من المجالس


قلنا أمس إن الكثير من الناس سيضطرون بعد رمضان لإصلاح ما أفسدوه في صحة أبدانهم وصحة جيوبهم خلال الشهر، فتبدأ سائر الأشهر تجمع ما تبعثر من الصحة على موائد رمضان لتبدأ في دفع الثمن من الوقت والأعصاب والأموال. وأما صحة الجيوب فلها في رمضان، من الاعتلال ما لايقل عن اعتلال الأبدان. فهي ضحية عادات استهلاكية ابتدعناها وما كُتبت علينا. ولأن من صفات الابتداع عند الناس الزيادة والإضافة حتى تصبح العابرة عادة، والشاذ قاعدة فقد كبرت الكثير من العادات حتى أصبحت ثقافة ونمط حياة. وهي في الحقيقة ثقافة بلا ثقافة ونمط بلا إطار ولا ضوابط.

 

في رمضان تعمر الأسواق أكثر من المساجد، والنشاط في كل الاتجاهات. ناس تهرول نحو أسواق المواد الغذائية بعقلية «لعلك تلقى»، وكأنهم إلى سحب يانصيب يوفضون. وناس يصولون ويجولون في المراكز التجارية والأسواق الشعبية، ويتنقلون من خياط إلى محل «نعول». وآخرون يحلو لهم تغيير أثاث مسكنهم في رمضان. كل ذلك يحدث باسم رمضان وعلى جريرة الاستعداد ليوم العيد. وللعيد استعداد يتم توزيع كسوته إلى أول العيد وثانيه وثالثه وربما سابعه.

 
وأثناء أيام العيد ستضطر الجيوب للانفتاح لدفع فواتير مشترياته وعيدياته.. وهكذا فإن خيطاً يجرّ وراءه خيوطاً كتلك التي نقضت غزلها حتى تصبح الجيوب بلا خيط واحد يحفظ ما بداخله، وتتحول الأرصدة في البنوك إلى سالب بعد أن ينضب ما في الحساب ليتم السحب على المكشوف. وربما صارت المرابحات المصرفية أو الديون البنكية ملاذاً لمن وجد «الشوال» قد انفتح بلا رجعة.

 

هذه النتائج تعني وجود فواتير على أصحابها الاستعداد لدفعها. ولأن الجيوب ستكون خالية والأرصدة «مصفرة»، فلابد من الترحيل إلى سائر الأشهر لتحصي هذه الأشهر خسائر حدثت باسم رمضان، ورمضان بريء منها كبراءة الذئب من دم يوسف.


 
adel.m.alrashed@gmail.com

الأكثر مشاركة