الجلاف يطالب بتقييد صلاحيات الموظفين

معدّل جرائم الرشوة في دبي متدنٍ للغاية مقارنة بالمعدّل العالمي. تصوير: آشوك فيرما

طالب مدير إدارة الرقابة الجنائية في الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي في شرطة دبي المقدم جمال الجلاف بتوفير نظام رقابة على الموظفين بدرجاتهم كافة «لتلافي تعرضهم لمغريات تدفعهم إلى ارتكاب جرائم فساد إداري، أو رشوة»، لافتاً إلى تورط موظفين في جرائم من هذا النوع.

وقال خلال ورشة عمل نظمتها أكاديمية شرطة دبي تحت عنوان «المصادر السرية لكشف الفساد والمخالفات المالية والإدارية» إن «منح الموظفين الحرية الكاملة في التصرف في المعاملات، سواء في فئة الكبار أم الصغار منهم، يؤدي إلى حدوث تجاوزات»، مشيراً إلى أن توفير نظام رقابي سيحد من فرص حدوث اختلاسات أو تجاوزات.

وأضاف أن تورط صغار الموظفين في الحصول على رشوة يرجع عادة إلى حاجتهم المالية. وغالبيتهم يعملون في دوائر خدمية، وبالرغم من صغر الوظيفة التي يعملون فيها، إلا أنهم يملكون الصلاحية الكاملة لإتمام المعاملة، وهذا ما يورط بعضهم في الفساد.

وأكد الجلاف خلال محاضرته في الورشة أن معدل جرائم الرشوة في دبي متدنٍ للغاية مقارنة بالمعدل العالمي، عازيا ذلك إلى أسباب عدة، منها ارتفاع مستويات رواتب الموظفين مقارنة ببقية دول المنطقة، ووجود نظام جيد للحوافز والمكافآت، فضلا عن أن العادات والتقاليد التي لاتزال تحكم المجتمع الإماراتي تلعب دوراً في منع الموظفين في الوقوع في الشبهات أو ارتكاب جرائم تسيء إلى سمعتهم بين ذويهم، إضافة إلى الوازع الديني.

وأشار إلى ضبط حالات قليلة خلال العام الجاري لموظفين تعاطوا رشوة، أو ارتكبوا جرائم فساد مالي من خلال وظائفهم. ومنهم شخص اختلس بطاقات صرف البترول التي توفرها شركته، ودأب على تحويلها إلى نقود بالتعاون مع عمال في إحدى محطات البترول، مقابل عمولة.

وشملت قضايا الفساد الإداري كذلك موظف بنوك تلقى اتصالاً من امرأة يفيد بوجود مغلف يحوي مالاً في إحدى ماكينات الإيداع التابعة للبنك، فتوجه بنفسه، واستخدم قلماً لإخراج المغلف الذي كان يحوي 19 ألف درهم، اختلسها لنفسه. وتبين أن أحد الأشخاص أودعها من دون أن يتأكد من نجاح عملية الإيداع. وأحيل الموظف إلى النيابة بتهمة الاستيلاء على المال العام.

وسجلت شرطة دبي خلال الشهور التسعة الماضية من العام الجاري، وفق بياناتها، 36 قضية رشوة، غالبيتها لأشخاص عرضوا رشاوى على موظفين حكوميين، فيما لم يتجاوز معدل حصول الموظفين على رشاوى نسبة قليلة جداً منهم. وشهد العام الماضي تسجيل 37 قضية رشوة.

وأوضح الجلاف خلال محاضرته، أن جرائم الرشوة تتنوع بين تهمة عرض رشوة، أو التوسط فيها، وتهمة الحصول على رشوة، أو استيلاء موظف بغير حق على المال العام، لافتا إلى أن المادة 234 من القانون الاتحادي تعاقب بالسجن أي موظف طلب لنفسه، أو لغيره، عطية من أي نوع، أو وعد بشيء بمقابل، أو امتنع عن العمل إخلالاً بواجبات وظيفته.

وذكر الجلاف أن الرشوة لا تكون مالية فقط، لكن لها أشكالاً عدة، منها توظيف شخص ما مقابل إنجاز معاملة، أو الحصول على متعة جنسية، أو قضاء سهرة في مكان، لافتاً إلى أن شرطة دبي تتمتع بخبرة كافية تمكنها من رصد الأشخاص الذين يستغلون وظائفهم في التربح بشكل غير مشروع.

وتابع أن «غالبية المتورطين في قضايا رشوة وفساد من جنسيات آسيوية».

وأفاد بأن غالبية الأشخاص الذين ضبطوا بتهم عرض رشوة كانوا يستهدفون موظفين حكوميين، خصوصا في الدوائر الخدمية، مثل البلدية، والمطار، ورجال المرور. وقال إن هناك جوانب بارزة في هذه المسألة، وهي أن فئة تسيطر عليها ثقافة الرشوة السائدة في بلادها، فتعتقد بأن موظف الحكومة يمكنه التجاوز عن أي شيء إذا تلقى رشوة.

وتحدث الجلاف عن موظف في أحد الموانئ عرضت عليه ثلاث سبائك ذهبية حتى يسمح بإدخال بضاعة بشكل غير شرعي إلى دبي، ولكنه رفض، وأصر على تطبيق القانون. وموظف آخر عرض عليه سائق كان يهرّب ركاباً، رشوة مالية، فجاراه وصوّره، لإثبات التهمة عليه.

ومن أحدث عمليات الرشوة قضية تم تسجيلها لامرأة من جنسية آسيوية تمتلك مركزاً للتدليك، عرضت رشوة على موظف سجل عدداً من المخالفات ضدها، فتظاهر بالقبول، واتفق معها بالتنسيق مع الجهات المختصة على تسليم الرشوة، وأعدت الشرطة كميناً لضبطها أثناء عملية تسليم الرشوة.
تويتر