تحية إلى محمود درويش من أبوظبي

مارسيل خليفة: الموت لن يحجب حضور محمود درويش. تصوير: مجدي إسكندر


تحت عنوان «تحية لمحمود درويش» تستضيف أبوظبي الحفل الموسيقي الذي يحييه الفنان مارسيل خليفة في فندق قصر الإمارات يومي 6 و7 نوفمبر المقبل وسيتم إهداؤه إلى جمعية «طفلٌ ووعد»، وهي جمعية تعمل لصالح الاطفال الفلسطينيين اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والامسية من تنظيم مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بالتعاون مع هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وسيقام حفل إضافي في الثامن من نوفمبر في دبي تنظمه الجامعة الاميركية وجمعية إغاثة أطفال فلسطين. وسيقوم مارسيل خليفة بتوجيه تحية خاصة إلى روح «توأمه الشاعر محمود درويش»، وذلك من خلال عزفه لمجموعة «الميادين»، والتي تشمل جميع المقطوعات الموسيقية والألحان التي ألفها خليفة لأشعار وقصائد درويش، وتلك التي ألفها لعبقريته الشعرية، وبعض المقطوعات الأصلية التي لم تُعزف من قبل. وقال مارسيل خليفة في المؤتمر الصحافي الذي عقد، امس، في المجمع الثقافي في أبوظبي، ان «الموت لن يستطيع حجب حضور درويش المتواصل بين جمهوره واحبائه». وجاء كلامه بمثابة قصيدة نثرية مميزة رسم من خلالها مدى عمق العلاقة التي ربطته على مدى أكثر من 30 عاماً بالشاعر  الراحل.

 

 وحول تميز درويش في ما قدمه من ابداع خلال مشواره، اكد خليفة «ان الجمهور دائماً يطمئن لما يعرفه، وعند اختراق اطمئنانه تبدأ الاسئلة، وهنا يتجسد دور الفن، فهو يفقد اهميته اذا لم يحدث هذا الاختراق، وهذا ما حققه درويش منذ بداياته، حيث نشأت حالة من التواطؤ بينه وبين الجمهور، وكان همه ان يصل انتاجه إلى الجمهور، وهو ما يسعى اليه كل اديب وشاعر ايضاً، فليس هناك مبدع يكتب لنفسه». وأضاف «اهمية ما قام به محمود درويش تكمن في رفضه في ان يبقى في المكان الذي اراد الناس له ان يوجد فيه، حيث اختار أن يذهب إلى الأفق البعيد آخذاً الجمهور معه، وبذلك يكون درويش قد حقق مشروعه الجمالي، وبالنسبة لي والموسيقى الشيء نفسه، ولكن قد يكون الوضع في الموسيقى أسهل باعتبارها لغة عالمية وتظل مفهومة للجميع».

 

واوضح خليفة ان النصوص الشعرية الملحمية التي قدمها من اشعار درويش وخصوصاً «احمد العربي» استطاعت ان تصل إلى الناس وان يفرحوا بها، مشيراً إلى انه كان من الضروري اتخاذ هذا المسار وان تكون هناك مرحلة تأسيسية في هذا الاتجاه، خصوصاً وان المجال حالياً اصبح مفتوحاً امام الجميع، ولم تعد هناك نخبوية في جمهور الثقافة والفن، «جمهور الحفلات التي اقدمها يتكون من أعمار مختلفة، فأنا لا اسعى لعمل شرخ بين الموسيقى والغناء، فالفن فن وهناك علاقة جدلية بين الاثنين».

 

وعبرت رئيسة مؤسسة مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون هدى كانو عن سعادتها واعتزازها باستهلال موسم فعاليات المجموعة باستضافة فنان بحجم مارسيل خليفة، والذي يعد من رواد تقديم الموسيقى والثقافة للجمهور العام دون اقتصار على نخب معينة. واوضحت تانيا صفير التي تتولى رعاية مؤسسة للأطفال الفلسطينيين اللاجئين في غزة والضفة، «ان مارسيل خليفة يقوم بالإعداد للحفل منذ ما يقرب من عام، وكان من المقرر ان يشارك فيه الشاعر محمود درويش ليتضمن عملاً مسرحياً يجمع بين الشعر والموسيقى والرقص.

