عيد المغتربين.. ذكريات وحنـين إلى الأهل

المغتربين يحمل الكثير من الذكريات والحنين. تصوير: مجدي إسكندر

 يحل العيد في كل عام، حاملا معه البهجة والفرحة الى قلوب الجميع، فهو فرصة لالتقاء الأصدقاء والأقارب، في جلسات غالبا ما ينشغل عنها الإنسان بسبب مشاغل الحياة اليومية. إلا ان عيد المغتربين له معنى آخر، فهو يأتي حاملا معه اللهفة الى الوطن والشوق الى الأهل، والحنين الى تفاصيل اعتادوا عيشها في أوطانهم.

 

عيد المغتربين يكون يوما عاديا لمن ليس له أي أقارب في البلد، اذ يحاول هؤلاء ان يخلقوا جو العيد بالاجتماع إلى الأصدقاء وتبادل الزيارات علهم يشعرون بشيء مما يفتقدون، لكن الغصة تبقى كبيرة في قلوب كثيرين منهم، لاسيما الذين يحملون في أذهانهم كمّاً من الذكريات لا تقوى على محوها سنين الغربة مهما طالت مدتها.

 

بلا بهجة
بدأت ام طارق(عراقية)، حديثها بتنهيدة مع ذكر بيت الشعر المعروف، «عيد بأي حال عدت يا عيد»، ثم تقول «تذهب بهجة العيد لمجرد ان يبتعد الانسان عن بلده وأهله، لذا كيف يمكن ان نعيشه». وتتابع ام طارق «لدينا قسم من العائلة في الامارات لكن عددهم ليس كبيرا، فخال زوجي يعيش في الامارات وكذلك خالتي، لكن مع هذا لا اشعر ببهجة العيد كما كنت اشعر بها في بلدي».

 

وتشرح ام طارق الاختلاف في العادات والتقاليد العراقية في العيد، قائلة، «نعمد في العراق الى الاجتماع في منزل الشخص الكبير أي الاخ الكبير او الاب، ويأتي جميع افراد العائلة الى هذا المنزل، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها العراق اليوم، فإن الناس لم يتخلوا عن هذه العادات التي هي جزء من ثقافتنا، في حين اننا هنا في الامارات نتفق على ان نقضي العيد في احد المنازل، فنجتمع فيه إلى الاصدقاء والاهل».

 

وعن غياب العديد من المظاهر العراقية في العيد تقول ام طارق، «لم نعد نحضر الكليجة العراقية، والتي هي نوع من انواع الحلوى التي نقدمها في العيد، وذلك كون الاجواء العائلية غير متوافرة، بالاضافة الى غياب العيدية، لذا اعتمدنا منذ مدة فكرة تبادل العيدية بيننا كأصدقاء، كي لا يحرم اولادنا من هذه العادات التي لم يعيشوها في الوطن».

 

 وتتابع ام طارق،  «أرى أن الجيل الجديد غير محظوظ، على الرغم من انه يعيش عصر التطور التكنولوجي، لأنه محروم من الدفء العاطفي، لاسيما انه إن وجد احد من افراد العائلة في الامارات، فسيكون في امارة اخرى مما يعني ان الاجتماعات ليست سهلة».

 

عادات عربية متشابهة
هشام محمد(سوداني)، ولد في الامارات، ويعيش مع عائلته، يقول«اعتدت على اجواء العيد في الامارات منذ الطفولة، ولا اذكر اجواء العيد في السودان، كوني قضيت بعض الاعياد في السودان اثناء الطفولة، ولا اعدّ نفسي مغتربا كوني مولودا في الامارات».

 

اما العادات الخاصة بالعيد لدى محمد فيصفها بالقول، «العادات السودانية في العيد لا تختلف عن العادات في العالم العربي، فهي تتمثل في الزيارات الصباحية التي نقوم بها مع الاهل لزيارة الاقارب والاصدقاء، بالاضافة الى اننا نحرص على ان نقدم كعك العيد، وبالطبع لا تغيب المظاهر الاخرى كصلاة العيد والعيدية». 

 

 يعيش عادل الحجي(مغربي)، وحده في دبي، وليس لديه أقارب، لذا يقضي العيد مع الأصدقاء، ويقول «اعتدنا في المغرب في كل عيد ان نستيقظ في الصباح الباكر، ونصلي صلاة العيد، ثم تتجمع العائلة في أحد المنازل لاسيما ان معظم العائلات في المغرب، لا تقيم في المدن نفسها، بل نجدها متفرقة كلاً في مدينة، لذا يكون العيد فرصة لتجتمع العائلات بعضها إلى بعض، ثم ننطلق لنهنئ الأصدقاء».

