مقيمون يتكيّفون مع «الأزمة» وينتـظرون انخفاض الإيجارات
أفاد عاملون وموظفون في مختلف المؤسسات العاملة في الدولة، بأنهم لا يفكرون في مغادرة البلاد على ضوء الأزمة المالية العالمية، وأن الأزمة ستمر على الرغم من بعض الصعوبات، مشيرين إلى أنه على الرغم من بعض الأخبار التي تتناقلها وسائل اعلام عن فصل موظفين من اعمالهم، إلا أن ثقتهم بقدرة الإمارات على تجاوز الأزمة، كبير. في الوقت الذي اعرب فيه الخبير الاقتصادي، نجيب الشامسي عن اعتقاده بأن هذه الأزمة ليست كلها ذات نتائج وأبعاد سلبية، خصوصاً أن هناك تراجعاً في معدلات التضخم في الإمارات، ما يعني أن المواطن والمقيم، يمكن أن يجد مسكناً بسهولة وبحدود إمكاناته المالية، كما يمكن أن يجد أيضاً سلعاً ومواد غذائية واستهلاكية ضمن حدود وضعه المالي». ونصح المقيمين بالبقاء في الإمارات، لافتاً إلى أن «الأزمة هنا يتجلى فيها البعد النفسي أكثر من أي بعد آخر، على الرغم من تضرر كثيرين، خصوصاً المقترضين من البنوك الذين اندفعوا نحو الأسواق المالية والأسهم، والعقارات، لكن الضرر يمكن تجاوزه». ونصح الشامسي العرب المقيمين في الدولة بالاستمرار في اعمالهم كالمعتاد، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الإمارات قادرة على امتصاص الأزمة والصدمة الناجمة عنها، وبالإمكان تجاوزها».
وكان مسؤولو شركات مقاولات ومكاتب عقارية كشفوا لـ«الإمارات اليوم» ان اسعار ايجارات الوحدات السكنية سجلت تراجعاً في معدلاتها بلغ نسباً تراوحت بين 27 و30٪.
وفي التفاصيل، قال صادق طلافحة «معلم مدرسة» «بالتأكيد أثرت الأزمة في أوضاعنا، وسببت نوعاً من القلق على استمرار وجودنا في العمل، لكن الأمر مازال في حدود المخاوف، على الرغم مما نسمعه عن تسريح عمال وموظفين في أكثر من قطاع». وتابع «أخذنا بسياسة شد الأحزمة على البطون، ونحاول تقليص مصروفاتنا وضبطها قدر الإمكان، والعودة إلى البدايات، في الوقت نفسه صرت أخطط لتطوير مهاراتي ومؤهلاتي وتحصيلي العلمي، مع أنني أمتلك شهادة في الماجستير، لكن الفرص مازالت متوافرة في بعض الأماكن التي أعرفها جيداً، إذ إنني لا أفكر بمغادرة البلد ولا أخطط لترحيل أسرتي إلى بلدي، فالأزمة ستمر على الرغم من صعوبتها، وستعود الأمور إلى طبيعتها».
وقال مدير تسويق شركة مواد تجميل محمود عبدالعال «منذ بدايات الأزمة الاقتصادية عملت على تسفير أسرتي لخفض المصروفات، خصوصاً في ما يتعلق بإيجار البيت وأقساط المدارس، وكانت تلك أول خطوة عملية قمت بها، فلدي بيت متواضع في بلدي والتعليم في المدارس هناك مجاناً». وتابع «لم تقف الإجراءات الخاصة بعملية ضبط وتقليص المصروفات عند هذا الحد، إذ أكتفي اليوم بشراء الضروري والأساسي، وقلصت عمليات التسوق في المراكز إلى أقل حد، وبدأت أفكر في التوفير، وهو عملياً الفرق بين المصروفات السابقة، عندما كانت أسرتي معي، والمصروفات الحالية».
