الشارع العربي يضرب بوش بحذاء الزيدي

لعبة «تسل واضرب بوش بحذاء» التي راجت في اليومين الماضيين على الإنترنت. الإمارات اليوم

«تعاقد نادي برشلونة الإسباني مع الرئيس الأميركي جورج بوش لحراسة مرمى النادي، بعدما أظهر براعة في صدّ وتلافي الأحذية الطائرة».

هذه رسالة نصية من آلاف الرسائل التي تناقلها المواطنون والعرب في الدولة في الأيام الماضية، في سياق التفاعل مع قذف جورج بوش بفردتي حذاء الصحافي العراقي منتظر الزيدي الأحد الماضي. وفي إطار من مشاعر مختلطة اجتاحت الشارع العربي إزاء الحدث، تلخص في مجملها احتجاجاً على سياسة الولايات المتحدة إزاء البلاد العربية، خصوصاً قضيتي فلسطين والعراق.

وتحرّك الرأي العام في هوامش واسعة للتعبير عن موقفه من بوش وتأييد الزيدي، منطلقاً في سبيل ذلك من خيال شعبي منفلت من سائر القيود المألوفة عربياً، إزاء حرية التعبير، في ظل صمت عربي رسمي، أتاح لوسائل الإعلام الرسمية والمستقلة أن تنقل المشاعر على اختلاف مستوياتها وحدتها إزاء بوش الذي يغادر البيت الأبيض بعد نحو شهر.

كثيرون اعتبروا الحدث فعلاً رمزياً، يجسد بطولة شخصية باسم منتظر الزيدي، ونصراً عاماً باسم العرب جميعاً، وسط غياب الانتصارات الكبيرة.

الرسومات الكاريكاتورية والرسائل النصية عبر الهواتف المتحركة والمنتديات الإلكترونية والمدونات نشطت في هجاء السياسة الأميركية في الأيام الماضية، بفضل فردتي حذاء الزيدي، ورصدت حجم العداء العربي لبوش شخصياً، بصفته مسؤولاً عن قتل أكثر من مليون عراقي، وتأييد إدارته المتطرفة لإسرائيل، وإطلاق يدها في قتل الفلسطينيين وحصارهم في قطاع غزة.

اتساع هوامش التعبير إلى حدود الشتم والشماتة والسخرية من بوش لم تواجهه الدول العربية كالمعتاد بتهمة «الإساءة إلى دولة صديقة» لأسباب عدة، أبرزها انتهاء ولاية بوش، وعلو نبرة الانتقاد ضده في الولايات المتحدة نفسها، وفي صحافتها الرصينة، تحديداً، يُضاف إلى ذلك أن الحدث وقع في العراق، وعلى يد عراقي، استفزه أن يزور بوش بلاده قبل أيام قليلة من مغادرته منصبه، وهو الذي افتعل حرباً ضدها، بناء على أكاذيب، أقرّ بها بوش نفسه.

يُضاف إلى ذلك أن النظام العربي لم يستطع تفعيل قوانين المطبوعات المتشابهة إلى حد كبير بين الدول العربية، بسبب عدم القدرة عملياً على لجم اندفاع مزاج الرأي العام الذي يعاني مرارة الهزيمة والإحباط، ووجد في الحدث فرصة نادرة للتنفيس عن احتقانات كثيرة، قلما يوفرها حدث مثل قذف بوش بفردتي حذاء، ووصفه بـ«الكلب».

فهذا موقع إلكتروني يحوّل الحادثة إلى لعبة للتسلية والتنفيس، ويقول «تسلّ واضرب بوش بحذاء» على www.sockandawe.com، وهذا مدوّن يتساءل عن مصير فردتي الحذاء، وثمة عربي عرض شراءهما بملايين الدولارات، وثالث يسخر من حرب بوش على العراق بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل قائلاً في رسالة نصية: «أصدرت الأمم المتحدة قراراً يقضي بتدمير مصانع الأحذية في العراق، بعد تصنيفها ضمن أسلحة الدمار الشامل».

ولوحظ أن الحدث أعاد الاعتبار أيضاً للنكتة السياسية في العالم العربي، ولكن هذه المرة في أفق علني، تخدمه تقنية الاتصالات السريعة والمتطوّرة والبعيدة عن الرقابة، ويتجاوز المسكوت عنه. فهذه رسالة نصية تضع بوش في سياق عربي، وتتخيل تكرار مصيره، وتلك رسالة تقول إنه «تم سحب جائزة الحذاء الذهبي من اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، ومنحها للصحافي العراقي منتظر الزيدي».

وفي الخلفية، يظل الواقع العربي على حاله، ينتظر حوادث رمزية مشابهة، ويبحث عن العزاء والنصر، وإن يكن في حذاء، ولحظة غضب.

تويتر