آلية لتحويل «الصحافة الأخلاقية» إلى ممارسات عملية

المشاركون بحثوا التحديات التي تواجه اتحادات الصحافيين والحرية المسؤولة. تصوير: أشرف العمرة

أعلن أمس، ممثلو 20 نقابة صحافيين في دول المنطقة، إطلاق مبادرة الصحافة الأخلاقية، في ختام مؤتمر دبي الذي نظمته جمعية الصحافيين والاتحاد الدولي للصحافيين، وعليها تم تأسيس لجنة تنسيق لمتابعة تنفيذها على المستوى الإقليمي، ووضع آلية لتحويل «الصحافة الأخلاقية» إلى ممارسات عملية، وتأسيس مكتب للاتحاد الدولي للصحافيين في المنامة لمتابعة تنفيذ البرامج العملية التي تقترحها المبادرة.

وقال ممثل الاتحاد الدولي للصحافيين منير زعرور: إن «الصحافة في المنطقة مازالت تواجه تضييقات على مستويات عدة، ومازال الصحافيون يدافعون ويناضلون من أجل تحصيل حقوقهم الأساسية التي كفلتها القوانين والمرجعيات الدولية»، غير أن المهنيين الإعلاميين على الرغم من كل الظروف فإنهم يعلنون من خلال ممثليهم في نقابات وجمعيات الصحافيين تمسكهم بمهنتهم ومبادئها وقيمها».

وتابع «لقد اجتمعنا هنا، تحاورنا، اتفقنا واختلفنا، ووصل مؤتمرنا إلى نهايته من دون أن نصدر بياناً ختامياً، ولكن اتفقنا على ما هو أهم من البيان الختامي، اتفقنا أن نبدأ العمل في تنفيذ برامج وأنشطة لجعل الصحافة الأخلاقية ممارسات عملية نطبقها على الأرض». وتطرق المؤتمر في يومه الثاني إلى وضع الأسس لإعلام قابل للمحاسبة من التنظيم الذاتي ومحاسبة الصحافيين، ومسؤولية المؤسسات الإعلامية، وتحديات اتحادات الصحافيين.

وتساءل نقيب الصحافيين الأردنيين ورئيس لجنة الحريات في اتحاد الصحافيين العرب عبدالوهاب زغيلات، عن جدوى المؤتمرات التي ناقشت حرية الصحافة في العالم العربي، مشيراً إلى أن «عشرات المؤتمرات لم تغيّر شيئاً في واقع الحال، فالدول العربية لا تعرف حرية الصحافة، وغير معنية بتحقيقها»، واعتبر أن «المؤتمرات لا تشير إلى ضرورة الالتزام بالمهنية الصحافية»، طارحاً سؤاله «أية حرية من دون مهنية صحافية؟».

كما تحدث عن الاستقلالية في الصحافة العربية، مؤكداً أن هذا «المفهوم غير متحقق اطلاقاً في الدول العربية، من الأردن إلى الكويت إلى لبنان «لأن الصحف مرتبطة إما بدول أو تيارات سياسية، أو اقتصادية» ما يجعلها غير قادرة على تحقيق أبسط معاني الاستقلالية، وفق قوله «الصحافي يمارس بحقه ضغوطات إما بتطبيق قانون المطبوعات الصحافية، أو قطع رزقه».

وانتقد زغيلات الصحافة الأوروبية «لست مقتنعاً بالحريات الصحافية المستوردة»، واعتبر أنها تتعامل بفوقية مهنية مع الصحافة العربية، وقال «نحن والأوروبيون نعاني من أزمة في حرية الصحافة ونبحث عنها، ويجب عليهم أن يعرفوا ذلك، ويتعاملوا معه بصفته واقعا»، مدللاً على رأيه بـ«إغلاق مكتب الجزيرة في العراق، وقتل الصحافيين في بغداد وفلسطين» وتساءل زغيلات «كيف نتحدث عن أخلاقيات الصحافة في الوقت الذي لا تطبق فيه مواثيق الشرف الصحافي؟»، واصفاً الصحافة العربية بأنها «مرعوبة».

وفي السياق ذاته، رأى نائب رئيس اتحاد العاملين في الاتصالات والورق في كندا بيتر مردوخ أن «المسؤولية الأخلاقية التي تقع على عاتق الصحافة تجاه القراء هي إخبارهم بآثار الأزمة الاقتصادية» معتبراً أن «الصحافة تخشى التحدث عن الأزمات العالمية، وتتحدث عن الأزمة المالية على اعتبار أنها أزمة بيئية مثل كارثة تسونامي، ولم تطرق لكونها انهياراً أخلاقياً وليس اقتصادياً، لأنها نتجت عن سلوك أشخاص معينين». واعتبر أن تناول الصحافة الحالية للأزمة المالية «عمل غير أخلاقي»، مشيراً إلى أن ذلك العمل خلّف «قبول عالمي وخطة إنقاذ اقتصادي بمليارات الدولارات، لكنها ستؤدي في النهاية إلى التضخم، والعلاج ستنتج عنه زيادة المرض، وآثار الأزمة ستؤدي إلى أعمال شغب واضطرابات وحروب»، مطالباً بـ«إعادة الجانب الأخلاقي للأزمة الاقتصادية، وهذا يتطلب قيام الصحافة بعمل شاق». في الوقت الذي رأى فيه رئيس المجلس الوطني للصحافة في السودان علي شمو ضرورة أن يكون الحوار عربياً دولياً في جميع المؤتمرات، لا كما اعتدنا أن يكون عربياً عربياً» ذلك بهدف توصيل رسالة الصحافيين العرب للغرب، وفق شمو، الذي اعتبر أن «وسائل الإعلام الغربية توجه القوانين الأخلاقية توجيهاً عكسياً ومظللاً»، مدللاً على قوله بالأوصاف التي أطلقها بعض وسائل الإعلام الأجنبية في الحرب على غزّة مثل استبدال الاعتداء بالحرب، والمناضل بالمعتدي».

ومن ناحية أخرى، اعتبر شمو أن «العقوبة عادة قائمة على المؤسسة الصحافية وليس على الصحافي نفسه في حال عدم التزامه بأخلاقيات مهنته»، مشيراً إلى أن «كثير من الصحافين يقعون في الأخطاء ويفرون للعمل في صحيفة اخرى، والعقوبات تتحملها المؤسسة نفسها»، لافتاً إلى أننا «في حاجة إلى مهنية عالية لخلق صحافة مسؤولة».

تقديم النصح
بناء على المبادرة، سيتم تأسيس مكتب للاتحاد الدولي للصحافيين في المنامة في 11 أبريل المقبل، لمتابعة تنفيذ البرامج العملية التي تقترحها مبادرة الصحافة الأخلاقية، والذي سيتولى تقديم النصح والإرشاد له ولسكرتاريا الاتحاد الدولي للصحافيين المشرفة على عمله، مجلس استشاري اقليمي مشكل من ممثلين عن الجمعيات والنقابات أعضاء الاتحاد في المنطقة.

تويتر