5 دقائق

سلمان الدوسري

 

هل الشكوى الخليجية من زرع خلايا إيرانية تستحق كل هذه الضجة ؟ بل لنحور السؤال ونقول: لماذا أصلاً لم نتوقع أن تزرع إيران مثل هذه الخلايا المستيقظة وليست النائمة؟ فإذا كانت الحكومة الإيرانية وعلى لسان مسؤوليها الرسميين لا تتوقف عن تهديد دول مجلس التعاون صراحة، فكيف نأمل أن تغفل إيران عن القيام بهذه الخطوة الاستخباراتية؟

 

 أرى أنه من المنطقي أن تقوم طهران بذلك، وعلى الحكومات الخليجية أن تتوقف عن التعامل بالنوايا الحسنة. نحن لا نقول إننا في حالة حرب مع إيران، ولا نتمنى أن نصل لذلك بكل تأكيد، لكن المسؤولين الإيرانيين لم يعلنوا صراحة ولو مرة واحدة أنهم ضد القيام بأي عمل عسكري ضد دول الخليج، بالمقابل أكدت الدول الخليجية مراراً أنها ضد توجيه أي ضربة عسكرية أميركية لجارتها إيران. عليكم قراءة هذه المواقف وربطها بوجود خلايا إيرانية. أيضا عندما تجاهر الحكومة الإيرانية بين الحين والآخر بضربة عسكرية ضد الدول الخليجية، فكيف نستكثر زرعها هذه الخلايا. إيران تبحث لها عن منفذ داخل المجتمعات الخليجية، إذاً فهذا ليس وقت الجدل في وجود العناصر الاستخباراتية الايرانية على ضفاف الخليج العربي يسرحون ويمرحون، إنما علينا العمل على هذا الأساس والتعامل وفق حقائق يفرضها المنطق والعقل، والبحث عن الكيفية المثلى لاستئصال هذا السرطان أينما حل، وليس التعامل وفق تصريح مسؤول خليجي أمني كبير، عندما قال إنه غير قلق من وجود مثل هذه الخلايا في بلاده، ولا يوجد ما يمكن أن يخفى!

 

وهنا يجب التذكير بأنه وعلى الرغم من نوايا الحكومة الإيرانية المفضوحة ضد دول الخليج العربي، إلا أن الجالية الإيرانية التي عاشت في هذه الدول طويلاً، لم يبدر منها ما يعكر صفو المجتمعات الخليجية، بخلاف جنسيات محددة لم تجنِ منها دول الخليج إلا مشكلات أمنية وجرائم. ما أعنيه أن البحث بجدية عن خلايا إيرانية في دول الخليج وملاحقتهم وكشفهم قبل وقوع الفأس في الرأس، لا يعني توجيه اتهامات مفتوحة للإيرانيين الموجودين في الخليج، بل أزيد وأقول إنه ليس شرطا أن يكون كل أعضاء هذه الخلايا من الجنسية الإيرانية، فمن الممكن جدا أن يكون منهم من هو من جنسيات أخرى لم نتوقعها، وأظن أن التاريخ كشف لنا وقائع مشابهة.. فلا نستغرب مثل هذا العمل.

 

من يراقب الأفعال الإيرانية، وليس الأقوال فقط، لا يستغرب قيامها بمثل هذا الفعل الاستخباراتي، ليس لأن من كشف عن زرع الخلايا شخص من داخل الحكومة الإيرانية، أو بالأحرى منشق عنها، وبطريقة شهد شاهد من أهلها، بل لأن الحكومة الإيرانية أثبتت أن تطلعاتها أكبر بكثير من مجرد زرع خلايا هنا أو هناك. لا نتمنى أن تقوم حرب في المنطقة بكل تأكيد، ولا أن توجه ضربة عسكرية لـ«الجار» على الضفة الشرقية من الخليج، غير أن مثل هذه  الحرب إذا ما حدثت، فسنكتشف ما هو أكثر من استيقاظ تلك الخلايا النائمة.. مؤقتاً.

 

ملحوظة*

 تتقدم أسرة تحرير «الإمارات اليوم» بخالص العزاء إلى الكاتب سلمان الدوسري في وفاة والده يوسف بن علي العمور الدوسري في منطقة الخبر بالسعودية. للفقيد الرحمة وللأسرة خالص العزاء.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

ssalmand@gmail.com

 

تويتر