الخوف الافتراضي.. مرة أخرى!
|
|
|
|
حاول البريطاني الذي تسبب بحادث المنخول، ونتج عنه وفاة شخصين، وإصابة سبعة آخرين، استغلال حالة «الخوف الافتراضي» التي تحدثت عنها في مقال سابق.. هذه الحالة تجعل البعض يعتقد أن الأوروبيين عموماً، والأميركيين والبريطانيين تحديداً، هم أناس فوق القوانين المحلية، وبالتالي؛ فهم غير معنيين بقوانين الدولة، ولا يمكن أن تطالهم العقوبة، مهما كان الجرم الذي يقومون به..
هذا البريطاني الذي ثبت أنه كان مخموراً، كسر بسيارته «اللاند كروزر» الإشارة الضوئية الحمراء، في تقاطع المنخول ببر دبي، ليصطدم بسيارة أخرى كانت تسير في مسارها الصحيح، وتسبب بمقتل شخصين، وإصابة سبعة آخرين، ومع هذا كله وقف ليتحدى الجميع في مركز الشرطة ليقول: «أنا لست مخطئاً، والخطأ خطأ الإشارات الضوئية، واللوحات الإرشادية، فهي غير واضحة»!
بالتأكيد لن تكون الإشارة الضوئية واضحة لمن لعبت الخمر برأسه،فلم يعد يميّز من الألوان أحمرها من أخضرها، ومثل هذا «الهراء» لم ينطلِ على رئيس نيابة السير والمرور، المستشار صلاح بوفروشة، الذي أصرّ على التمسك بالقانون، فلم يأبه بحالة «الخوف الافتراضي» التي يصاب بها الكثيرون، وأمر بحبس «البريطاني»، وتطبيق بنود القانون كافة عليه، بعدما ثبت وقوعه تحت تأثير الخمر، فوجّهت له تهم «القيادة تحت تأثير الكحوليات، والتسبب بوفاة شخصين وإصابة أشخاص آخرين، إضافة إلى تهمة كسر الإشارة الحمراء»..
في الولايات المتحدة الأميركية ـ على سبيل المثال ـ قضت إحدى المحاكم على سائق مخمور تسبب بمقتل شخص على الطريق السريع، بالسجن لمدة 20 عاماً. كما يعتبر الحبس إلزامياً هناك بدءاً من المرة الثانية، على أي سائق يُضبط وهو يقود سيارته تحت تأثير الكحوليات، حتى وإن لم يتسبب بأي حادث، ليس ذلك فحسب، بل يتم إجباره أيضاً على الدخول في دورات صحية للإقلاع عن الكحول، ويتعرّض لمصادرة سيارته..
وفي بريطانيا تقوم الشرطة بحبس أي سائق يرفض إجراء فحص «النفخ» للتأكد من عدم تعاطيه الكحوليات، ويعاقب بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر، وغرامة قد تصل إلى 5000 جنيه إسترليني، من يقود سيارته وهو مخمور، أما إذا تسبب بوفاة، أو إصابة، فإن للقاضي تحديد العقوبة وفق ما يراه مناسباً، وغالباً ما تكون «مغلظة»، والطريف أن القانون البريطاني، يعاقب بالحبس كل مخمور اتجه نحو سيارته وفتح أبوابها حتى إن لم يقدها، ولا تنفع حجج من نوع: «نسيت محفظتي» أو «مفاتيح الشقة»!
من هنا؛ نستنتج أن القيادة تحت تأثير الكحوليات تعتبر من أشد الممنوعات البريطانية ـ الأميركية، ومع ذلك، فإن البريطاني المتسبب بحادث المنخول، استهان بالقانون، واستصغر الجرم الذي يدرك تماماً خطورته، واستعلى على الطريق والمجتمع، والنتيجة أنه أزهق روحين، وأصيب بسببه سبعة أشخاص، وآخرتها و«بقوة عين» يلقي «صاحبنا» اللوم على هيئة الطرق لأن الإشارات الضوئية غير واضحة! بالتأكيد وقاحة هذا «البريطاني» لم تأتِ وليدة اللحظة، وإلقاء اللوم على إشارات ضوئية «جامدة» ما هو إلا نوع من التهكم سببه حالة «الخوف الافتراضي» من الجنسيتين الأميركية والبريطانية، والتي بسببها يعتقد كثير منهم أنهم بالفعل فوق القانون!
reyami@emaratalyoum.com
|