الاكتتابات الجديدة والسندات تسحب السيولة من أسواق المال
![]() | |
|
النتائج الإيجابية للشركات في النصف الأول عززت ثقة المستثمرين. تصوير: باتريك كاستيلو
واصلت أسواق الأسهم المحلية أداءها المتذبذب في الأسبوع المنقضي، ففي حين بدأت تداولات الأسبوع على ارتفاع أعقبه ميل أسعار الأسهم للانخفاض في اليومين التاليين، عادت الأسواق للارتفاع بنسبة كبيرة يوم الأربعاء، بسبب استغلال كبار المضاربين لتدني أسعار الأسهم في تحريك السوق صعوداً، ثم عادت الأسهم للانخفاض مجددا في نهاية الأسبوع.
واعتبر محلل مالي أن تذبذب الأداء خلال الأسبوع المنقضي والأسبوع الذي سبقه، يؤكد معاناة أسواق الأسهم الإماراتية من انقطاع السيولة، في الوقت الذي وصلت فيه تدفقات الموارد النفطية إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، معللين شح السيولة بعدد من الأسباب منها أسباب تنظيمية، مثل قرار هيئة الأوراق المالية والسلع، الخاص بفصل الحسابات، وكذا توالي الاكتتابات في الإصدارات الأولية، وتوالي قيام الشركات بإصدار سندات، خصوصاً القابلة للتحويل إلى أسهم. ارتفاع بالمصادفة وقال المستشار الاقتصادي في شركة «الفجر للأوراق المالية» الدكتور همّام الشمّاع «إن ظاهرة ضعف الأسواق استمرت للأسبوع الثاني على التوالي، حيث بدأت التداولات أول وثاني أيام الأسبوع على ارتفاع في سوقي دبي وأبوظبي لا يدل على قوة السوق أو ضعفها»، مضيفاً أنه «في يوم الأحد ارتفع مؤشر سوق دبي 45 نقطة خلال الدقائق العشر الأولى نتيجة تداولات بقيمة 50 مليون درهم، بسب ارتفاع سهم «إعمار» بنسبة 1%، في الوقت نفسه ارتفع مؤشر أبوظبي 15 نقطة نجمت عن ارتفاع سهم «اتصالات» بنحو 1.5% بتداولات لم تزد على 45 مليون درهم». وتابع انه «في يومي الاثنين والأربعاء تكررت ظاهرة الارتفاع الذي جاء مصادفة في سوق أبو ظبي، والقائم على ارتفاع لم يتعزز بتداولات مرتفعة لاحقة تديم زخمه. فبعد أن ارتفع مؤشر ابوظبي خلال ربع الساعة الأولى في يومي الاثنين والأربعاء بتداولات محدودة جداً لم تستطع الساعات المتبقية أن ترفع المؤشر أو تخفضه، بسب ركود قيمة وحجم التداولات». وأوضح انه «في يوم الثلاثاء الذي اعتادت فيه الأسواق أن تسجل تراجعاً نتيجة إغلاق المراكز المكشوفة افتتحت الأسواق على تذبذبات تدل على حالة القلق وعدم الثقة لدى المستثمرين في ظل ضعف شديد في قيمة وحجم التداول الإجمالية، خصوصاً في سوق أبوظبي التي ظلت تخضع لتجاذب قوة تمسّك المستثمرين بأسهمهم في ظل ضغوط بيع طفيفة لا تقابلها طلبات شراء بسبب شح السيولة». وأضاف الشماع أن «الحال نفسها تكررت مع سوق دبي التي سجلت ارتفاعاً، في بداية جلسة يوم الاثنين، بتداولات محدودة لم تتغير طوال بقية الوقت بسبب شح السيولة. أما في يوم الأربعاء فقد افتتحت سوق دبي من دون تغير في الاتجاه والمسار خلال الساعتين الأولى والثانية، ولكن في الساعتين الأخيرتين أعطت سوق دبي إيحاء للمستثمرين بأن الارتفاع الذي تحقق خلال الساعة الثالثة من التداول، الذي وصل إلى 2%، جعل السوق خارجة عن المألوف في الأيام الماضية»، مشيراً الى ان «تداولات سوق دبي تجاوزت عند الإغلاق ملياري درهم بارتفاع في مؤشرها