 

أما كيف يمرّ العيد على الحجي في الإمارات فيقول، «اتصل بأهلي في ليلة العيد لأهنئهم بحلوله، وشخصيا افتقد كثيرا للأهل بصفة خاصة. اقضي الوقت مع أصدقائي على الفطور، ونخرج مع بعضنا ولا اشعر ان هناك شيئا خاصا، فأجده يوما عاديا بالنسبة لي، ولكني أحاول مع أصدقائي تحضير بعض الأطباق في المنزل، كالايطالي والمغربي».

 

 العمل والعيد 
ويقول الأردني علي الطنطاوي «إن العالم العربي كله وطن واحد، لكن يبقى ان بعد الإنسان عن أهله وأصحابه أمر صعب، لذا احرص في كل سنة على الذهاب لقضاء العيد مع عائلتي، كوني أعيش هنا بعيدا عن زوجتي وأولادي الأربعة». ويتابع الطنطاوي، «لا يمكن القول إن هناك ميزة خاصة للعيد مادمنا  اعتدنا الأجواء هناك، حيث إن اجتماع العائلات يعدّ من العادات الموجودة في كل الوطن العربي».

 

 أما هذا العام وبما ان الطنطاوي موجود في «دبي فيستفال سيتي» بحكم عمله، حيث انه يرسم بالرمل على الزجاج، يقول، «لا اعلم إن كنت سأتمكن من زيارة عائلتي هذا العيد، فالعمل قد يتطلب مني البقاء هنا في أيام العيد، مما سيجعل من العيد يوما عمليا عاديا، ولكن ليس متعبا كأيام العمل العادية لأن العمل يبدأ من العصر وليس من الصباح».

 

 يوم عادي
ولا ترى ام حسين(لبنانية)ان العيد في الإمارات له ما يميزه، وتقول، «ارى ان العيد بات يوما عاديا بالنسبة لي منذ ان غادرت لبنان، فالعيد في لبنان له حلة خاصة، وعاداته التي لا يمكن ان ننساها». وتصف اجواء العيد التي تفتقدها في الامارات قائلة، «افتقد اجتماع العائلاة عند الجد او الاب، اذ تجري العادة في لبنان على ان تتناول كل عائلة فطورها في منزلها، قبل ان يجتمعوا في منزل كبير العائلة الذي يقوم بدوره بتوزيع العيدية على الاولاد الذين يجمعون مبالغ جيدة من اعمامهم وأخوالهم، ويكون العيد فرصة بالنسبة لهم لشراء الالعاب التي يشاؤون، حيث تكثر في المحال الصغيرة في الاحياء الالعاب والمفرقعات». وتتابع ام حسين ليس لدي اقارب في الامارات، لذا نكتفي بزيارة بعض الاصدقاء اللبنانيين، كما ان اولادي محرومون من هذه الاجواء التي عشتها في طفولتي».

 

 لكنها لا تغفل بعض التحضيرات الخاصة للعيد، فهي تحاول قدر الامكان ان توجد جوّ العيد في المنزل، «احرص على ان اطبخ طبقاً رئيساً مميّزا في يوم العيد، فكما هو معروف اننا في لبنان نحرص على تناول بعض الاطباق اللبنانية المشهورة، كالملوخية والمشاوي والمحاشي، لذا احرص على ان اقدم للعائلة احد هذه الاطباق في العيد، كون عائلتي صغيرة ولا يمكنني ان اقوم بطهو اكثر من صنف».  وتضيف «في حين ان معمول العيد متوافر ويمكن ان نجده في محال الحلويات اللبنانية، فهذا لا بد من ان نحمله معنا عند زيارة الاصدقاء في يوم العيد».

 

الشعور بالغربة 
  يؤكد الاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور حسين العثمان ان «الشعور بالغربة في العيد يعتمد على طبيعة الشخص ومدى تعلقه واندماجه بالمجتمع المحلي، إذ إن العلاقات الاجتماعية الكثيرة تخفف من الشعور بالغربة، في حين ان المغتربين الذين ليس لديهم روابط اجتماعية يكونون اكثر عيشا لمعنى الغربة». ويتابع، «هناك مظاهر اجتماعية جميلة وهي صلاة العيد، حيث إنها تعد من المظاهر المشتركة التي تقلل الشعور بالغربة». أما عن العادات العربية التي نجد ان فيها بعض التشابه، فقال العثمان،«هناك تشابه عام ولكن نجد اختلافات جوهرية بين كل بلد وآخر، ولذا نجد ان العلاقات الاقوى او حتى الاحتفالات والزيارات غالبا ما تكون بين ابناء البلد الواحد، فنجدهم يرتبون لاحتفالات مشتركة. ولكن هنا على صعيد الامارات هذه الاحتفالات ليست موجودة، خاصة بالنسبة للأطفال الذين يقضون العيد في مراكز التسوق، في حين ان العيد الفعلي لا يكون هكذا ولكنهم مضطرون بسبب طبيعة البلد ومناخها».

تويتر