الأسهم الإماراتية تعود إلى مسـتويات عام 2005

تدفق السيولة المحلية بحجم كبير يساعد الأسواق المحلية على الخروج من أزمتها.      تصوير: دنيس مالاري 
 
قال خبراء ومحللون إن «أسواق الأسهم الإماراتية عادت إلى مستوياتها قبل ثلاث سنوات مضت أي عام ،2005 وشهدت حالة تشبه الانهيار الاثنين الماضي، إذ انخفض سهم «إعمار» إلى أدنى مستوياته دون السبعة دراهم، قبل أن يرتد قليلاً ليغلق على 7.21 دراهم، ما يعني أن الأجانب قاموا بالبيع المكثف في الساعات الأولى من التداول ثم أعادوا الشراء من الأسفل بعد توقفهم عن البيع، ليتركوا مجالا لارتداد السهم وللسوق ككل».
 
وأكدوا أن «مؤسسات مالية ومحافظ أجنبية استغلت إعلان «إعمار» عن برنامج إعادة شراء أسهمها في ممارسة لعبة تصريف الأسهم التي في حوزتها بأسعار مرتفعة، ثم إعادة شرائها بعد انخفاض أسعارها نتيجة عمليات البيع تلك».

 

 وأضافوا أن «ما أسهم في زيادة حدة التراجع في الأسواق المحلية انتشار أخبار انهيار رابع أكبر وأقدم البنوك الأميركية، بنك «ليمان براذرز»، وتقديمه طلبا لحمايته من الدائنين، والإعلان عن شراء «بنك أوف أميركا» لمؤسسة «ميريل لينش» الاستثمارية، وتداول الأنباء عن بدء عملاق شركات التأمين «إيه آي جي» إجراءات إشهار إفلاسها، ما أصاب الجميع بالخوف والهلع مما قد يصيب سوقهم المريض أو الضعيف جراء تلك الأزمة». وأشاروا إلى أن «تعافي السوق يتطلب دخول سيولة محلية بحجم كبير حتى تنتشل الأسواق المحلية من تلك الدوامة المفرغة، خصوصاً أن مبيعات الأجانب تشكل نسبة كبيرة من إجمالي التعاملات تصل إلى 50%».

 

لعبة المحافظ
قال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع «إن المحافظ والصناديق الأجنبية مارست خلال الأسبوع الماضي لعبة بيع الأسهم عند مستويات سعرية مرتفعة، ثم إعادة الشراء عند انخفاض الأسعار». وأضاف «على الرغم من الدفعة المعنوية التي أعطاها تصريح شركة «إعمار العقارية» بأنها ستباشر بشراء أسهمها بدءا من الأول من أكتوبر، إلا أن القرار لم ينعكس بصورة ايجابية على الأسواق، لأن «إعمار» اعتقدت أن مثل هذا التصريح وبما له من آثار نفسية سيساعد على عودة دخول السيولة للأسواق، لكن النتيجة كانت عكسية، وهي إتاحة الفرصة للأجانب للتصريف عند مستويات سعرية أعلى في أول أيام الأسبوع، ما أدى إلى تراجع المؤشرات».

 

 وتابع الشماع «أدى إعلان «إعمار» أيضاً  إلى تسهيل مهمة الصناديق والمحافظ الأجنبية ـ التي اعتادت إعطاء فرصة للأسواق لالتقاط الأنفاس ـ ومكنتها من الاستمرار في البيع يوم الاثنين في الساعات الأولى من التداول لتدفع مؤشر سوق دبي إلى أدنى نسبة انخفاض في يوم واحد وفي جلسة واحدة سجلها في تاريخه، قبل أن تعيد لعبة التخفيف من المبيعات، بل ربما إعادة الشراء للأسهم نفسها من مستويات سفلية، دافعة السوق إلى ارتفاع جزئي».

