|
المنتجات الوطنية تواجه تحديات. تصوير: شاندرا بالان
كشف وكيل وزارة الاقتصاد، محمد عبدالعزيز الشحي، أن الوزارة «ستطلق إدارة جديدة لمكافحة إغراق المنتجات محلية الصنع خلال الفترة المقبلة، ضمن توجه جديد للوزارة لأجل منح الصناعة الوطنية ميزة تنافسية، تستطيع من خلالها مواجهة المنتجات رخيصة الثمن الواردة من الخارج، بأسعار أقل من الأخرى المصنعة محلياً».
وقال الشحي لـ«الإمارات اليوم»، أنه «لا نية للدعم المباشر للصناعة المحلية، في ظل التوجه الحكومي الذي يعتمد مبادئ السوق الحرة»، لافتاً إلى أن «قطاع الصناعة المحلي يمكنه أن يصلح نفسه بنفسه دون تدخل حكومي».
ونــوَّه إلى أ «الوزارة تتعاون مع المنظمات الإقليمية والعالمية، إضافة إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، لمتابعة ملف إغراق المنتجات المصنعة محلياً، لاسيما أن الظروف الاقتصادية الحالية تتطلب الاهتمام المباشر بقطاع الصناعة، والتوسع في إجراءات حماية المنتجات الوطنية من الإغراق الخارجي».
وكان وزير الاقتصاد، المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، كشف لـ«الإمارات اليوم» في وقت سابق من الشهر الجاري، عن «توجهات قوية للوزارة خلال الفترة الحالية لإنجاح الصناعة الوطنية»، مؤكداً أن «الأمر يحتاج بالضرورة إلى دعم قطاعات أخرى ذات علاقة بالصناعة، من بينها قطاع الطاقة واستهلاك المصانع منها، وكذا الأراضي المخصصة لبناء مصانع، والعمالة الماهرة اللازمة لتطوير القطاع، وأخيراً تشجيع شراء المنتجات المصنعة محلياً من خلال منحها ميزة تنافسية، علاوة على تيسير إجراءات تصدير المنتجات المصنعة محلياً إلى الخارج».
وانضم قطاع الصناعة إلى وزارة الاقتصاد، اعتباراً من شهر فبراير الماضي، بعد أن كان قطاعاً تابعاً لوزارة المالية، فيما بدأت وزارة الاقتصاد في إجراء توسعات في إداراتها لتستوعب القطاع الجديد، وفقاً للشحي، الذي بيّن أن «الإدارة ستراعي مواد ولوائح القانون الموحد لمكافحة الإغراق في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي بدأ تطبيقه في مايو من عام 2005، وتعد الدولة من أوائل الدول على مستوى مجلس التعاون التي تعطي ملف إغراق المنتجات الوطنية أهمية قصوى، بينما سيشهد هذا القانون بعض التعديلات خلال فترة قريبة مقبلة»، دون مزيد من التفاصيل.
خطر الإغراق
ووفقاً لصناعيين فإن «المنتجات المصنعة محلياً تواجه خطر الإغراق من منتجات أخرى واردة من الخارج رخيصة الثمن مقارنة بنظريتها المحلية، لاسيما في ظل غياب قانون يحمي الأخيرة أو دعم رسمي يقدم لها، في حين أن دولاً خليجية مجاورة تعطي الأفضلية لمنتجاتها الوطنية، حتى وإن ارتفعت أسعارها بنسبة 10% على أسعار المنتجات الواردة من الخارج، علاوة على الدعم الحكومي الموجه مباشرة للصناعة المحلية في هذه الدول، من أراض وتخفيضات على فواتير استهلاك الكهرباء والطاقة، ودعم الوقود للمصانع، وهو الأمر الذي تفتقده المصانع المحلية في الدولة».
وطالبوا ـ في وقت سابق ـ من خلال «الإمارات اليوم»، بإصدار قانون اتحادي لمكافحة الإغراق للمنتجات الوطنية من خلال الواردات السلعية الأقل سعراً من نظيرتها المحلية، نتيجة دعم حكومات هذه الدول للصناعة لديها بأشكال مختلفة».
تحدّيان
وشخّص مستثمرون صناعيون أن «المنتجات الوطنية تواجه تحديين، أحدهما عالمي، متمثلاً في ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في مراحل التصنيع، الذي ينعكس على تكاليف المنتجات ارتفاعاً، وتحدّ آخر من دول خليجية مجاورة، على اعتبار أن الصناعة في هذه الدول تلقى دعماً حكومياً، يجعل من تكاليف التشغيل والإنتاج لديها أقل عن التكاليف المحلية، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار هذه المنتجات عن مثيلاتها المصنعة محلياً».
وأكد رئيس اللجنة المالية والاقتصادية والصناعية في المجلس الوطني الاتحادي، حمد حارث المدفع، لـ«الإمارات اليوم»، أن اللجنة «ستدرج ملف إغراق المنتجات الوطنية ضمن مناقشاتها فور انتهاء الإجازة البرلمانية السنوية للمجلس»، مشيراً إلى أن «جهات رسمية تدرس حالياً الملف نفسه، دون تسميتها، فيما ستفرز هذه الدراسة عن مشروع قانون لحماية المنتجات الوطنية».