الصبر والانتظار
وقال جهاد شريف، موظف في شركة مقاولات «ليس أمامنا غير الصبر والانتظار، فقد مرت علي ظروف قاسية وتمكنت من تجاوزها، وهذه الأزمة لن تختلف عن أزمات سابقة، وسنعبرها بسهولة، ولا أفكر حتى الآن في المغادرة، فمازلت على رأس عملي، وأحاول قدر الإمكان تقليص المصروفات بشتى السبل إلى أن تمر العاصفة». واكتفى أحمد حمدوني، موظف في شركة مقاولات، بالقول إن «الأزمة ستمر على خير، وننتظر أن تنخفض الإيجارات، وبدورنا ليس أمامنا غير شد الأحزمة على البطون، لكني عدلت عن استقدام أسرتي، لعل الأيام المقبلة تشهد انخفاضاً في الإيجارات وعندها سأحضر أسرتي بأسرع وقت ممكن». وقال علي جودة، مترجم «شخصياً لا أشعر بأن للأزمة الاقتصادية التي نقرأ عنها كثيراً، أي تأثير في وضعي ومسار عملي ووظيفتي، والسبب الرئيس في هذا الشعور، قناعتي بأن الرزق ثابت ولا يرتبط بأزمة عابرة هنا أو هناك». وأضاف قائلاً لـ«الإمارات اليوم» «أحياناً أفكر كثيراً في ما أسمعه وأشاهده سواء ما يتعلق بزملاء وأصدقاء لي أو أهلي أيضاً، وكيف يتعاملون مع هذه الأزمة، لكنها بصراحة لم تؤثر في بأية حال من الأحوال، وظروفي مازالت كما هي لم تتغير للأسوأ كما يشير البعض، بل أستطيع القول إنها في تحسن مستمر، والدليل على ذلك زيادة حجم العمل المطلوب إنجازه، وزيادة في راتبي حصلت عليها قبل أيام عدة».
وأعرب أنس عطار الذي يعمل مديراً لموقع إلكتروني إعلامي، عن اعتقاده بأن للأزمة الاقتصادية تأثيرات نفسية فقط، والإيراد المالي للموظف ليس له علاقة بالأحوال الاقتصادية، بل بتميز الموظف، وبالتالي فإن الفرص ستبقى موجودة، ولكن للمتميزين فقط». وتابع «قبل الأزمة كنت أفكر في الزواج، لكن مشكلة الإيجارات وارتفاعها جعلني أؤجل الفكرة، وعلى ضوء الأزمة الاقتصادية عدت أفكر جدياً في الزواج، على اعتبار أن الأمر أصبح أسهل من الفترة السابقة، لأن الإيجارات ستنخفض».
الأزمة لم تصلنا
وقال عاطف حسن، مصمم «لم نتأثر كموظفين وعاملين في شركات ومؤسسات معينة، حيث لم نطرد من عملنا ولم تخفض رواتبنا، وهذا يعني أن الأزمة لم تصلنا حتى الآن، وحقيقة لا يوجد مؤشرات لأن تطالنا، خصوصاً أنني موعود بزيادة راتبي». وتابع قائلاً لـ«الإمارات اليوم» «قد يكون هناك جانب إيجابي للأزمة، حيث من المتوقع أن تنخفض الإيجارات، كالسلع والمواد التموينية والغذائية والسيارات، ما يعني القدرة على توفير بعض المال من جراء الفروق في الأسعار والمصروفات في الأيام السابقة والحالية». لافتاً إلى أن «الأسعار اليوم أصبحت حقيقية وليست كما كانت قبل الأزمة جنونية». وتابع «أستطيع القول إن هذه الأزمة أطاحت أيضاً بكثير من الشركات الوهمية، أو تلك الشركات التي لم يكن لها أي دور فاعل في المجتمع، وفي الأزمات يكون الثبات دائماً للأقوى، وبالتالي سيكون هناك بعد انفراج الأزمة صورة حقيقية للاقتصاد العالمي والمحلي». وأكد حسن «لا أفكر في مغادرة الإمارات، لأنها دولة قادرة على توفير حلول لأي مشكلة، خصوصاً المشكلات الاقتصادية، وبالنسبة لي شخصياً أقوم هذه الأيام بإجراء معاملة استقدام زوجتي وأبنائي لنعيش سوياً في الإمارات».