 

واستشهد الشماع على صحة حديثه بصافي بيع الأجانب لأسهم «إعمار» يوم الاثنين، الذي كان بحدود 5.5 ملايين سهم، مقارنة مع أكثر من 10 ملايين سهم في اليوم السابق «الأحد»، رغم أن «إعمار» كان قد انخفض إلى أدنى مستوياته دون السبعة دراهم، قبل أن يرتد قليلاً ليغلق على 7.21 دراهم، ما يعني أن الأجانب قاموا بالبيع المكثف في الساعات الأولى من التداول، ثم أعادوا الشراء من الأسفل بعد توقفهم عن البيع ليتركوا مجالاً لارتداد السهم، بعد أن تصور المتداولون أن هذا الارتداد هو نهاية المطاف لتراجع سهم «إعمار»، ظناً منهم أنه بدأ يستجيب ويتفاعل إيجابياً مع قرار الشركة بشراء أسهمها.


ولفت الشماع إلى أن «المحافظ والصناديق الأجنبية التي قامت وتقوم بالبيع التعثري، كان بعضها يستشعر المخاطر الائتمانية المتعاظمة في الاقتصاد العالمي وتستبق الأحداث كي تؤمن نفسها من مخاطر الإفلاس المحتمل، الذي أعلن عنه في الولايات المتحدة لبنك «ليمان برذرز»، فيما كان البعض الآخر ممن أفلس أو في طريقة إلى الإفلاس يسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهذا ما أدى إلى تسارع وقع البيع في سوق أبوظبي بشكل خاص، التي تمتلك فيها المحافظ المؤسساتية الأجنبية أسهماً دخلت إليها في نهاية العام الماضي عندما استقدمت سيولة مضاربة هائلة لغرض جني أرباح ارتفاع قيمة العملة الإماراتية».

 

واستطرد «ربما سيتبين لاحقاً أن بعضا من هذه المؤسسات المالية الأجنبية المصابة بمخاطر الإفلاس والتي تعمل في الدولة، كالبنك الاستثماري «ميريل لينش» هو واحد ممن كانوا وراء التسييلات الواسعة النطاق التي تسارعت منذ بداية أغسطس».  مبيناً أنه «لحسن الحظ فإن قسماً من المتداولين في الأسواق قد بدؤوا يدركون طبيعة استراتيجية البيع التي تتبعها المحافظ والصناديق الأجنبية والمتمثلة في إعطاء فرصة للأسواق لالتقاط الأنفاس والارتفاع بما يمكنهم من التصريف في مستويات سعرية أعلى، بحيث لم تتجاوب السوق بشكل كامل مع تراجع مبيعات الأجانب في سوق أبوظبي وسوق دبي».

 

البيع العشوائي
 من جهته، قال مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور محمد عفيفي «إن الأسبوع الماضي شهد زيادة كبيرة في ضغوط البيع على أسواق الأسهم المحلية، التي بلغت ذروتها في جلسة الاثنين الماضي نتيجة تداعيات الإعلانات المتتابعة عن انهيار بنك «ليمان براذرز» وبنك الاستثمار «ميريل لينش» وشركة التأمين «إيه آي جي» الأميركية، ما أدى إلى تصاعد وتيرة تسييل الأجانب لتبلغ 1.76 مليار درهم هذا الأسبوع».


وتابع «أصاب الكثير من المستثمرين المحليين الخوف والهلع من عمليات التسييل الضخمة، ما دفعهم نحو البيع العشوائي على وقع الانخفاضات الهائلة التي أصابت الأسواق المالية كافة خلال الأسبوع، كما أسهمت بعض المحافظ المحلية في عمليات البيع العشوائي لحين اتضاح الرؤية فيما يتعلق بأثر تداعيات أزمة الائتمان العالمية على البنوك وشركات التأمين المحلية».

