استخدام مفرط للمبيدات في منتجات زراعية

منتجات زراعية تفقد نضارتها بعد مرور بضع ساعات على عرضها.تصوير:محمد حكيم 

قال الاستشاري البيئي في علوم الحشرات وسموم المبيدات في بلدية العين، الدكتور وليد الكعكة،  لـ «الامارات اليوم»  إن هناك إفراطا في استخدام أنواع المبيدات في الزراعة «إذ يجهل غالبية المزارعين الطرق الصحيحة لاستخدامها».

 

وحذر من «السمية المتراكمة» لبقايا المبيدات الكيماوية في المنتجات الغذائية، لافتا الى خطورتها على صحة الإنسان «إذ  إنها السبب المباشر في كثير من الإصابات بأمراض العصر»، مثل الاورام السرطانية بمختلف أنواعها، والفشل الكلوي، وتصلب الشرايين، واضطراب الدورة الدموية. 

 
واستغرب الكعكة «عدم استغلال مختبرات بلديات الدولة في إجراء فحوصات دورية لمعرفة النسب الصحيحة لبقايا المبيدات في الخضروات والفواكه المحلية والمستوردة، على الرغم من كفاءتها العالية».

 

من جانبه، قال جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية إنه يتبع معايير عالمية في تحليل السلع الغذائية، ويستخدم أحدث الأجهزة التحليلية فائقة الحساسية، مؤكدا سلامة كل ما يستهلك من غذاء في الإمارة، مضيفا أن «قبول أو رفض المنتج الزراعي قبل طرحه في الاسواق مرتبط بمدى تطبيق تلك المواصفات».

 

وكان مستهلكون وبائعون قالوا لـ«الإمارات اليوم» إنهم لاحظوا وجود خضار وفواكه في سوق أبوظبي في منطقة الميناء يتغير لونها وطبيعتها ومذاقها بعد مرور وقت قصير على عرضها في محال البيع «ما يؤكد تعرضها لنسب عالية من المبيدات».

 

وقال التاجر محمد خان إن عمله داخل سوق أبوظبي لفترة طويلة، سمح له بملاحظة اصفرار ألوان كميات كبيرة من الخضروات والفواكه بعد ساعات من خروجها للعرض من داخل البرادات.  وتابع أن تفاعل المبيدات الزائد داخل المنتج الزراعي يعجل بتغير لونه ومواصفاته.

 

وأعرب خان عن اعتقاده بأن نسب المبيدات المستخدمة في الزراعة ارتفعت بصورة ملحوظة مقارنة مع الفترة الماضية «إذ كانت الخضروات والفواكه تستغرق وقتا أطول قبل أن تبدأ تغيير لونها».

 

واقترح خان جلب عينات دورية وعشوائية مكثفة من السوق لتحليلها، وعدم الإفراج عما تحمله الشاحنات من منتجات زراعية قبل التأكد من خلوها من المبيدات.      

 

وقال البائع أكبر صديق إن غالبية المنتجات الورقية تفقد نضارتها بعد مرور بضع ساعات على عرضها، ما يدفع بعض الباعة في سوق ابوظبي الى خلط منتجات طازجة بأخرى قديمة خوفا من تكبدهم خسائر فادحة.


أما عامل النظافة نواز كلمار، فأكد أن «رؤية الأبخرة تتصاعد من حاويات نفايات الخضروات والفواكه، تعد مسألة عادية». 

 

وقالت ابتسام العابد (ربة منزل) إنها تتسوق ست مرات شهريا. وفي كل مرة تجد خضروات وفواكه تميل الى الاصفرار، وسرعان ما تفسد. وتابعت أن «البائع يغلف المنتجات بأطباق بلاستيكية. وذلك يعيق المشتري عن تحري مواصفات المنتج بدقة»، مطالبة بـ «دور أكبر لجهاز الرقابة الغذائية وحضور رقابي مكثف خلال شهر رمضان، وبعده».

 

ورأى المواطن محمد المزروعي أن سوق أبوظبي للخضروات والفواكه «خارج نطاق السيطرة»، موضحا أن «وجود المبيدات داخل الاغذية أمر لا يحتاج الى أجهزة رقابية للتأكد منه، فالمواد الكيماوية تعلن عن نفسها من خلال الذبول السريع الذي تتعرض له المنتجات». 


وتابع أن جهاز أبوظبي للرقابة مطالب بإجراء التحليل للمواد الغذائية قبل دخولها الى الأسواق، وإجراء المراقبة الدورية عليها، وإفراغ السوق من الشحنات المشتبه فيها.


وطالب المستهلك ابراهيم دويدار بإنشاء مختبر داخل سوق الخضروات والفواكه في منطقة الميناء في أبوظبي بمواصفات عالمية، يعمل على مدار الساعة لتحليل عينات عشوائية، حفاظا على السلامة العامة.

 

وكانت «الإمارات اليوم» تابعت خلال الفترة الاخيرة دخول كميات كبيرة من الخضروات والفواكه من دول عربية وخليجية مجاورة الى سوق الميناء في أبوظبي لتلبية الطلب المتزايد على المنتجات الغذائية خلال شهر رمضان.

