صحف إسرائيل: «الموساد» أخفق في تغطية اغتيال المبحوح

امرأة أخرى ظهرت في التسجيلات ضمن فريق المراقبة.                       من المصدر

أثار كشف شرطة دبي تفاصيل اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح، ردود فعل واسعة وغاضبة في اسرائيل، إذ طالبت الصحف الإسرائيلية بإقالة رئيس جهاز المخابرات «الموساد»، لما اعتبروه فشلاً في التغطية على عملية الاغتيال. في الوقت الذي أظهر شريط الفيديو الذي عرضته شرطة دبي لعملية الاغتيال تورّط أكثر من 11 شخصاً، وتضمن الشريط مقطعاً تظهر فيه امرأة أخرى ترتدي قبعة صيفية رمادية اللون، ولم يستبعد القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، تورط أشخاص آخرين، لافتاً إلى أن التحقيقات لاتزال مستمرة ومن الوارد إضافة مشتبه فيهم جدد إلى القائمة.

وظهرت المرأة الأخرى مرتدية قميصاً أسود وبنطالاً أبيض وقبعة بصحبة رجل ملتحٍ يرتدي قبعة، وتوليا سوياً عملية المراقبة بدلاً من فريق آخر كان يقوم بهذه المهمة في ردهة الاستقبال بفندق «البستان روتانا» لرصد تحركات المجني عليه أثناء دخوله إلى الفندق.

ولم يستبعد القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تورط «الموساد» في الجريمة، مؤكداً أن التحقيقات لاتزال مستمرة وجميع الاحتمالات مطروحة، سواء بإضافة متهمين جدد أو استبعاد أطراف بعينهم، لافتاً إلى أنه تم القبض على فلسطينيين فقط على ذمة القضية، ولا يوجد ثالث حتى الآن.

إلى ذلك، قالت الصحف الإسرائيلية إن دور «الموساد» لم يقتصر على الاشتباه في تورطه في الجريمة، لكنه ربما ترك آثاراً تدل على تورطه، وطالبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية مباشرة باستقالة مدير الموساد مئير داغان المعروف بتأييده لعمليات التصفية الجسدية، وحملت الصحيفة بقوة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بسبب عدم الإصغاء لتحذيرات متكررة من التمديد لولاية داغان.

وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الواسعة الانتشار تحت عنوان «عملية ناجحة؟ لسنا متأكدين»، إلى ثغرات كبيرة تظهر تدريجياً في هذه العملية التي بدت في البداية نجاحاً كبيراً، مؤكدة أن الذين نفذوا العملية لم يضعوا في اعتبارهم مهنية شرطة دبي التي تمكنت من التعرف إلى المشتبه فيهم عن طريق كاميرات المراقبة.

وقالت «يديعوت أحرونوت» «انتهى زمن تصفية الأشخاص بعيداً عن مرأى ومسمع الجهات الأمنية»، مشيرة إلى أن السؤال الآن هو هل سيجرؤ الذين أرسلوا فريق الاغتيال إلى دبي، وحرصوا على تنكّرهم، على إرسالهم مجدداً إلى بلد آخر بعد نشر صورهم في الصحف وتسجيل تحركاتهم بكاميرات المراقبة وهم يخططون وينفذون جريمتهم.

ووصف مسؤول سابق في المخابرات الإسرائيلية العملية بأنها «عملية هواة». فيما رأى زميله السابق في جهاز «الموساد»، رامي ايغرا، أنّ العملية «أشبه بالانتحار» واكتفت صحف إسرائيلية بالتلميح فقط إلى دور «الموساد»، وقالت صحيفة «معاريف» الواسعة الانتشار تحت عنوان «إرباك كبير» «لا نعرف من قام بهذه العملية لكن لدينا يقين بأنها لو كانت تعني بريطانيا او الولايات المتحدة لطالب احد ما بمحاسبة المسؤول عن تنفيذها امام برلماني البلدين». ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤول كبير في «الموساد» ان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي سيكون قد «ارتكب خطأ فادحاً» اذا تبين انه استخدم جوازات سفر أشخاص يقيمون في إسرائيل من دون موافقتهم، لافتاً إلى أشخاص عدة تطابقت أسماؤهم وبياناتهم مع متهمين في القضية، منهم البريطاني بول كيلي الذي أكد أن بيانات الجواز المعلن هي فعلياً بيانات جواز سفره، لكنه لم يغادر إسرائيل.

