواطن دعوى قضائية يختصم فيها بنكاً بطلب الحكم بإلزامه أن يدفع له 15 مليون درهم تعويضاً والفوائد بواقع 9٪ سنوياً من تاريخ صدور الحكم وحتى السداد التام.

وقال شارحا للدعوى إنه يتعامل مع البنك منذ مدة طويلة، وله وسائل ائتمان عدة لديه، غير أنه فوجئ به يبلغ ضده وبسوء نية متهماً إياه بإصدار شيك من دون رصيد، مع ما ترتب على ذلك من إجراءات قانونية من ضبط وتوقيف ومنع من السفر، على الرغم من وجود وديعة لديه، وتفويضه بتسييلها واستيفاء أي مستحقات له منها، ما قضى ببراءته من هذا الاتهام، ونتج عن ذلك أضرار مادية ومعنوية، فقد ضاعت منه مكاسب من مشروعات كان ينوي تنفيذها، فضلاً عن الإساءة لسمعته بين من يتعاملون معه، وقدر التعويض المناسب لجبر تلك الأضرار بمبلغ 15 مليون درهم.

وندبت محكمة أول درجة خبيراً لاستطلاع جوانب القضية، وبعد أن قدم تقريراً، قضت بإلزام البنك بأن يؤدي للمواطن 50 ألف درهم بفائدة 9٪ سنويا من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً حتى السداد التام، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنف الشاكي والبنك.

وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الأول وبرفض الدعوى، فطعن الشاكي على هذا الحكم بطريق النقض، موضحاً أن الحكم القاضي برفض الدعوى أقيم على سند أنه من حق البنك أن يترك الودائع الاستثمارية الخاصة بالعميل، ويلجأ للشيك لاقتضاء حقه على الرغم من أنه تمسك في دفاعه بأنه أصدر تفويضاً للبنك لاقتضاء أي مستحقات عليه، ومنها قيمة الشيك، من ودائعه لدى البنك، والتي تكفي للوفاء بقيمة الشيك. وذلك ما فعله البنك بعد صدور الحكم ببراءته، بما يوجب نقض الحكم. وأيدت المحكمة الاتحادية العليا الطعن، موضحة أن المادة (371) من قانون المعاملات التجارية تنص على أن الوديعة النقدية المصرفية عقد بمقتضاه يسلم شخص مبلغا من النقود إلى المصرف، فيكتسب المصرف ملكية النقود المودعة ويكون له الحق في التصرف فيها لحاجات نشاطه الخاص مع التزامه برد مثلها للمودع، ويكون الرد بنوع العملة المودعة. وهو ما يدل على أن الوديعة بمجرد إتمام العقد تكون ملكاً للمصرف، ولكنه يلتزم بردها عند الطلب، ويجوز أن يخصم منها بطريق المقاصة ما يكون للمصرف من دين على العميل المودع، وأي اتفاق على غير ذلك يكون باطلاً، فإذا تم الاتفاق بين المصرف والعميل على تقاص ديونه من ودائعه، فإن ذلك يكون ملزماً للطرفين، لأن القواعد العامة تجعل من اتفاق المصرف والعميل قانوناً يلزمهما ما دام صحيحاً، ولم يمنع القانون مثل هذا الاتفاق، وينبني على ذلك أنه إذا أصدر العميل للمصرف شيكاً لا يقابله رصيد في الحساب المسحوب عليه، وكان هناك اتفاق بين الطرفين بتفويض المصرف بتقاضي قيمة الشيك من الودائع النقدية لديه، فإن مؤدى ذلك أن يلتزم المصرف ويمتنع عليه عندئذ إبلاغ النيابة العامة متهما العميل بسحب شيك من دون رصيد، إلا إذا كانت الوديعة لا تكفي للوفاء بقيمة الشيك، وإلا كان البنك قد أساء استعمال حقه في الإبلاغ عن الجريمة المشار إليها ضد العميل، ويضحى ذلك قرينة على سوء النية بما يوجب للعميل طلب التعويض عن الأضرار التي تحققت له نتيجة ذلك مادية أو أدبية. وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب أن العميل قدم للبنك تفويضا يفوضه بحجز مبلغ مقداره مليون و185 ألف درهم من حسابه ضماناً للتسهيلات المصرفية الممنوحة أو التي ستمنح مستقبلاً، حتى السداد التام، وأنه يفوض البنك في حال رصد أي التزامات غير مسددة بذمته تسييل المبلغ المحجوز المشار إليه لسداد الالتزامات المذكورة في أي وقت يشاء، وحسب تقديره، وإجراء المقاصة بين حساباته المختلفة، بما في ذلك الحسابات الجارية والاستثمارية وغيرها. وهو ما يعني حق البنك في خصم قيمة الشيك البالغة 900 ألف درهم، وهو ما فعله بعدما قضى ببراءة العميل مما نسب إليه، وبذلك خالف الحكم القانون، وأخطأ في تطبيقه، وشابهه قصور وفساد في الاستدلال، بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.

تويتر