ديمقراطية على الطريقة الإيرانية

سلمان الدوسري

 

حسناً.. لنفترض جدلاً أن الهجوم الإيراني بوصف الأنظمة الحاكمة في دول الخليج بأنها سبب الأزمات في المنطقة، صحيح مائة بالمائة. سنفترض كل هذا ونتجه شرقاً إلى الإمبراطورية الفارسية، أو بالأحرى التي كانت إمبراطورية. ولنبدأ تحديداً بالثورة الايرانية التي أتت بالديمقراطية، لكن على الطريقة الفارسية، فهل هذه الديمقراطية المثالية التي يريد المسؤولون الايرانيون تصويرها بأنها الجنة المنتظرة؟ اللافت في الأمر، على الرغم من أن إيران بلد ثري نفطياً، أن معدل دخل الفرد فيها سنوياً لا يزيد على 2440 دولاراً، بالمقابل دخل الفرد في دول مجلس التعاون الخليجي يصل إلى 22 ألف دولار، أي نحو ثمانية أضعاف، بل إن 20% من الشعب الايراني، وفقاً لعلي عسكري المعاون الاقتصادي لأحمدي نجاد، يصنفون تحت خط الفقر المطلق.
 تصوروا 15 مليون شخص لا يجدون كفايتهم، في بلد مكتفٍ من انتاج المواد الاستهلاكية، ويصدر أربعة ملايين برميل نفط يومياً، بمعدلات أكثر من 100 دولار، وعليكم الحساب. الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جواد زاهدي كان قد نشر بحثاً موسعاً في مايو الماضي، حذر فيه من «تسونامي فقر» يجتاح ايران، بل إنه عبر عن قلقه من أن بلاده، وهي البلد الغني، تواجه اتساعاً لرقعة الفقر.حتى الآن نتحدث عن حقوق الشعوب ومتطلباتها الأساسية في الحياة الكريمة.

 

 لم نتحدث عن حروب طاحنة ومعارك خاسرة دخلت فيها الجمهورية الإسلامية وأفرزت مشكلات محلية وخارجية بالجملة، ناهيك عن تصدير للثورة تتدخل عبره طهران في شؤون جيرانها العرب الداخلية. كل هذه العوامل تؤكد أن الديمقراطية الايرانية المزعومة، ليست سوى شعارات وحبر على ورق، بينما الحقائق تشير إلى أن الأنظمة الملكية المتهمة أرخت لشعوبها اقتصادياً، وأزاحت عنهم معارك سياسية هم أبعد عنها، أما الأنظمة الديمقراطية على الطريقة الإيرانية، فلم يجد معها أبناؤها إلا عودة إلى الوراء وأزمات متتالية لم يأخذ معها الشعب الايراني قسطاً من الراحة. لسنا في معرض الدفاع عن الأسر الحاكمة في دول الخليج، بل إن المواطنين الخليجيين يطالبون قياداتهم يومياً بالقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية.

 

الأهم هنا أن الدول الخليجية لم تزعم يوماً ما أنها ديمقراطية، ومع هذا فهي تحقق، إلى حد ما، رفاهية في مستويات عالية، مقارنة بمن يدعون أن أنظمتهم ديمقراطية، بينما الحقيقة أنها أكثر ملكية وبسنوات ضوئية.

 

الغريب أن هناك من لايزال يفاجأ بالتصريحات الايرانية الأخيرة، سواء بهجومها على الأسر الحاكمة في الخليج، أو في تطورات جزيرة أبوموسى المحتلة. تصريحات تصعيدية وأعمال استفزازية في آن واحد، لكن من يقرأ السياسة الايرانية يستطيع أن يفهم أنها تعتمد على عنصرين أساسيين، أولهما تناقض التصريحات السياسية بين كبار المسؤولين، وهي عملية مقصودة ومرتّبة بدقة. والعنصر الآخر هو عنصر المفاجأة الذي تعتمد عليه ايران في سياستها مع جيرانها العرب، فهي تمد يدها بالسلام باليد اليسرى وتطعنهم بتصرفاتها العدائية باليد اليمنى، وهذا واقع للأسف لاتستطيع التصريحات الوهمية خداع العرب فيه، أقصد بعض العرب!!

 

ssalmand@gmail.com

تويتر