«سوي كاوبوي».. الأميركي والتايلاندية والملل

  متابعو هذا الفيلم التجريبي عليهم التحلي بالصبر.   آوت ناو


لن أتحمل مسؤولية ما يحمله فيلم Soi Cowboy, ولعل الأمر متعلق بمحاولة محاكاة أجوائه الغرائبية، المترافقة مع إيقاع بطيء يماثل الأحداث كما هي في الواقع، بمعنى أنه ما من حذف أو مونتاج للزمن الذي يأخذه كاملاً المخرج توماس كلاي، ليقدم بالأبيض والأسود علاقة رجل أميركي بدين، بفتاة تايلاندية رقيقة، حجمها  من ربع حجم الأميركي.

 

بداية فإن عنوان الفيلم هو اسم منطقة حمراء في بانكوك، ومعروفة بأنها وجهة السياح والمقيمين في تلك المدينة، وتحتوي على أماكن ترفيهية وبارات، وما إلى ذلك.

 

بعد توضيح عنوان الفيلم، فإنه يبدأ من اللحظة التي يستيقظ فيها الأميركي، بعد محاولته الاقتراب من الفتاة النائمة إلى جانبه ورفض الأخيرة له، لينهض بعدئذ بجسده الضخم، ونتابع كل ما يفعل بالتفصيل الممل، الحمام الذي يأخذه كاملا، ارتداءه ثيابه، شروده وهو أمام الكمبيوتر، ومن ثم استيقاظ الفتاة التايلاندية وتتبع ما تفعله بالتفصيل الممل أيضاً، دون أن يتبادلا كلمة واحدة.

 

يخرج وتمضي معه الكاميرا من دون اختصاره بالزمن الذي يستغرقه للوصول إلى وجهته، حيث يشتري مجموعة أفلام، ومن ثم شراؤه عقداً، وكل ذلك وكل ما نطق به لا يتجاوز الخمس كلمات.

لن أكمل على هذا النحو، لكن الفيلم يفعل وحتى آخر لحظة من زمنه البالغ 117 دقيقة، وهكذا فإن ما يوصله الفيلم وببطء شديد، هو الملل الذي يتحكم بهذه العلاقة، الملل الذي يتأثر به السرد نفسه، فكل ما يجمع بينهما هو المال، الأميركي يريد الجنس والمتعة من الفتاة، بينما تريد هي المال، الذي تأخذه منه وتعطيه لأهلها، قائلة لأخيها أن يجد عملاً لأنها ما عادت تحتمل وزنه الثقيل.

 

الأميركي يعيش على «الفياغرا»، يهديها عقداً فتقول له ما ثمنه لأنها ستبيعه في الحال، ومن ثم يأخذها في رحلة إلى مكان ما في الصين، ونتابع كل فصول تلك الرحلة ولا شيء يحدث، يتجولان في الحدائق من دون أن يتبادلا كلمة واحدة، كذلك الأمر في المطعم، في الفندق، وفي النهاية لا بد لها أن تستجيب لشهوته، وهذا ما نشاهده، وهي تحت وطأة جسده الثقيل لا تجد إلا الدموع.

مما تقدم أعود وأكرر أن كل ما نشاهده يمر أمامنا بالتفصيل، أي أن تجولهما في الحديقة يمتد لربع ساعة نشاهد فيها مشاهد طبيعية متكررة إلى ما لا نهاية، بل إن مشهداً يتمثل بصعود امرأة عجوز معهما في المصعد تتوكأ على عكاز، يمتد من لحظة خروج المرأة العجوز من المصعد ومشيها مثل النملة بالاتكاء على عصاها إلى أن تصل غرفتها.

 

فجأة يتغير ما تقدم ونمضي إلى مكان مغاير تماماً، ويصبح الفيلم بالألوان، وتتحول الأحداث إلى شاب نراه يعود إلى قريته، يمضي بعض الوقت مع أخيه، يثملان ويتبادلان الأحاديث، ومن ثم يمضيان إلى غابة، ونشاهد الأخ الأكبر ينحني ويسأل الآخر أن يقطع رأسه، ويقوم بذلك، ويضع رأسه في كيس ويعود إلى بانكوك، وهناك يسلمه في حانة خاصة لرجل عصابة، ويقوم هذا الأخير بإطلاق النار عليه.

 

يحدث كل ذلك أمام الأميركي وفتاته، الفتاة تبكي وهي حامل، كون الرأس المقطوع قد يكون لأخيها، هذا تفسير لا يجد الكثير لنسانده به، لكن ليس في الأمر كثير أهمية مادام الفيلم من أوله إلى آخره مبنياً على الغرابة.

 

يندرج فيلم «سوي كاوبوي» في خانة التجريب، لكن على المشاهد أن يتحلى بكثير من الصبر لمواصلة مشاهدته أولاً، ففي العرض الخاص بالنقاد والصحافيين في مهرجان كان، افتقد الكثيرون هذا الصبر، بل أجبرهم الفيلم على أن يفقدوه.
تويتر