الفرق بين مشرف وصدام

سلمان الدوسري

 

صدق أستاذنا عبدالرحمن الراشد عندما اعتبر أن أسوأ وظيفة في العالم أن تكون رئيساً لباكستان. حُكم برويز مشرف استمر تسع سنوات، مرت كعاصفة هوجاء على الوضع السياسي في باكستان. وما إن دقت لحظة النهاية غير السعيدة لبرويز حتى التقط خيط الخاتمة الأفضل له ولبلاده، وربما للمنطقة أيضا، بعدما سارع لتقديم استقالته، بعد تهديدات الائتلاف الحاكم بمحاسبته.

 

  نستذكر هنا موقف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، عندما أراد المغفور له الشيخ زايد إيقاف شبح الحرب عن المنطقة وما تبعه من مآس للعراقيين، فقدم لصدام عرضاً مشرفاً يضمن بقاءه كرئيس سابق، ويضمن بقاء العراق في منجى من الغزو الأميركي، لكنه أبى أن يخرج نفسه وبلاده من دمار مازالت آثاره باقية، ولا نعرف إلى متى يتوقف نزيف العراق الجريح.

 

الفرق بين مشرف وصدام، أن الأول تخلى عن الكرسي بعد أن استشعر الخطر المحدق به، بينما الثاني راهن على أن عناده سيصل به في النهاية إلى هزيمة العالم أجمع، كما هو هتلر في آخر أيامه، ربما هناك فرق بين حالة مشرف وصدام، بين المطالبة الدستورية الباكستانية، والتهديد الخارجي على العراق بالغزو والتدمير، لكني أتحدث عن المبدأ في النظر إلى تقديم المصلحة العامة على الخاصة.

 

 كان من الممكن أن يتذرع الرئيس الباكستاني بأنه لم يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة بلاده، كما قال في خطاب الاستقالة، كان ممكناً أيضا أن يعوّل كثيراً على أنصاره في الشارع، وما أسوأ استخدام الشارع المسكين في تغطية فشل الزعماء، لكنه وضع سلامة بلاده في الدرجة الأولى، وهو ما لم يحصل في الحالة الصدامية.. للاسف.

 

اللافت أن مشرف قال في خطاب استقالته «بعد مشاورات مع المستشارين القانونيين والأنصار السياسيين المقربين، وبناء على نصيحتهم اتخذت قرار الاستقالة»، بينما كثير من الزعامات العربية تعتبر نفسها فوق المساءلة، فتسير بأبناء شعبها من مصيبة إلى أخرى، فيما دور المستشارين والأنصار هو الهتاف بالروح والدم، بل والخروج للشارع للتعبير عن دفاعها المستميت عن قائدها الفذ. في الحرب الروسية على جورجيا الكثير من الدروس التي يجب أن تُدرس تفاصيلها، فالعلاقات بين الدول لم تعد تؤخذ بالحق والباطل، بل بالقوة ولا شيء غير القوة، ألم تتقاعس الولايات المتحدة عن الدفاع عن حليفتها جورجيا، لان الطرف الآخر هو الدب الروسي؟ ليس المقصود بالطبع أن مَن يضربك على خدك الأيمن تدير له خدك الأيسر، لكن لغة الشعارات الفارغة انتهت تماماً، وحلت محلها لغة السياسة والمصالح المتبادلة، فإن لم تكن قوتك تسمح بمقارعة الأعداء، عليك بهم عبر السياسة والمصالح المتبادلة. أما إن لم تكن لديك لا هذه ولا تلك، فلا أقل من أن تحفظ ماء وجه شعبك، عندما تُقرع طبول الحرب، بدلاً من الاختفاء في حفرة!

 

ssalmand@gmail.com

 

تويتر