قطوف

--كان الجاحظ يُجلس ابنه معه يوم الرأس «العرس»، وكان له يوم معروف يأكل فيه رأساً لا محالة. وكان يجلس ابنه معه، ويقول: إياك يا بني ونهم الصبيان، وأخلاق النوائح، ونهش الأعراب. وكل مما يليك، واعلم انه إذا كان في الطعام لقمة كريمة، أو مضغة شهية، أو شيء مستطرف، فإنما ذلك للشيخ المعظم، أو للصبي المدلل، ولست بواحد منهما، وقد قالوا: مدمن اللحم كمدمن الخمر. 


أي بني، عود نفسك الأثرة ومجاهدة الهوى والشهوة، ولا تنهش نهش السباع، ولا تخضم خضم البراذين (دابة للأحمال الثقيلة)، ولا تدمن الأكل إدمان النعاج، ولا تلقم لقم الجمال، فإن الله جعلك إنساناً، فلا تجعل نفسك بهيمة.

 

واحذر صرعة الكظة (الامتلاء) واعلم ان الشبع داعية البشم (التخمة) والبشم داعية السقم، وأن السقم داعية الموت، ومن مات هذه الميتة فقد مات ميتة لئيمة، لأنه قاتل نفسه، وقاتل نفسه ألأم من قاتل غيره.أي بني، والله ما أدى حق الركوع والسجود ذو كظة، ولا خشع لله ذو بطنة، والصوم مصحة، والوجبات عيش الصالحين.
 
تويتر