محمد الموسى.. رائد تربوي

الموسى: «القاسمية» أول مدرسة نظامية. تصوير: ساتيش كومار

يعد المستشار التربوي في ديوان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، محمد ذياب الموسى، من واضعي حجر الأساس في بناء التعليم النظامي في الدولة، فقد عاصر مراحل تطور بناء المؤسسات التعليمية في عهودها المختلفة.

ففي مطلع الستينات، جاءت البعثة التعليمية الأولى إلى أبوظبي من الأردن، وكانت سبقتها بعثات عدة من الكويت. ويتذكر الموسى بداية مسيرته التعليمية في الإمارات، فيقول: «جئت إلى الإمارات في 1954 لأواصل ما بدأه أساتذة قدموا من الكويت لتأسيس المدرسة القاسمية في الشارقة، وهي المدرسة النظامية الأولى في الدولة. وقد كان بناء المدرسة عبارة عن منزل كبير لأحد التجار، وكان يتكون من سبع غرف، وضم لاحقاً مدرستين للبنين والبنات، بعد أن فُصل الجانبان بحاجز من سعف النخيل، جعلنا فيه فراغاً يسمح بالمرور».

أدار الموسى مدرسة البنين التي كانت تشرف كذلك على مدرسة البنات، وساعدته معلمة اسمها شريفة البعبع، تلا ذلك بناء المقر الجديد لمدرسة القاسمية التي كانت تقع في شارع العروبة خلف الموقع الحالي للبنك العربي، وبقيت مدرسة البنات في موقعها، مع تغيير اسمها إلى مدرسة رابعة العدوية. ويصف الموسى تلك الأيام بالصعبة، إذ «لم تتوافر فيها أبسط الإمكانات المطلوبة، لكنها كانت غنية بعزيمة التلاميذ الذين دفعهم فقرهم وأملهم بتغيير واقعهم إلى حب التعليم». ويتذكر أن المدرسة لم يكن لديها المال لشراء طلاء أبيض لاستخدامه في تخطيط ملعب كرة القدم، فتم الاستعاضة عنه بزيت السيارات المحروق.

ويوضح الموسى أن البعثات التعليمية التي استمرت في التوافد على البلاد، على مراحل، تعددت مصادرها، لتشمل الكويت وقطر والأردن ومصر والسعودية والبحرين، وكان كل منها يتبع إدارة مستقلة تطبق نظام ومناهج الدولة الموفِدة للبعثة. ويذكر أن ذلك أدى إلى تداخل في الإشراف على النظام التعليمي، كما حوّل ولاء المعلمين الوظيفي الذين كانوا يتقاضون رواتبهم من الدول الموفِدة لهم. ويشير إلى أن «التطوير في النظام التعليمي في الإمارات لم يتم في عام كما لم يقف عند عام، وأنه بدأ منذ قيام الاتحاد في ،1971 لكن تبعاً للأولويات». ويفيد الموسى بأن الدولة كانت لديها مهام أكثر إلحاحاً من المناهج، وكان عليها أن تبدأ في غضون أشهر قليلة تلت إعلان الاتحاد بالتكفل بدفع رواتب أعضاء الهيئة التعليمية، في خطوة لتوحيد وتوجيه ولائهم نحو دولة الإمارات. ثم يستعيد مراحل التطوير، ويقول: «كان على الدولة تغطية مساحتها الجغرافية بأكملها بالمدارس، التي لم تكن موجودة إلا في المدن الرئيسة وبمستوى متواضع، حيث إن البنية التحتية من مبان وتجهيزات مدرسية لم تكن متوافرة».

ويضيف أنه «على الرغم من اختلاف مصادر مناهج التعليم، فإنها كانت ذات مستوى جيد، لكن ذلك لا يمنع أنه كان لابد في النهاية من توحيد المناهج على مستوى الدولة». وأشار الموسى إلى وضع مشروع المناهج الوطنية حيز التنفيذ في ،1976 والذي على أساسه تم إعداد مناهج وطنية لمواد التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية تحكي عن تاريخ الإمارات، بعد أن كانت كُتب التاريخ، على سبيل المثال، خليطا، وكل منها يركز على تاريخ الدولة الواضعة للمنهج والموفِدة للبعثة.

ويذكر أن الرائد التربوي محمد ذياب الموسى ولد في قرية «كفر عانة» الفلسطينية في ،1933 وتلقى فيها علومه الابتدائية، قبل أن يتوجه للدراسة في الكلية العربية في القدس، والتي كانت أهم وأكبر مدرسة ثانوية في فلسطين، وكان يقتصر القبول فيها على الطلاب المتميزين. وتوجه الموسى إلى الكويت للعمل في التدريس في ،1951 قبل أن ينتقل إلى العمل في الإمارات في 1954.
تويتر