 

ولاحظت بعد جولة ميدانية أن عددا كبيرا من المنتجات الزراعية، مثل الخيار والكوسا والخس والجرجير والبقدونس تفقد ألوانها الطبيعية فعلا بعد مرور بضع ساعات على عرضها في الاسواق».

 

من جانــبه، قال جهــاز أبوظبي للرقابة الغذائية إنه يطبق مواصفــات إماراتية تتضمن المعايير المــسموح بــها من المبيدات في الاغذية والخضروات، استنادا الى نسب عالمية. وأفاد مدير إدارة الاتصال والمعلومات في الجهاز محمد جلال الريايسة بأن هناك حدودا مسموحا بها (حد أعلى) لكل مبيد في المنتج الزراعي، تختلف حسب نوع المنتج.


وأضاف أن الجهاز يستعين بمعايير هيئة دستور الأغذية «الكودكس» المرتبطة بمنظمتي «الصحة العالمية» و«الغذاء والزراعة» الدوليتين. 

 

وأكد الريايسة مسؤولية جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية عن سلامة وجودة كل ما يستهلك من غذاء في الإمارة. متابعا أنه سيجري مسوحات على الأغذية المتعلقة بالرضع والأطفال لضمان عدم وجود تلوث ببقايا المبيدات.


وتوقع ان يبدأ جلب وتحليل مثل هذه العينات حسب الخطة الموضوعة خلال الربعين الثالث والرابع من هذا العام.

 

وقال إن إدارة المختبرات طورت طريقة للكشف عن المبيدات الشائعة الاستخدام في مكافحة آفات النخيل، لخصوصية التمور في الغذاء داخل الإمارات، لافتا الى احتمال وجودها في التمور ومنتجاتها.

 

وأضاف أن هذه الطريقة تهدف لضمان سلامة كل من المنتج والمستهلك، مؤكدا وجود برنامج معمول به منذ سنوات لمراقبة التلوث في بقايا المبيدات في الفاكهة والخضروات المحلية والمستوردة، ولايزال المشروع مستمرا لتغطية أكبر عدد من أنواع المنتجات الزراعية.

 

ويلفت الريايسة الى أن الطرق المستخدمة في التحليل داخل الجهاز تتبع المعايير العالمية، مضيفا أن الكشف عن المبيدات يتم باستخدام أحدث الأجهزة التحليلية فائقة الحساسية.  وأكد أن العمل جار لإضافة أعداد أخرى من المبيدات على قائمة التحاليل المعمول بها حاليا، مشيرا الى أن الكشف عن المبيدات الموجودة في الأغذية بصفة عامة وفي الخضروات والفاكهة بصفة خاصة، يعتبر إحدى المهام الرئيسة للجهاز.  

 

أنواع المبيدات ونسبها 
يوجد قرابة 12 نوعا من المبيدات المستخدمة لوقاية الخضروات والفواكه من الآفات الأكثر شيوعا في المنطقة، وأبرزها: سايبرمسرين، وكلور بيريفوس، سنسويت، ودلتا مسرين.


وتتراوح نسب بقايا المبيد الآمنة لهذه الانواع بين 50 و11 مللغرام في الكيلوغرام للمنتج الغذائي. وتختلف تلك النسب من قيمة الى أخرى بحسب طبيعة كل منتج زراعي.

 

الفحوص المختبرية  
كانت الفحوصات المختبرية في أبوظبي تجرى على المنتجات الزراعية المحلية بصفة موسمية. إذ كان مركز رقابة الاغذية والبيئة التابع لبلدية أبوظبي يحدد نقاطا عشوائية من المزارع ويخضعها للفحوصات، بالتعاون مع الارشاد الزراعي والتسويق في ذلك الوقت.


وامتدت هذه الفحوصات على مستوى أبوظبي والمنطقة الغربية لدحض شائعات مفادها أن المنتج الزراعي المحلي يحتوي على نسبة عالية من المبيدات ولا يصلح للاستخدام الآدمي.

 

وفي المقابل، كانت تجرى فحوصات مماثلة أسبوعيا للخضروات والفواكه المستوردة من دول عربية وأجنبية بهدف التعرف إلى نسب بقايا المبيدات، والتأكد من أنها أقل من المسموح به عالميا. 


وكانت الفحوصات على المنتجات المحلية والمستوردة توفر صدقية وآلية رقابية على الاطراف ذات الصلة. فيما كانت نسب المبيدات مرتفعة في البداية، لكن بعد تشكيل لجنة المراقبة على المبيدات تحت إشراف هيئة البيئة في أبوظبي ووضع قوائم تحدد نسب المبيدات المستخدمة وانتشار الوعي الاستهلاكي، حدث تغير كبير وتراجعت نسب بقايا المبيدات في الاغذية حتى وصلت الى الحدود المسموح بها عالميا، وفقا للريايسة.  

تويتر