وقال شخص آخر يتطابق جوازه مع المتهم هوديز ستيفن دانيال، انه «يخشى على حياته اذا توجه الى الخارج وسيكلف محامياً لإجراء ملاحقة قضائية» ضد الذين استغلوا جواز سفره.

وكان القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم قال «إن الجوازات التي استخدمها المتهمون مسجلة لدى شرطة دبي، وتحمل بيانات صحيحة، والحديث عن تزويرها من جانب السلطات الفرنسية أو الأيرلندية يرجح وجود اختراق لجهات إصدار تلك الجوازات»، مؤكداً أن شرطة دبي قدمت قائمة بكل بيانات وصور وجوازات المتهمين، وما أثير عن تزوير الجوازات يدعم تحقيقات شرطة دبي وجهودها.

وطبقاً لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ» طالب رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، في مقابلة إذاعية، بإجراء تحقيق في قضية استخدام جوازات سفر بريطانية مزورة.

وفي سياق متصل، قال الكاتب في صحيفة «إندبندنت» روبرت فيسك، إن «شرطة دبي أبلغت دبلوماسياً بريطانياً في دبي، قبل نحو ستة ايام، بموضوع الجوازات المزورة، لكن أمن دبي لم يتلق منه جواباً مناسباً»، واستغرب فيسك من عدم تعبير وزارة الخارجية البريطانية عن استيائها من استخدام الجوازات. كما استغرب من عدم قيام الوزارة بتنبيه رعاياها.

فيما ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية أن السلطات البريطانية تحقق الآن في طريقة سرقة هويات ستة مواطنين بريطانيين عن طريق منفذي العملية، من اجل طمس معالم جريمة الاغتيال، موضحة أن وزارة الخارجية البريطانية أكدت أن الهويات المستخدمة في جوازات السفر الخاصة بستة أفراد ضمن المجموعة التى نفذت الاغتيال، هي هويات حاملي جوازات سفر بريطانية فعلياً.

وقالت الخارجية البريطانية «نحن نعلم أن هناك أشخاصاً من حاملي جوازات السفر البريطانية تم تحديدهم في هذه القضية، لكن نثق بأن الجوازات استُخدمت عن طريق الاحتيال، ونحقق في إمكان نسخ تفاصيل جوازات السفر الأصلية عن طريق أشخاص في إدارة الهجرة خلال سفر حاملي الجوازات الأصليين» .

وأشارت «التايمز» إلى أنه في حين وجدت الأسماء وأرقام الجوازات وتواريخ الميلاد سليمة، فإن الصور وتواقيع الأشخاص مختلفة، مشيراً إلى أن المسؤولين في بريطانيا رفضوا الإدلاء بتكهنات عن هويات القتلة، لكن لم تستبعد الشرطة تورط «الموساد»، لافتة إلى أنه في حالة إثبات تورط الموساد فعلياً فإن هذا ربما يؤدي إلى حدوث خلاف دبلوماسي عميق بين بريطانيا وإسرائيل، وأفادت الصحيفة بأن عملية تزوير الجوازات لتنفيذ الاغتيالات ليست جديدة على «الموساد»، حيث سبق أن استخدم جوازات سفر لمواطنين في دول صديقة لتنفيذ عمليات قتل واغتيال، مشيرة الى محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل عام ،1997 التي نُفذت عن طريق أشخاص استخدموا جوازات سفر كندية مزورة. ولفتت إلى أنه في عام ،2004 علقت نيوزيلندا العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بعد سجن عملاء إسرائيليين بسبب استخدام جوازات نيوزيلندية مزورة. وفي عام 1987 احتجت بريطانيا لدى إسرائيل على استخدام جوازات سفر مزورة وتلقت ضمانات بعدم تكرار الأمر مرة أخرى. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء أول تصريح رسمي على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان، لم ينف فيه صراحة تورط الموساد لكنه اكتفى بعبارات مطاطة قائلاً إن استخدام فرقة اغتيال المبحوح لهوية اسرائيليين وُلدوا في الخارج، لا يثبت أن جهاز الموساد هو المسؤول عن اغتياله، مشيراً إلى أن اسرائيل تلتزم «سياسة الغموض» في ما يتعلق بمسائل المخابرات.

تويتر