بنك «ليمان» استطاع التخلص من أصول بقيمة 140 مليار دولار في الربع الأول.

بنوك عالمية تعرض أصولها للبيع هرباً من الخسائر

مع اتجاه البنوك لبيع أصولها للتخفيف من حدة الخسائر يبرز تساؤل مهم.. من يشتري؟ قد يعلق بنك الاستثمار العملاق «ليمان براذرز» قريباً لوحة في مقره الرئيس في ساحة التايمز يعلن فيها عن تسييل أصوله، إذ يحاول البنك منذ أشهر عدة بيع أصوله بأي طريقة للنجاة، وقد استطاع حتى الآن التخلص من أصول تصل قيمتها إلى 140 مليار دولار في الربع الأول من العام الجاري، ويحاول البنك حالياً بيع أهم الشركات التابعة له، وهي شركة إدارة الأموال «نيوبرغر بيرمان» إضافة إلى بيع عدد من العقارات التجارية.

وتعد نشاطات بنك ليمان جزءاً من موجة تجتاح وول ستريت والأسواق المالية الأوروبية هذه الأيام، حيث تحاول البنوك الكبرى إخراج نفسها من الخسائر عبر بيع أصولها، وقد يؤدي ذلك إلى أكبر موجة بيع أصول منذ بداية أزمة الرهن العقاري قبل أكثر من عام، وتقدر مبيعات الأصول بأكثر من تريليوني دولار، فيما رفض البنك التعليق على هذه الأخبار.

وعلى الرغم من أن كبار المستثمرين استطاعوا جمع مبالغ قياسية، فإنها قد لا تكون كافية لشراء المعروض من الأصول، وحتى إن وجد من يشتري، فقد تضطر البنوك إلى خفض الأسعار، الأمر الذي يضر بميزانياتها. ويقول البروفيسور في جامعة لويزيانا، جوزيف ماسون «لا توجد الأموال الكافية لهذه الصفقات، وسنرى قريباً فشلاً في بيع الأصول، وستزداد المخاوف إذا لم تستطع البنوك الأميركية بيع عدد كاف من الأصول فيصبح مصيرها مشابهاً لبنكي «بير ستيرنز» و«إندي ماك». نحو الأسوأ وقالت مؤسسة الاحتياطي الفيدرالي «الجهة المنظمة للبنوك الأميركية» في 27 أغسطس إن نسبة المؤسسات المالية المتعثرة وصلت إلى 30%، وبلغ عددها 117 في الربع الماضي، الوضع الذي علق عليه المسؤول في مركز أبحاث المخاطر، كريستوفر والن، بالقول «الوضع سيئ جداً ويتجه نحو الأسوأ».

وقد يدفع هذا الوضع الحكومة الفيدرالية لوضع حل عام للمشكلة، كالحل الذي أقره الكونغرس عام 1989 لشراء الأصول المعروضة للبيع من البنوك والمؤسسات المالية المتعثرة، ومن ثم بيع هذه الأصول بطريقة منظمة. ويمكن لأرقام الربع الثالث التي ستصدرها المؤسسات المالية خلال الأسابيع المقبلة أن توقف سيل عمليات البيع، ويقول خبراء الديون في «جي بي مورغان» إن المؤسسات المالية حول العالم ستشهد المزيد من الخسائر تصل إلى 200 مليار دولار، إضافة إلى 500 مليار كانت قد خسرتها حتى الآن، وتشير بعض التوقعات المتشائمة إلى أن الخسائر الناجمة عن أزمة الرهن العقاري قد تصل إلى تريليوني دولار.

وعلى الرغم من أن البنوك استطاعت إلى الآن تغطية خسائرها بأموال المستثمرين الأجانب، لكن هذا المورد مهدد بالجفاف هو الآخر، وبعيداً عن الحلول السحرية ستقوم البنوك ببيع أصولها وتقديم ميزانيات مرضية للجهات المنظمة للقطاع المالي والجهات الممولة. أصول للبيع عادة تحتفظ البنوك التجارية بدولار واحد لكل 10 دولارات من الأصول التي تملكها، أما في البنوك الاستثمارية فيرتفع الرقم ليصل إلى 20 دولاراً، وهذا يعني إذا خسرت البنوك أو المؤسسات المالية 200 مليار دولار، فيمكن أن يقابلها أصول بقيمة تريليوني دولار.

لكن هل يوجد العدد الكافي من المشترين؟ يقول محلل مالي في «داو جونز» إن المستثمرين الباحثين عن الفرص قد يملكون ما يقرب من 70 مليار دولار، بينما تمتلك شركات إدارة الأموال 30 مليار دولار أخرى، وفي أحسن الأحوال يمكن أن يقوم الممولون بتحويل القوة الشرائية المكونة من 100 مليار دولار إلى 400 مليار دولار، لكن حتى مع هذه التوقعات المتفائلة لا يستطيع هؤلاء شراء هذا المعروض الكبير من الأصول.

لقد استطاع بنك ليمان اتخاذ خطوة غير اعتيادية لتخفيف الضغوط عن الميزانية عبر إيجاد مشترين جاهزين، وقام البنك في وقت مبكر من هذا العام بتوفير مبالغ لبعض المتعاملين والمصرفيين السابقين الذين بدأوا باستثمارها من مكاتب ليمان، لكنها محاولة بسيطة مقارنة بما يحاول بنك ليمان بيعه، ويتوقع المحلل المالي في مركز الأبحاث الائتمانية «كردت سايت»، ديفيد هندلر، أن البنك سيصدر بياناته الربعية التي تصل إلى ستة مليارات بعد أن كانت أربعة مليارات، الأمر الذي يتطلب أصولاً بقية 40 مليار دولار. ويعتقد بعض الخبراء أن الوضع سيزداد سوءاً مع زيادة المعروض من الأصول وتوقف عمليات الشراء أملاً بأسعار أفضل، لكن بعض البنوك قد تستطيع تجنب بيع كمية كبيرة من أصولها مع ظهور مجموعة جديدة من المشترين، مثل صندوق المتقاعدين.

ويرى البروفسيور في كلية الدراسات العليا بجامعة شيكاغو، أنيل كاشياب، أن استمرار الأزمة يدفع بعض الجهات للتفكير في شراء أصول أو استثمارات لم تفكر في شرائها من قبل، خصوصا أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يجعل الأمور أكثر ربحية عبر إبقاء معدلات الفائدة منخفضة. لكن هذه الإجراءات تحتاج إلى وقت طويل لتظهر نتائجها الإيجابية، الأمر الذي قد لا تتحمله البنوك.

تويتر