 

 

اكتشاف مخطوط شعري للراحل




محمود درويش.
 

كشف أحمد درويش شقيق الشاعر الراحل محمود درويش عن العثور على «مخطوط شعري فيه مجموعة كبيرة ومتنوعة من القصائد غير المعروفة للشاعر الراحل»، وقال درويش «عثرنا على الديوان في مكتب الشاعر الراحل في عمان»، وأضاف «في الديوان  قصيدة أنسب اسم لها «قصيدة الموت» فكما كان انيقاً في حياته أحب ان يكون انيقاً في مماته».

 

وأعرب أحمد درويش عن سعادته بالاحتفاء العربي الكبير في الشاعر الراحل على المستويين الشعبي والرسمي. جاء ذلك في الاحتفالية التي اقيمت  أول من أمس، في رام الله بحضور عبدالرحمن العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ووزيرة الثقافة المغربية ثريا جبران وسفراء عدد من الدول المعتمدين لدى السلطة الوطنية الفلسطينية. وقال رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض «نلتقي في تأبين الشاعر الانسان وتحتشد فينا المشاعر لتخليد سيرته والارادة للسير على طريقه». واقتبس فياض في كلماته مقاطع كثيرة مما قاله درويش في اشعاره واصفاً اياه «سنديانة فلسطين وهويتها الثقافية أنت يا محمود وأحد بناة مشروعها الوطني، طفل بريء يبحث عن دفاتره وألعابه وغده، كنت فارساً جميلاً يحرس الحب والحياة والشعر والمستقبل».

 

وكان درويش حاضراً في الحفل من خلال مقعد بقي فارغاً أمامه طاولة صغيرة وضعت عليها مجموعة من اوراقه ونظارته وخلفها شاشة كبيرة عرضت عليها صور فوتوغرافية لدرويش في مراحل عمرية مختلفة اضافة الى صور لمكتبه واوراقه كما عرضت عليها مقاطع صغيرة من قراءات درويش لأشعاره.

 

ورحل درويش الذي ترجمت اعماله الى ما يزيد على 20 لغة في التاسع من اغسطس الماضي تاركاً أثراً عميقاً في نفوس أصدقائه ومحبيه إثر مضاعفات بعد عملية جراحية في القلب اجراها بمستشفى في ولاية تكساس الاميركية.

 

وقالت وزيرة الثقافة المغربية ثريا جبران بعد أن قرأت رسالة بعث بها الملك المغربي محمد السادس عبر فيها عن الخسارة الكبيرة برحيل درويش الذي اعاد الى الشعر العربي حضوره «محمود درويش موحد للعرب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، القضية الفلسطينية كانت حاضرة في كل اعماله ورحيله خسارة كبيرة لكل الامة العربية وسيظل حاضراً في ذاكرتنا ووعينا ووجداننا ووجدان كل العرب». شارك في حفل التأبين نخبة من الفنانين الفلسطينيين بينهم جورج ابراهيم وروضة سليمان واكرم المالكي ومحمد بكري الذين قرأوا نصوصاً من شعر درويش، اضافة الى تقديم مجموعة من نجوم الغناء، ومنهم ريم تلحمي ومكرم خوري وسناء يونس ومعتصم النتشة وصلات غنائية من كلمات الشاعر الراحل محمود درويش.

 

ووصف الوزير عبدالرحمن العويس في كلمته التي القاها في الحفل درويش بأنه «شاعر العرب والناطق باسم الارض، قلب فلسطين ونبضها، تاريخ قضية وشعب»  وتوجه المشاركون الذين انخرط عدد منهم بالبكاء على رحيل درويش بعد الحفل الذي اقيم في قصر رام الله الثقافي الى ضريحه على بعد امتار ووضعوا الزهور. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اصدر في الايام الماضية مرسوماً رئاسياً لتأسيس «مؤسسة محمود درويش» : لتواصل حمل الرسالة التي من أجلها عاش محمود وكتب وابدع وغنى القصائد الجميلة. وتحتضن تراثه وانجازاته وتؤسس لمستقبل العقل والانفتاح والمعرفة ولتبقي صوت درويش عذباً جميلاً في نفوس أطفالنا وقلوب كل الذين أحبوه.

رام الله ــ رويترز

تويتر