«أم موزة» تهزم الفقر بورشة خياطة

 «أم موزة» نموذج لنقل الأسر من مبدأ الرعاية إلى التنمية الاجتماعية. تصوير: لؤي أبوهيكل

لم تقف المواطنة الإماراتية «أم موزة» طويلاً أمام الظروف المالية الصعبة لأسرتها، فقررت مساعدة زوجها المريض على النهوض بأوضاع أسرتهما. وحين توفي زوجها قبل أشهر، توقفت المساعدة الشهرية التي تتلقاها الأسرة من وزارة الشؤون الاجتماعية. ومع ذلك وجدت هذه المرأة نفسها قادرة على إعالة أسرتها، وكفت بناتها الثلاث «شر العوز والسؤال».

فقد حولت أم موزة بيتها إلى ورشة للخياطة تختص في تفصيل «الشيلات والعبايات» التي أدخلت إليها أكسسوارات حديثة، لتكون أكثر جذباً للراغبات في الشراء. كما اقتحمت عالم العطور فبرعت في تركيب العطور العربية.

وروت أم موزة قصتها لـ«الإمارات اليوم» قائلة إنها تزوجت رجلاً كبير السن، «لديه أولاد من زوجة سابقة، وحين تقاعد عن العمل، طلب مساعدة من وزارة الشؤون الاجتماعية، لكن دخله لم يكن يكفي للقيام بأعباء الأسرتين، لاسيما أن جزءاً من دخله يقتطع لتسديد الديون».

وتابعت «قررت حينذاك أن لا أقف متفرجة وسلبية، ففي هذا الزمن لا يتمكن الرجل وحده من تحمل صعوبات الحياة، خصوصاً أن زوجي كان في وضع صحي لا يمكنه من العمل». فعادت إلى مهنة تعلمتها في مقتبل العمر، هي صناعة «الشيلات والعبايات»، فحولت بيتها المتواضع إلى ورشة عمل. وتلقت مساعدة من بناتها اللاتي تدرس كبراهن في الصف الثالث الإعدادي، والوسطى في الأول الإعدادي و صغراهن في الثالث الابتدائي. وجميعهن ـ وفقاً للوالدة ـ متفوقات.

وأضافت أن ظروف الحياة والغلاء جعلاها تبحث عن عمل لا يضطرها إلى مغادرة المنزل، لتقوم بشكل مباشر على رعاية بناتها «فبدأت تفصيل العبايات والشيلات، وأتقنت إضافة الأكسسوارات، قبل أن أنتقل إلى مرحلة التسويق التي بدأتها في الأهل أولاً، ثم الجيران وبعض الصديقات».

ولم تتوقف أم موزة عند تعلمها الأول لهذه المهنة، بل بدأت تتابع بعض البرامج والمجلات التي تهتم بخطوط الموضة، فطورت نفسها. ولاحقاً أدخلت إلى تجارتها صناعة العطور العربية وتركيبها «المخلط والبخور». ولم تقترب كثيراً من الأنواع المرتفعة الثمن، لأنها مكلفة.

وتقول أم موزة إنها لا تغالي في أسعارها لأنها تستهدف المتسوقين من متوسطي الدخل. و حين سمعت باهتمام وزارة الشؤون الاجتماعية بالأسر المنتجة، سارعت إلى الاستفادة من برامجها، وحصلت على العضوية، مما فتح لمنتجاتها آفاقاً تسويقية جديدة، وخرجت لأول مرة من إطار الأهل والصديقات لتشارك في القرية العالمية، عبر نافذة للبيع تعرض فيها تشكيلة من العبايات وثياب الصلاة وغيرها، وشاركتها في البيع بناتها اللواتي خضن تجربة البيع المباشر لأول مرة في حياتهن، وتمكنّ من جني بعض الأرباح التي تصفها أم موزة بـالمتواضعة «ولكن تحفظ لنا كرامتنا». وذكرت أم موزة أنها لن تتردد في الاشتراك في أي برنامج تدريبي تنفذه وزارة الشؤون الاجتماعية، لأن المهنة التي تعمل بها «لا تتوقف عند حدود معينة، والتطوير من أهم عناصر نجاحها».

وتستعد أم موزة للمشاركة في معارض في العين، ودبي وأبوظبي، وكل ما تتمناه من «الشؤون» تخصيص منافذ تسويقية للأسر المنتجة على مدار العام، كي تستمر هي وغيرها من النساء في تغطية نفقاتهن وإعانتهن على صعوبات الحياة.

وأشارت إلى أنه كان لزوجها دور مهم في دعم الأسرة، لكن وفاته وضعتها أمام تحد جديد، «إذ إن مساعدة الضمان توقفت، وعلى الرغم من ذلك لم أجد نفسي في حال تستدعي طلب المساعدة من أي إنسان، خصوصاً في هذا الزمن الذي أصبح كل شخص محاصراً بهموم ومسؤوليات بالكاد يقوم بها».

ورأت نائبة مدير إدارة الأسر المنتجة في وزارة الشؤون الاجتماعية مريم سالم السلمان، أن أم موزة «نموذج تسعى الوزارة إلى نشره، من خلال تدريب المواطنات، وتأهيلهن وإفساح المجال أمامهن للعمل المنتج، وذلك لنقل الأسر المنتجة من مبدأ الرعاية إلى التنمية الاجتماعية». وتابعت أن عمل المرأة وإحساسها بالمسؤولية «سيؤديان حتماً إلى حماية الأسرة والأولاد من الطلاق الذي أصبح آفة اجتماعية خطرة، لذا فإن الإنتاج وفتح سوق العمل أمام هؤلاء من أولى المهام التي نعمل عليها».

تويتر