 

وبين أنه «على الرغم من أن الأسواق المحلية بدأت أولى جلسات التداول من الأسبوع بارتفاع في المؤشر العام تجاوز 2% في سوق دبي في أول ساعتين، في رد فعل طبيعي لإعلان «إعمار» عن البدء في تطبيق برنامج إعادة شراء أسهمها في الأول من شهر أكتوبر، إلا أن ذلك الارتفاع كان مرتكزاً بصفة أساسية على بعض المستثمرين الأفراد الذين اعتادوا على أن مثل ذلك الإعلان قد ينتشل سهم «إعمار» والسوق ككل من الهاوية التي ظل فيها منذ زمن طويل».

 

موضحاً أن «الموقف المتشكك إزاء جدية ذلك الإعلان من قبل البعض الآخر من المستثمرين نتيجة سوابق شركة «إعمار» في هذا الشأن تحديداً، إضافة إلى التفاصيل التي وردت بالإفصاح والتي تحدثت عن إمكانية عدم الشراء وفقاً لظروف السوق، قد جعلهم يتخذون موقفاً محايداً وغير داعم لهذا الارتفاع في السهم وفي مؤشر السوق».

 

 وأكد عفيفي أن «انتشار أخبار انهيار رابع أكبر وأقدم البنوك الأميركية بنك «ليمان براذرز» وتقديمه طلباً لحمايته من الدائنين، والإعلان عن شراء «بنك أوف أميركا» لمؤسسة ميريل لينش الاستثمارية العملاقة، وتداول الأنباء عن بدء عملاق شركات التأمين «إيه أي جي» إجراءات إشهار إفلاسه قد أصاب الجميع  بالخوف والهلع مما قد يصيب سوقهم المريض أو الضعيف جراء تلك الأزمة».

 

وأضاف «انعكس ذلك كله على تداولات جلسة يوم الاثنين التي تعد الأسوأ في تاريخ الأسواق المالية العالمية والخليجية على وجه الخصوص، حيث فقد مؤشر سوق دبي في النصف الأول من تلك الجلسة ما يزيد على 9% وسوق أبوظبي ما يزيد على 6%، إلا أن الإعلان عن اتخاذ المصرف الفيدرالي الأميركي لبعض الإجراءات لمواجهة الأزمة، إضافة إلى وصول الأسهم المحلية إلى مستويات عام 2005، كان نقطة تحول في استراتيجيات العديد من المحافظ المحلية التي بدأت في الدخول إلى الأسواق مرة أخرى، ما أدى إلى تماسكها واستعادتها للكثير من الخسائر التي تحققت خلال النصف الأول من جلسة الاثنين الأسود، واستطاع المؤشر العام للسوق أن يغلق منخفضا فقط بنسبة 3% فقط».

 

ولفت عفيفي إلى أن «تماسك الأسواق استمر خلال جلسة الثلاثاء مع استمرار دخول المحافظ المحلية التي استطاعت أن تلعب دوراً ايجابياً لأول مرة منذ بداية أزمة الأسواق المحلية نتج عنه مقاومة السوق بشدة لعمليات تسييل الأجانب المستمرة وقدرته على استعادة غالبية الخسائر التي تلحق به في بداية الجلسات نتيجة عمليات بيع الأجانب، ومع انتهاء جلسة الثلاثاء وما أظهره السوق من تماسك نتيجة دخول محافظ محلية، وكذا الإعلان عن إعادة تعويم شركة «إيه آي جي»، ظهرت بوادر التحسن التدريجي على الأسواق المحلية، وظهر اللون الأخضر من جديد منذ بداية جلسة الأربعاء وحتى نهايتها، وبدأت تنخفض حدة حركة البيع، وبدأت الفجوات السعرية تتلاشى ما بين العروض والطلبات، والتي كانت تتسبب في تذبذبات كبيرة تفقد المستثمرين القدرة على اتخاذ القرارات الاستثمارية المناسبة».

