استمرار ظاهرة الذبح خارج المسالخ في أبوظبي

خبراء صحة يطالبون بتكثيف الرقابة في بعض الأماكن التي تنتشر فيها ظاهرة الذبح خارج المقاصب.                     الإمارات اليوم

رصدت «الإمارات اليوم» عدداً كبيراً من حالات ذبح الأضاحي بمختلف أنواعها، خارج مسالخ البلديات في مدينة أبوظبي خلال أيام العيد، على الرغم من تجهيز المقاصب، وعدم رفع رسوم الذبح.

و حذر خبراء صحة، من استمرار ظاهرة الذبح خارج المقاصب، فيما أكد سكان أنهم اضطروا لهذا السلوك لعدم وجود مقاصب قريبة منهم.

وكشف مدير إدارة المسالخ خليفة الرميثي، أن «إجمالي الذبائح التي تم التخلص منها خلال الأيام الثلاثة الماضية بلغ نحو 20 ذبيحة كانت معظمها مصابة بالدودة الشريطية، التي تم اكتشافها بعد الذبح من قبل الأطباء البيطريين».

وتوقع الرميثي، أن يبلغ إجمالي الذبائح داخل المقاصب في ابوظبي نحو 14.5 ألف أضحية مع نهاية العمل أمس، منها نحو 7000 في مسلخ أبوظبي، إضافة إلى 6000 في مسلخ بني ياس، ونحو 1500 في مسلخ الشهامة، لافتاً إلى لجوء بعض الأشخاص إلى الذبح في البيوت وفي الأماكن العامة ما يهدد صحتهم بالخطر نظراً للأخطار الطبية التي قد يتعرضون لها في حال كانت الذبيحة مصابة بأمراض.

وأشار الرميثي إلى أن «البلدية ناشدت الجماهير خلال الأيام السابقة للعيد من خلال وسائل الإعلام كافة بضرورة الالتزام بالذبح من خلال المسالخ الرسمية للوقاية من المخاطر الصحية، وحددت رسوماً رمزية للذبح قدرها 15 درهماً لرأس الضأن والماعز و40 درهماً للعجول الصغيرة و60 درهماً للأبقار والجمال الكبيرة، وتتضمن الذبح والسلخ وتقطيع الذبيحة إلى أجزاء»، مؤكداً توافر عدد كافٍ من القصابين المعتمدين.

وذكر أن نحو 170 قصاباً يعملون بالمسلخ منذ السابعة والنصف صباحاً وحتى السابعة مساء حتى يتم التعامل مع ظروف التكدس والازدحام كافة، إذ تم اختبار هؤلاء القصابين على الذبح بحسب الشريعة الإسلامية، إضافة إلى ستة أطباء بيطريين.

وحول كيفية سير العمل في أول أيام العيد قال الرميثي، إن المسلخ نفذ خلال ساعات الصباح الأولى وحتى الثانية عشرة ظهراً نحو 2500 عملية ذبح ووصل العدد مع نهاية اليوم إلى نحو 4000 رأس بخلاف العجول والأبقار والجمال، وعموماً لم يشهد المسلخ حالات تكدس سوى في أول ساعتين من العمل، إذ لا يمكن لأي مسلخ أن يذبح 4000 رأس في وقت واحد، لكن الازدحام بدأ يختفي تدريجياً.

وحول ضياع بعض الأضحيات من أصحابها أثناء عملية الذبح أشار الرميثي إلى أن «هناك بعض الحالات القليلة التي تاهت ذبائحها داخل المسلخ لأن أصحابها لم يحصلوا على رقم القصاب الذي سيقوم بذبحها ولكن سرعان ما تم التعامل مع هذه الحالات وتم العثور على أضحياتهم».

من جهة أخرى، قال الطبيب البيطري أحمد علي، إن جهود الجهات الرسمية كافة لم تقض على ظاهرة الذبح في الشوارع، أو الاعتماد على القصابين الجوالين خصوصاً في المدن التي تقع خارج مدينة أبوظبي، على الرغم من أن القصابين الجائلين يحصلون على أضعاف الرسوم التي تفرضها البلدية بمتوسط قدره 75 درهماً للضأن، و150 درهماً للعجل والجمل الصغير، إضافة إلى جزء من لحم الأضحية الذي يمنحه له صاحبها، وغالباً ما يكون قصاب الشارع عاملاً في مهنة أخرى لا علاقة لها بالقصابة، وإنما يعدها مهنة موسمية تدر عليه دخلاً في أيام العيد. فيما أكّد خبير الصحة العامة، الدكتور شعبان إبراهيم، أن استمرار ظاهرة الاستعانة بقصابي الشوارع للذبح في البيت أو في الشوارع ينطوي على خطورة كبيرة لأن الذبيحة نفسها لابد أن يتم الكشف الطبي عليها، قبل الذبح وبعده، لتحديد ما إذا كانت مريضة أو سليمة، إذ يمكن أن تكون الذبيحة مريضة من دون أن تظهر آثار المرض عليها، إلى جانب أن بعض الحيوانات قد تكون مصابة في أحد أعضائها فقط، بما يحتم استبعاد هذا العضو والاستفادة ببقية اللحم وهي أمور لا يمكن أن يكتشفها سوى الطبيب البيطري الذي توفره المسالخ.