لامس نسبة 3%، ما أعطى الانطباع بأن الأسواق قد تواصل الأداء الجيد في يوم الخميس خصوصاً لأن السبب الرئيس لهذا الارتداد الصعودي القوي كان ارتفاع سهم «إعمار» وبما يمتلكه من تأثير نفسي قوي في السوق». المبشرون بالصعود وعلل الشماع ارتفاع سهم «إعمار» بأنه جاء بفعل استغلال جيد للفرصة من قبل بعض كبار المضاربين في وقت وصل فيه السهم إلى مستويات سعرية متدنية جداً جعلته يتداول عند أدنى مضاعف للشركات العقارية على الإطلاق في سوق دبي، وثاني اقل مضاعف عقاري في أسواق الإمارات بعد سهم «الدار العقارية». وأكد أن هذا الأمر خلق قناعة لدى المتداولين بأن الحركة التصحيحية التي كانت تعيشها الأسواق قد انتهت، فدفع ذلك العديد منهم للدخول ظناً منهم أن ما حدث في سوق دبي ما هو إلا تعبير عن انتهاء موجة ضعف وعودة نحو موجة ارتفاع». ورأى أن «الصعود الذي حدث في سوق دبي يوم الأربعاء كان واضحاً أنه لم يكن حالة طبيعية مريحة ومفرحة ، بقدر ما كان نتاج حالة استثنائية في توقيتها وحجمها، وجاءت بشكل مفاجئ في منتصف جلسة اتسمت كسابقاتها خـلال الأسبوع بالتأرجح الذي لا يعــبر عن قوة أو ضعف في الأسواق». وأضاف أنه «في يوم الخميس افتتحت سوق دبي على ارتفاع مدفوعة بموجة تفاؤل خلقتها الساعتان الأخيرتان من تداولات الأربعاء، ولكنه سرعان ما تحول إلى تأرجح طفيف بين الارتفاع والانخفاض ليعبر عن زوال موجة الشراء المفتعلة التي رفعت السوق 3% في يوم الأربعاء، وليعطي إشارة إلى بدء عمليات جني أرباح في نهاية الجلسة والأسبوع المقبل». ولفت الشماع إلى أن «تذبذب الأداء، خلال الأسبوع المنقضي والأسبوع الذي سبقه، يؤكد حقيقة معاناة أسواق الأسهم الإماراتية من انقطاع السيولة في الوقت الذي وصلت فيه تدفقات الموارد النفطية إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة»، مشيراً إلى أن «شح السيولة في أسواق الدولة يعود إلى العديد من الأسباب. منها أسباب تنظيمية مثل قرار هيئة الأوراق المالية والسلع الخاص بفصل الحسابات، وكذا أسباب تنظيمية أخرى، لا تقل أهمية عن سابقتها، لاتزال تؤثر في السيولة المتاحة للأسواق المالية، تتمثل في توالي الاكتتابات في الإصدارات الأولية وتوالي قيام الشركات بإصدار سندات، خصوصاً القابلة للتحويل إلى أسهم، بالإضافة للأسباب الاقتصادية المتعلقة بهروب السيولة إلى القطاعات الواعدة بربحية أعلى كالقطاع العقاري». وقال «إن الأسباب التنظيمية أدت إلى تراجع أداء الأسواق إلى عائد سلبي منذ بداية العام الجاري وحتى الوقت الراهن، في ما لايزال التضخم، الذي بلغ حسب الأرقام الرسمية نسبة 11%، يعمق هذا العائد السلبي»، مضيفاً أن «هذا العائد السلبي للاستثمار في الأسهم يأتي في الوقت الذي عادت عمليات الاكتتاب في الأسهم الجديدة بسبب الصعود السريع لها عند إدراجها في الأسواق المالية لتجتذب المستثمرين لتعوضهم عن الخسائر التي يتكبدونها في أسواق الأسهم في الدولة، الأمر الذي عمق من تراجع أسعار الأسهم، وأدى بالمستثمرين التقليديين للتوجه إما إلى أسواق العقار أو إلى الاستثمار المضمون والآمن في السندات التي تصدرها الشركات المدرجة في الأسواق، وخصوصاً القابلة للتحويل إلى أسهم».
