ضربات موجعــــــــة لميزانيات الأسرة في 90 يوماً

توقّعات بارتفاع حجم الإنفاق العائلي في الدولة بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي.   الإمارات اليوم

 

تسبّب تزامن شهر رمضان مع عودة الطلاب الى مدارسهم، في زيادة الضغوط النفسية الناجمة عن الأعباء المالية لكثير من الأسر. ووجد كثيرون حلاً مؤقتاً في الاقتراض من البنوك، فيما قرر آخرون تأجيل تسجيل أبنائهم في المدارس، على الرغم من تجاوزهم السن القانونية لبدء الدراسة. 


ورفض مسؤولو بنوك إعطاء معلومات محددة حول حجم القروض في شهر يوليو الماضي، لكنهم أكدوا أن الشهور الثلاثة الأخيرة شهدت تنامياً في استخدام بطاقات الائتمان كوسيلة أساسية للاقتراض. 


وتوقع خبير حماية المستهلك حسن الكثيري أن يرتفع حجم الإنفاق العائلي في الدولة بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي الذي بلغ فيه حجم الإنفاق العائلي 320 مليار درهم «نظراً لارتفاع الأسعار وسيادة أنماط الإنفاق الاستهلاكي» محذراً من استسهال خيار اللجوء الى البنوك.


وتكشف إحصائية رسمية صادرة من البنك المركزي أن حجم القروض الاستهلاكية الشخصية قد ارتفع خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 48.8 مليار درهم مقابل 43.5 مليار في ديسمبر الماضي، أي بزيادة تفوق خمسة مليارات درهم. 


وتقول أمل إسماعيل (موظفة) إن مجيء رمضان والمدارس معاً سيزيد الأعباء على ميزانيات معظم الأسر، خصوصاً بعد أن أقدمت معظم المدارس على رفع أسعارها بنسب تصل إلى 30% وارتفاع أسعار مستلزمات المدارس مقارنة بالعام الماضي وارتفاع أسعار مختلف السلع الغذائية أكثر من 25% لافتة الى أنها كانت تتمنى كأم أن يتم تأجيل المدارس إلى ما بعد رمضان. 


وقالت أمل: «لجأت إلى الاقتراض ببطاقة الائتمان لدفع مصاريف المدارس لأطفالي» مشيرة إلى أنها فوجئت بوجود زيادة كبيرة في مصروفات المدرسة كما أنها فوجئت بأن رقم المصروفات لا يشمل الكتب وباص المدرسة والوجبة الغذائية، مما جعلها تدفع للمدرسة 3000 درهم إضافية لتغطية هذه البنود. وتطالب أمل بعدم تعامل الجهات الحكومية بسلبية مع هذه الظواهر، وترك الأسر تغرق في بحر الديون، وذلك من خلال «قيام وزارة الاقتصاد برقابة صارمة على الأسواق وتوقيع غرامات موجعة على المستغلين، فضلاً عن تدخل وزارة التعليم لتحديد سقف لزيادة المصروفات المدرسية وعدم ترك التعليم يتحول الى عملية تجارية خالصة».


وقال محمد عبدالكريم (موظف) إنه وقع في فخ الاقتراض من البنوك بعدما تزايدت الأعباء مع قدوم المدارس مع رمضان، فضلاً عن السفر وإجازات الصيف، لافتاً الى انه اضطر لاقتراض 20 ألف درهم من احد البنوك لتغطية احتياجات أسرته واكتشف أنها لا تكفي. وأضاف: «أسعار كل شيء بدءاً من السكن إلى السلع الغذائية إلى الاستهلاكية شهدت قفزات لا توازي الرواتب نهائياً» لافتاً الى أن مصروف المنزل الشهري ينفد خلال اليومين الأولين من الشهر. 


وحذر عبدالكريم من أن هذا الوضع قد يترتب عليه مشكلات اجتماعية خطيرة وتفكك كثير من الأسر، مضيفاً أنه وكثيرين غيره قرروا إعادة عائلاتهم الى بلدانهم هرباً من الغلاء.   