وطالب شعبان بتكثيف الرقابة في بعض الأماكن التي تنتشر فيها هذه الظاهرة وتوقيع غرامات كبيرة على المخالفين لدفعهم للالتزام، مشيراً إلى المظهر غير الحضاري للقصابين في الشوارع بملابسهم الرثة والدماء التي تغطيها، والروائح الكريهة التي ينشرونها، وكذا بعض أسلحة الذبح التي يستخدمونها والتي غالباً ما تكون قديمة وصدئة، وغير مناسبة لطبيعة المهمة، موضحاً أنه لابد من الكشف الطبي الشامل على القصاب قبل قيامه بالذبح للتأكّد من خلوه من الأمراض.

وقال سكان إنهم اضطروا للذبح في الشارع أو في ساحات مفتوحة نظراً لعدم توافر مسالخ قريبة، وقالت المواطنة زينب «أم محمد» إنها تسكن في مدينة خليفة الشمالية ولا تستطيع أن تحمل أضحيتها إلى مدينة أبوظبي لذبحها في المسلخ نظراً للازدحام الشديد منذ الساعات الأولى للعيد، موضحة أن عملية الذبح تستغرق أحياناً أكثر من ثلاث ساعات بما يعني ضياع نصف اليوم الأول من العيد في ذبح الأضحية.

أما جميلة زياد، فاعتبرت ذبح الضحية في المنزل عادة مرتبطة بفرحة عيد الأضحى، قائلة إن «أول ما يفعله زوجها صباح أول أيام العيد هو اصطحاب أحد القصابين لذبح الأضحية للإفطار بالكبد، موضحة أن زوجها استقدم القصّاب من المذبح، إذ يقف بعض القصابين عند حظائر الماشية، ويذبحون بالطريقة نفسها التي يتبعها قصابو المذبح، من ذبح وسلخ وتقطيع، وهم،حسب رأيها- أكثر اهتماماً بالذبيحة لأن قصاب المسلخ مطالب بسرعة الانتهاء من عمله ليعمل على ذبيحة أخرى نظراً للتكدس الكبير في أعداد الأضاحي.

ورفض سامح مغير، موظف، الاستعانة بأي من هؤلاء القصابين تحت أي ذريعة قائلاً إن الأضحية يمكن ذبحها في أي يوم من أيام العيد، ومن ثم فلا داعي للاستعانة بقصاب لا أحد يعرفه، لافتاً إلى أن مشهد الأضاحي الملقاة على الأرصفة يصيب النفس بالاشمئزاز، خصوصاً أن بعض القصابين الجائلين يتمركزون بجانب صناديق القمامة حتى يلقون فضلات الذبح داخلها ما يفرش الأرض بالدماء وينشر الروائح الكريهة في المساكن المحيطة .

وأضاف أنه جرّب في إحدى السنوات الاستعانة بقصاب من الشارع بناء على نصيحة أحد الأصدقاء، وعلى الرغم من أنه اتفق على مبلغ مالي أكبر مما يستحقه إلا أنه اكتشف قلة خبرته إذ شوه «الفروة» أثناء عمليـة السلخ وعدم درايته بكيفيـة التقطيع.

وقال عبد محمد عبدالعاطي، إن سبب لجوئه إلى مثل هؤلاء القصابين على الرغم من أنه يشتري الأضحية من السوق المجاورة للمسلخ، من قبيل العادة والتقليد الذي دأبت عليه الأسرة.

مخالفات ذبح

قال مسؤول في بلدية أبوظبي إن مفتشي مظهر المدينة أحصوا عدداً كبيراً من المخالفات الخاصة بالذبح في شوارع المدينة، ووقعوا كثيراً من الغرامات على أصحاب الأضحيات والقصابين -500 درهم للمخالفة- في أماكن عدة في أبوظبي، موضحاً أن «هناك صعوبة تتمثل في عدم قدرة العدد المحدود من المفتشين على الوجود في كل ربوع المدينة في وقت واحد، علماً بأنهم يعملون منذ السادسة صباحاً، وانتقد عدم تجاوب الجمهور مع رسائل التوجيه التي تم إطلاقها على مدار الأيام الماضية، ورفض أن يكون هناك سبب محدد لعدم ذهابهم إلى المسالخ الرسمية.

وكانت بلدية أبوظبي قد رفعت الطاقة الاستيعابية للمسالخ وكثفت جداول المناوبات وإجازات العاملين، وقررت بدء العمل بالمسالخ بداية من السابعة صباحاً وحتى السابعة مساء، للقضاء على ظاهرة التكدس داخل المسلخ، إضافة إلى حملة توعية شاركت فيها هيئة الأوقاف الإسلامية لدفع الجماهير بعدم التقيد بالذبح خلال الساعات الأولى من العيد فقط، إذ تمتد الفريضة إلى آخر أيام العيد.

وتوقع المدير التنفيذي لقطاع خدمات البلدية، عويضة القبيسي أن يصل عدد الأضاحي خلال العيد في مسالخ مدينة أبوظبي كافة إلى أكثر من 15 ألف رأس، مشيراً إلى رفع جهوزية وطاقة المسالخ بالتنسيق مع الشركات المتعهدة بالذبح لزيادة عدد القصابين، إذ تم زيادة عدد القصابين بـ150 قصاباً إضافياً، إضافة إلى100 قصاب في مسلخ بني ياس و50 في مدينة الشهامة، كما تم تجهيز صالة الذبح الثانية في مسلخ أبوظبي بمنطقة الميناء ليستوعب أية زيادة طارئة في أعداد الذبائح.

تويتر