محمد البواردي: بيئة المكان تحمي مستقبله

على الرغم من تخصصه في العلوم السياسية والتاريخية في كلية لويس آند كلارك الأميركية عام ،1981 فإن محمد أحمد البواردي الذي يشغل حالياً واحداً من أهم المناصب القيادية في إمارة أبوظبي، الأمين العام لمجلسها التنفيذي، أصبح أحد أهم ناشطي البيئة، ومسؤولاً بارزاً يتصدى للدفاع عن مكانة الدولة في هذا المجال، لأن بيئة المكان، في رأيه، تحمي المستقبل بقوة وثبات.

فقد رأى البواردي في مرحلة مبكرة من حياته العملية، أن الطبيعة الخلابة في الدولة في حاجة إلى حماية من نوع خاص، بما تحتوي عليه من كائنات حية وحيوانات نادرة مهددة بالانقراض، ولذلك، لم يدخر جهداً لتحتفظ بكامل بكارتها ونضارتها، لتصبح مثالاً لغيرها من المدن في أنحاء العالم كافة. ويقول البواردي في إحدى كلماته «لدينا موارد محدودة على هذه الأرض التي نعيش عليها جميعاً، وعلى الرغم من ذلك، فهي كافية لنا ولأجيالنا القادمة، إذا قمنا باستخدامها بحكمة وتوازن». هذه هي القناعة التي عمل البواردي من خلالها في سعيه إلى تحقيق كل استفادة ممكنة من أية موارد تتمتع بها الإمارة وتحويلها إلى طاقة متجددة تفيد الأجيال القادمة.

الرجل نادر الحضور في الصحافة ووسائل والإعلام، لكن طبيعة نشاطاته سلّطت عليه الأضواء كشخصية تبحث عنها الكاميرات، سعياً وراء خبر عن مشروع أو فكرة جديدة.

يعد البواردي أحد مهندسي المستقبل لإمارة أبوظبي، إذ يتولى أمانة أهم جهاز حكومي في الإمارة، الجهاز التنفيذي، وهو الجهة الرئيسة المسؤولة عن تيسير ومتابعة شؤون الحكومة في الإمارة، ووضع الخطط والإشراف على استراتيجيات مؤسساتها، وكان له دور محوري في إعادة هيكلة الجهاز الحكومي في الإمارة بكامله، وتخطيط الاستراتيجية الطموحة للإمارة، التي ستضعها خلال العقدين المقبلين في طليعة أهم المدن اقتصادياً وتنموياً في العالم، إلى جانب دوره المهم في وضع السياسة العامة لإمارة أبوظبي، ورئاسة لجنة تنمية المنطقة الغربية التي تشهد حالياً ثورة تنموية في البنية الأساسية والخدمات والمرافق والأنشطة الاقتصادية.

ويشغل البواردي، إلى جانب مسؤولياته في المجلس التنفيذي، مناصب حيوية أخرى في القطاعين العام والخاص، من بينها رئاسة جائزة أبوظبي للأداء الحكومي المتميز، وهي مبادرة استراتيجية تهدف إلى الارتقاء بأداء المؤسسات الحكومية، وفق معايير عالمية فريدة ومتميزة.

ويقول «يجب علينا دائماً أن نتعلم من تجارب غيرنا، ليسَ فقط لنتمكن من تنمية قدراتنا البشرية والمادية، ولكن، لكي نحقق طموحاتنا في التقدم بطريقة تحافظ على توازن مجتمعاتنا ونقاء بيئتنا، وصَوْن تراثنا وقيمنا الموروثة عن أسلافنا».

وكانت مجموعة القرارات التي اتخذتها هيئة البيئة خلال فترة عمله فيها من أهم المبادرات العالمية التي هدفت إلى الحفاظ على أنواع من الحيوانات النادرة من الانقراض، مثل طيور الحبارى الآسيوية والإفريقية والصقر الحر والمها العربي وأبقار البحر والسلاحف البحرية، كما كان له دور بارز في أن تكون الإمارات عضواً في اتفاقية الاتجار الدولي في النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض (سايتس) وإصدار عدد من القوانين وتحديد السلطات الإدارية والعلمية المختصة، وكذلك إصدار وثيقة ملكية أصبحت الأولى من نوعها في العالم، لتكون بمثابة جواز سفر للصقور عبر المحيطات.

وقام البواردي بدور فريد في صياغة وتوجيه عمليات تنفيذ مبادرات بيئية فريدة عديدة، مثل الاستراتيجية البيئية لإمارة أبوظبي والاستراتيجية العالمية للحفاظ على الصقور والحبارى، ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية، واستراتيجية المحافظة على الصقر الحر . وكانت المؤسسات المعنية بالشأن البيئي والتي عمل على إطلاقها إحدى دعائم حماية البيئة في المنطقة العربية كافة، ومن أهما جمعية الإمارات للحياة الفطرية، التي مازال يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها، وعضوية هيئة أبوظبي للبيئة، ومركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية في المغرب، ونادي صقاري الإمارات، حيث يشغل نائب رئيس مجلس إدارته، والصندوق العالمي للحفاظ على الحبارى، نائباً لرئيسه. ويقول المواردي أيضاً «إن النهضة البيئية الشاملة التي قادتها إمارة أبوظبي جعلت منها واحدة من عواصم الإشعاع البيئي ونموذجاً للمبادرات البيئية المتفردة، وهو ما أهلها لأن تكون مقراً لإطلاق التقرير الأول حول البيئة العربية وتحديات المستقبل».

ويقول كذلك «فلنجعل من إمكانياتنا، فرصة لبناء حكومة حديثة، فاعلة ومُتميزة، ولنبن اقتصاداً منفتحاً ومرناً، ولنبقِ مجتمعنا آمناً مُستقراً».
تويتر