التوقيت المناسب ومن جهته ذكر العضو المنتدب لشركة «شعاع للأوراق المالية» محمد علي ياسين، أن «تداولات السوق عكست اتجاهها وعادت للارتفاع بنسب ملحوظة على بعض الأسهم، خصوصاً يوم الأربعاء الماضي، وصاحبها تحسن طفيف في أحجام التداولات الإجمالية نتيجة توافق نظرة المستثمرين من محافظ ومستثمرين متوسطي الأجل ومضاربين، من حيث مناسبة التوقيت الحالي للدخول في السوق وفي العائد المتوقع قبل نهاية العام من بناء محافظهم المحلية». وقال «إن قوة الارتداد الذي تجاوز 5% ارتفاعاً يوم الأربعاء على بعض الأسهم الرئيسة، التي كان البعض يعتبرها ثقيلة الحركة، مثل سهمي «إعمار» و«دبي للاستثمار» أظهرت أن المستثمرين لديهم القناعة بجدوى الاستثمار في السوق حالياً، وأكدت أننا كنا نمر بمرحلة تجميع تدريجي سابقاً، تسارعت وتيرتها عندما تحركت أسعار الأسهم سريعاً متخوفة من ألا تلحق بتجميع كل الكمية التي كانت تهدف لها». وأضاف ياسين أن «آثار النتائج الإيجابية للشركات عن النصف الأول من العام بدأت تظهر في أسعار أسهم تلك الشركات الآن بعد تأكد كبار المستثمرين من أن نتائج الربع الأول مستمرة في الربع الثاني وحتى نهاية العام، وبالتالي تحسن مستويات ثقة المستثمرين». واختتم بالقول إن نتائج الاكتتاب في أسهم شركة «دريك آند سكل» التي جمعت أكثر من 124 مليار درهم، أكدت تعطش المستثمرين إلى الاكتتاب في شركات مساهمة جديدة، وفي اعتقادنا أن إدراجها وغيرها من الشركات الجديدة الأخرى خلال الربع الثالث ستدعم أحجام التداولات وتشجع جذب سيولة جديدة وبشكل مستمر إلى الأسواق المحلية» جداول زمنية للاكتتابات
دعا المستشار الاقتصادي في شركة «الفجر للأوراق المالية» الدكتور همام الشماع الجهات المسؤولة عن تنظيم وضع الأسواق المالية إلى وضع جداول زمنية للاكتتابات الجديدة وتوقيتاتها، قائلا «إن هذا الأمر يؤدي إلى عدم تدفق عشرات المليارات إلى الاكتتابات الجديدة ومثلها للاكتتاب في السندات القابلة للتحول إلى أسهم، بحيث تتناسب مواعيد الاكتتابات مع حالة السيولة المتوافرة في الأسواق ومع الرؤية الاستباقية التي يفترض أن تتحلى بها الجهات المسؤولة عن تنظيم أسواق المال».
وشدد على أن «مسؤولية هذه الجهات لا تنحصر في ضمان سلامة الأسواق من مخاطر الإفراط الائتماني الذي تقدمة شركات الوساطة فحسب، إنما تمتد لتشمل كل أنواع المخاطر بما في ذلك تراكم العوامل التي قد تؤدي إلى هبوط غير مبرر للأسواق بسب انقطاع السيولة عنها. ففي كلتا الحالتين فإن الهدف من الإجراءات التنظيمية هو حماية أموال المستثمرين على حد سواء من مخاطر الإفراط الائتماني أو من مخاطر الانخفاضات السعرية غير المبررة».
واعتبر أنه «إذا كانت الجهات التنظيمية تعتقد أن ضرورات عدم التدخل في آلية عمل الأسواق أو التدخل لتعديل المسار السعري تعني انه ليس من مهامها الحيلولة دون حدوث انخفاض في الأسعار، سواء كان مبرراً أم غير مبرر، وأنه ليس من مهامها ضخ السيولة في الوقت الذي تعاني الأسواق من شحها؛ فمن المهام الأساسية للجهات التنظيمية مراقبة حالة السيولة في الأسواق ومعرفة الأسباب التي تؤدي أحيانا إلى شحها وبالتالي خلق واتباع السبل التي تؤدي إلى انتظام عودتها وانسيابيتها إلى الأسواق».
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