تشريعات واضحة
من جهة أخرى، رأى قانونيون أن «مكافحة الإغراق من خلال إصدار تشريعات واضحة، أمر يصب في مصلحة الدولة والاقتصاد الوطني، على اعتبار أن المصنع المحلي يواجه بضائع مستوردة قد تشكل أضراراً على منتجاته، وتالياً توقع به في خسائر مالية، من الممكن أن تدفعه بسهولة لإشهار إفلاسه».
واعتبر المستشار القانوني، عمر عبيدات، أن «مكافحة الإغراق من خلال قانون ونصوص تشريعية واضحة وآلية استلام والنظر في طلبات مكافحة الإغراق، أمر يصب في مصلحة المنتجات الوطنية، على اعتبار أنها تدابير وقائية لتجنب الوقوع في خسائر مالية لهذه المصانع، قد تؤدي إلى إفلاس بعضها»، منوهاً إلى عضوية الدولة في منظمة التجارة العالمية، والتزامها بالاتفاقات المنظمة في هذا الشأن.
وأوضح أن «شكاوى مكافحة الإغراق غالباً ما تقدم من قبل المصنعين المحليين، الذين يعلمون مدى قدرتهم على مواجهة بضائع وسلع مستوردة قد تشكل خطراً على منتجاتهم محلية الصنع، وتلحق بهم أضراراً مالية».
تأثير سلبي
وأشارت دراسة لمركز المعلومات في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، نشرتها «الإمارات اليوم» الشهر الماضي، إلى «وجود مخاطر إغراق بالأسواق المحلية بمنتجات صناعية أقل سعراً، ما يؤثر سلباً في الصناعة المحلية والسوق في ظل ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم في الدولة، وانخفاض الأسعار والتضخم في السعودية، وبعض دول الخليج».
ورأت الدراسة أن «عدم وجود قوانين وضوابط للمنافسة العادلة يمكن أن يؤدي إلى إغلاق بعض الشركات المحلية وتصفيتها لأنشطتها في ظل عدم توافر حماية مناسبة لها».
وعلى الصعيد الخليجي، بيّنت الدراسة أن «القدرة التنافسية لبعض قطاعات الصناعة الوطنية ستتأثر سلباً بنظيرتها السعودية في حال تطبيق السوق الخليجية المشتركة بشكل كامل».
أسعار محروقة
ولاحظ مدير عام مجموعة الشموخ الاستثمارية، الدكتور علي العامري، أن «حكومات بعض الدول المجاورة تقدم تسهيلات ودعماً مباشراً لصناعتها المحلية، ما يقلل من تكاليف التشغيل لدى هذه المصانع مقارنة بالمصانع الوطنية لدينا، وتالياً تنخفض أسعار منتجاتها في مواجهة منتجاتنا وبصورة غير عادلة، ما يؤدي إلى وقوع منتجاتنا في إشكالية الإغراق من سلع تباع بأسعار محروقة».
ولفت العامري إلى أن «تطبيق مبادئ السوق المفتوحة على العالم، ليس معناه أن نترك مصانعنا الوطنية مهددة بالإغلاق نتيجة إغراق السوق بمنتجات رخيصة الثمن أو مدعومة من قبل حكوماتها، بينما المفترض أن تسرع جهات رسمية في إصدار قانون يحمي منتجاتنا الوطنية».
ميزات تنافسية
وقال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، رجل الأعمال أحمد خلف المزروعي، إن «فلسفة السوق المحلية تعتمد على انفتاحها على العالم الخارجي، بينما مازال بعض الدول المجاورة يطبق مبادئ الأفضلية للمنتجات الوطنية، وهو أمر يضر بقدرة منتجاتنا على التنافس العادل مع هذه المنتجات».
وطالب المزروعي بـ«منح المنتجات المصنعة محلياً الأفضلية في التسويق على مستوى الدولة، ولتكن بنسبة 10% إضافية للسعر، إذ إن جودة بعض هذه المنتجات عالمية، وتطبيق مثل هذه القرارات سيصب في صالح المصنعين الوطنيين، كنوع من الإنصاف للمنتج المحلي».
الصناعة تسهم في 20% من الناتج المحلي
يسهم قطاع الصناعة بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، بعد قطاعي النفط والعقارات، وارتفعت الاستثمارات الصناعية إلى ما يزيد على 73 مليار درهم، خلال العام الماضي، مقارنة بـ 44 ملياراً في عام 2003، وبنسبة زيادة تزيد على 66%، بينما زاد عدد المنشآت الصناعية في الدولة من 2795 منشأة، إلى 3852 منشأة، تصل إلى 38%، خلال الفترة نفسها، وفقاً لبيانات رسمية تداولتها تقارير صحافية الشهر الجاري.
|