 

وأشار عفيفي إلى أن «المحافظ المحلية التي أصبحت الأحداث العالمية هي المحرك الأساسي لتحركاتها عادت في جلسة الخميس إلى مراكز الترقب والانتظار، ومن ثم تركت السوق لعمليات بيع الأجانب والمستثمرين المحليين من الأفراد، ما أدى إلى أن يفقد السوق المحلي الدعم والقدرة على الحفاظ على اللون الأخضر، وأغلق منخفضاً بآخر جلسات التداول من الأسبوع».

 

 أسعار 2005
 بدورها، قالت المحللة المالية، مها كنز «إن أسواق الأسهم المحلية تعرضت على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة إلى انخفاضات سعرية غير متوقعة ومستمرة حتى الآن، حتى انها أصبحت بعيد كل البعد عن واقع الاقتصاد بالدولة أو أرباح الشركات المحلية أو حتى تقويم الشركات المدرجة، إذ هبطت أسعار الأسهم إلى مستويات أوائل عام 2005، وأصبح أغلبها يتداول عند مستويات سعرية أدنى من القيم العادلة بل أدنى من القيم الدفترية أيضا». وأشارت إلى أن «خروج الاستثمارات الأجنبية بدأ من الأسواق المحلية في يونيو الماضي، ثم توالت عمليات البيع المكثف وازدادت حدة خلال الفترة الأخيرة، ووصل الأمر إلى ما يوصف بأنه انهيار في الأسواق المالية في جلسة الاثنين الماضي، حيث تدنت الأسعار إلى مستويات لم نشهدها منذ ثلاث سنوات مضت».

 

وأضافت «بعض السيولة المحلية بدأت تدخل على استحياء في النصف الأخير من الجلسة لترتفع الأسعار وتسجل أكبر فارق سعري بين أعلى الأسعار وأدناها». إلى ذلك، استمرت تعاملات الأجانب السلبية في السوق المحلى بالجلسات التالية «الثلاثاء والأربعاء والخميس»، وكانت آثارها أقل حدة من جلسة الاثنين الماضي بسبب تدخل بعض المستثمرين المحليين للشراء، أو بسبب أن عمليات البيع من قبل الأجانب تأخذ شكل موجات فتبدأ بأحجام بسيطة ثم تزداد حدة وتقل بعد ذلك وهكذا». وأشارت إلى أن «تعافي السوق يتطلب دخول سيولة محلية بحجم كبير حتى تنتشل الأسواق المحلية من تلك الدوامة المفرغة، خصوصاً أن مبيعات الأجانب تشكل نسبة كبيرة من إجمالي التعاملات بالسوقين تصل إلى 50%». 

 

اتزان الأسواق 
 قال مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور محمد عفيفي «إن تداولات الأسبوع المنقضي أثبتت أن دخول المحافظ والمؤسسات المحلية إلى الأسواق بوتيرة متزايدة يمكن أن يعيد إلى الأسواق اتزانها ومسارها الطبيعي ويضعف كثيراً من الأثر السلبي لعمليات خروج الأجانب التي سوف تستمر في ظل عدم استقرار الأسواق العالمية، كما أثبتت تماسك العديد من الأسهم المحلية حول مستوياتها السعرية الحالية ضمن نطاق تذبذب ضيق قد ينبئ ببداية بناء قاعدة سعرية جديدة عند هذه المستويات لتلك الأسهم، ومن ثم إمكانية ارتداد الأسواق المحلية خلال الأسبوع المقبل أو في الأسبوع التالي لعيد الفطر المبارك». 

 

دور سلبي  
قال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع «إن مبيعات الأجانب تلعب دوراً سلبياً خطيراً باعتبارها المسؤول الرئيس عن تراجع أسواق المال والسيولة، التي شحت هي الأخرى بفعل خروج الأموال الأجنبية التي أودعت بالدرهم لغرض المضاربة على العملة الإماراتية في حال فك الارتباط بالدولار أو في حال إعادة تقويمها». 

تويتر