و تقول «أم معتصم»: «أرجأت إدخال ابنتي التوأم إلى المدرسة على الرغم من أن عمرهما الآن هو ست سنوات، لأني لا أجد مدرسة مناسبة لدخل زوجي الضئيل، فضلاً عن التهام السكن وضرورات الحياة اليومية دخله كله».


أما علاء درويش فيرى أن الحل الوحيد هو الاقتراض من أحد البنوك مجدداً، لافتاً الى انه اضطر إلى الاقتراض سابقاً من أجل الحصول على سكن.


وأكد مصدر مسؤول في بنك أبوظبي الوطني وجود زيادة كبيرة في استخدامات بطاقات الائتمان خلال الفترة الراهنة لمواجهة الأعباء المختلفة، مضيفاً أن البنك ينظر حالياً في طلبات كثير من القروض.


ورفض المصدر إعطاء أرقام محددة، لكنه حمل أنماط السلوك الترفي والاستهلاكي المسؤولية في تزايد الإقبال على  الاقتراض. 


واتفق معه مسؤول في بنك أبوظبي التجاري، لافتاً الى أن إحصائيات البنك المركزي تشير إلى ارتفاع القروض الشخصية في الدولة من 43.5 مليار درهم في ديسمبر 2007 إلى 48.4 ملياراً في أول أبريل الماضي، مما يدل على تنامي  الاتجاه للقروض بصفة عامة، وقبل المناسبات بصفة خاصة. وقال الكثيري إن تزايد عمليات الإقراض في الدولة كاتجاه عام، خصوصاً في المناسبات، ينتهي الى ضروب من المعاناة الشديدة لدى الأسر، معتبراً أن المستهلك مسؤول عن الأزمة التي يعانيها حالياً بنسبة 30% لأنه لا يستطيع كبح جماح رغباته الاستهلاكية.  وطالب الكثيري بما وصفه بعدم ترك الحبل على الغارب للبنوك للإقراض تحت مسميات مختلفة وتحديد حد أقصى للقرض لا يزيد على حد معين من الراتب، لافتاً الى أن بعض الأفراد يظلون لمدة 15 أو 20 عاماً يسددون القروض التي حصلوا عليها من البنوك. 


وكشف الكثيري أن الإمارات تحتل الصدارة على مستوى العالم من حيث القروض الشخصية الممنوحة للأفراد. كما طالب بوجود تشريعات وقوانين تنظم الزيادة في الرسوم المدرسية وفي مختلف السلع بشكل عام.  لافتاً الى أن المدرسين في المدارس وهم مستهلكون أيضاً لا يحصلون على أي زيادة في دخلهم نتيجة لزيادة رسوم المدارس. 


وشدد الكثيري على ضرورة تدخّل الحكومة لإنشاء شركات مساهمة  غذائية كبيرة، أو تحويل الجمعيات التعاونية القائمة إلى شركات يدخل فيها عدد كبير من المستهلكين، مضيفاً: «حتى لو ارتفعت أسعار السلع لن يقع ضرر كبير لأنها ستعود على المساهمين في هيئة أرباح».


وأضاف أن السوق تشهد ممارسات تنم عن غياب الرقابة التام، مثل وجود أكثر من سعر لسلعة واحدة في فروع المحل في الإمارات المختلفة وتقليل أوزان أو أطوال السلعة مع الإبقاء على سعرها كما هو. 


 ودعا خبير حماية المسـتهلك مختلف المستهلكين للسلع والخدمات الى التخلي عن السلبية والتقدم بشكاوى للجـهات الرسـمية في حال تعرضهــم لأي معاملـة غير عادلة ومقارنة أسعار وأحجام السلع في أكثر من مكان قبل الشراء.  كما دعا الى العمل على تكوين جمعيات قوية لحماية المستهلك. 

تويتر