وبدوره قال المهندس جميل الخطيب مدير شركة مقاولات «تأثرنا كثيراً بالأزمة خصوصاً في ما يتعلق ببعض الأعمال والمشروعات، لكن مازالت لدينا مشروعات قائمة، تضمن لنا الاستمرارية إلى حين وضوح الصورة»، مضيفاً «إنني عينت قبل أيام عدة مهندسين نظراً لحاجتي لهما في بعض المشروعات، لكن هناك تراجعاً عاماً في العمل». ولفت إلى أنه يحاول «تقليص بعض المصروفات والنثريات هنا وهناك إلى أقصى حد، لكني على ثقة بأن الأزمة ستنقشع على المدى المنظور القريب، ولا داعي للقلق أو الخوف».
شرائح المجتمع
ومن جانبه أشار الخبير الاقتصادي نجيب الشامسي، إلى وجود ثلاث شرائح أساسية في المجتمع الإماراتي، اولها المستثمرون والأغنياء الكبار وأصحاب رؤوس الأموال «وهؤلاء تضرروا من الأزمة المالية العالمية، والشريحة الوسطى وهي الأهم والفاعلة والمحركة للنشاط الاقتصادي، وهذه تأثرت أيضاً وينعكس تأثرها بالأزمة بشكل واضح على الوضع الاقتصادي، وهناك أخيراً شريحة صغار المستثمرين والمضاربين في أسواق المال والعقارات والأوراق المالية، وهذه الفئة تأثرت بالتأكيد بالأزمة، خصوصاً أن هذه الشريحة غالباً ما تقترض من البنوك وتودع أيضاً». وتابع «كل هذه الشرائح تأثرت بصيغة أو بأخرى من الأزمة». وأضاف «ما هو معروض في الأسواق كالسيارات والإيجارات مرشح للانخفاض، حيث إن انخفاض الطلب على الأشياء سيؤدي إلى تراجع في الأسعار، وهذا أمر جيد للمواطن والمقيم». وأضاف «ومن إيجابيات الأزمة هنا، أننا سنتخلص من شريحة من العمالة الآسيوية، على ضوء تسريح بعض شركات المقاولات لأعداد منهم».
وتابع «مثل هذه الأمور تشير إلى أن الأزمة المالية العالمية ليست كلها سلبيات، حيث على ضوء هذا المشهد ستتراجع الأسعار، خصوصاً أننا صرنا نلحظ عروض إيجارات بأسعار مناسبة».
وقال «هذه السنة فقط قد تكون صعبة، لكن الأمور ستتحسن في الأيام المقبلة». وأضاف «أتصور أننا في الإمارات خصوصاً والخليج عموماً، سنتجاوز الأزمة وتبعاتها بشكل أسرع من غيرنا، فهي أساساً أزمة مالية وأزمة سيولة وليست أزمة اقتصادية، وبالتالي فإن مسألة تجاوزها ستكون سهلة، حيث إننا نمتلك سيولة جيدة، وليس أدل على ذلك من التحرك السريع لدعم البنوك، فقد ضخت أبوظبي في بنوكها نحو 16 مليار درهم، كما دعم البنك المركزي ووزارة المالية البنوك بنحو 70 مليار درهم». وتابع «لكن المشكلة تكمن في وعي الناس، وضرورة أن نتعلم من تجاربنا ولا داعي للانفعال أو الاندفاع، فقد تعرضنا لأزمات سابقة، كما حدث في العام 1985 عندما كانت تتأخر الرواتب شهراً ونصف الشهر، لكننا تجاوزناها، فالمهم أن نعي الدرس ونتعلم، فالمقبل على العالم كله أزمات أخرى أشد، فكيف ستكون المواجهة إن لم نتعلم؟! فهناك أزمة الغذاء وغيرها، ومن الضروري أن نعي الدرس دوماً».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news