ارتفاع الديزل يهدد مصانع محلية بالإفلاس

ارتفاع تكاليف التشغيل أضعف القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية. تصوير : دينيس مالاري

رأى صناعيون أن «الارتفاع المتلاحق في أسعار وقود الديزل سيرفع من تكاليف تشغيل المصانع المحلية، مقارنة بنظيراتها الخليجية التي تحصل على غالون الديزل بأسعار تقل عن سعر غالون المياه»، متوقعين ارتفاع تكاليف التشغيل بنسبة تصل إلى 10% خلال الأشهر القليلة المقبلة.

 

وأشاروا إلى أن «الارتفاعات المستمرة تؤثر سلباً في حركة المنتجات الصناعية محلياً، ما يهدد شركات ومصانع صغيرة بالإفلاس وخروجها من السوق».

 

وارتفعت تكاليف تشـغيل بعض المصانع بنسب راوحت  بين 20 و30% منذ مطـلع العام الجـاري، فيما عزا مراقبـون هذه الزيادة إلى أسعار الوقود في المقام الأول، مطالبين بـ«توجيه دعم مباشر للصناعة الوطنية، حتى وإن كان دعماً مرحلياً لحين انتهاء أزمة الغلاء، لاسيما في ظل وجود منتجات صناعية منافسة آتية من دول خليجية مجاورة، تقل أسعارها بنسبة تصل إلى 20% عن نظيرتها المصنعة محلياً، فيما تحتاج الأخيرة إلى دعم حكومي مباشر، كي تتمكن من المنافسة بعدالة مع منتجات أخرى مدعومة من حكومات بلادها».

 

وكان وزير الاقتصاد، الدكتور سلطان بن سعيد المنصوري، كشف في تصريحات لـ«الإمارات اليوم»، أول من أمس، عن «توجهات حكومية قوية خلال الفترة الحالية لإنجاح قطاع الصناعة الوطنية»، مؤكداً أن «الأمر يحتاج بالضرورة إلى دعم قطاعات أخرى ذات علاقة بالصناعة، من بينها قطاعات الطاقة واستهلاك المصانع منها، وكذا الأراضي المخصصة لبناء المصانع، والعمالة الماهرة اللازمة لتطوير القطاع، وأخيراً تشجيع شراء المنتجات الوطنية محلياً، من خلال حصولها على ميزات تنافسية، علاوة على تيسير إجراءات تصديرها إلى  الخارج».

 

وكانت شركات «إمارات» و«إينوك» و«إيبكو»، العاملة في دبي والإمارات الشمالية، قررت رفع أسعار بيع غالون الديزل قبل أسبوع، وللمرة العاشرة منذ مطـلع العام الجـاري، ليصبـح سـعره 19.25 درهماً، بعد أن كان يباع بسعر 12.2 درهما في شهر يناير الماضي، بنسبة زيادة 58%، وكذا بزيادة قدرها 124% عن نظيره المبيع في شركة «أدنوك للتوزيع» التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية (8.6 دراهم للغالون)، المدعومة من حكومة أبوظبي.

 

ثلاثة ارتفاعات
وقال مدير شركة «الموسى الصناعية» رضا نبيل «إن تكاليف التشغيل في بعض المصانع المحلية ارتفعت ثلاثة أضعاف خلال العامين الماضيين، فيما لا يمكن أن نعكس تكاليفنا المرتفعة على العملاء بنسب مماثلة حتى لا نفقد ثقة المستهلكين».

 

وأضاف «كنا نعتمد في صناعاتنا على نسبة تراوح بين 70 و 80% من الحديد الوارد من المملكة العربية السعودية، بينما صدر قرار سعودي في هذا الشأن بمنع تصدير الحديد، لنقع بين نقص الإمدادات من الحديد، والخسائر الناتجة عن ارتفاع تكاليف التشغيل، علاوة على ما يحدث حالياً من ارتفاعات متكررة في أسعار وقود الديزل، الذي شكل عبئاً إضافياً لا يمكن إهماله في احتساب هوامش التكاليف الإضافية».

 

عدالة مفقودة
وحذر مهندس المبيعات في شركة «سمكو» للمنتجات الحديدية والهياكل المعدنية محمد شومان من «خطورة تحمل المصانع أعباء إضافية حالية، في ظل عدم عدالة المنافسة بين المنتجات المحلية ومنتجات دول التعاون على سبيل المثال، إذ تتمتع الأخيرة بدعم حكومي وتقلص في تكاليف التشغيل لديها، فيما نعاني محلياً من التعاطي المباشر مع السوق العالمية، وتالياً فمنتجاتنا تعدّ الأعلى في تكاليفها، ومن ثم فإن المستهلك الأخير هو المعرض للدفع بأسعار أعلى عند الشراء».

 

وأضاف أن «الديزل عنصر جوهري في عمليات النقل والشحن للمنتجات، ونجري نحو ثماني رحلات شحن حول الإمارات يومياً، فيما ارتفعت أسعار الديزل بشـكل مبالـغ فيه منذ مطلـع العام الجـاري، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف التشـغيل والنقل، التي تمثل نحو 15% من إجمالي الميزانيات السنوية للشركات والمصانع، والديزل يدخل تقريباً في أغلب عمليات التشغيل، بينما في دول خليجية مجاورة يقل سعر غالون الديزل عن سعر غالون المياه».

 

إفلاس مصانع
وأشار المدير التنفي ذي في مجموعة الشموخ الصناعية الدكتور علي العامري إلى «مخاطر كبيرة تقف خلف قرارات شركات الوقود برفع أسعار منتجاتها من الديزل أخيراً، تصل إلى إفلاس شركات ومصانع وطنية صغيرة لعدم قدرتها على مجاراة الزيادات المتواصلة»، مطالباً ب «دعم حكومي مرحلي للصناعة الوطنية لأجل عبور أزمة الغلاء،من دون أن تخسر الدولة شركات ومصانع وطنية كانت تطمح إلى المنافسة العادلة لمنتجاتها مع منتجات لدول مجاورة على الأقل».

 

وأوضح أن «نسبة الزيادة في تكاليف تشغيل المصانع ارتفع ت بنس بة ت راوح بين 20 و 30% منذ مطلع العام الجاري، أس همت  أس عار الدي زل بنص يب الأس د في أعبائها الإض افية، فيما لابد ألا يترك السوق لش ركات الوق ود دون ضوابط واضحة لتحديد الأسعار»، لافتاً إلى أن «منتجات دول مجاورة وعلى رأسها السعودية، تقل أسعارها بنسبة تصل إلى 20% عن أسعار منتجاتنا المصنعة محلياً، نتيجة انخ فاض تكاليف التشغيل هناك عن مثيلاتها محلياً، وكذا الدعم الحكومي الموجه إلى المنتجات المحلية فيها».

 

10% زيادة للنقل 
أكد رئيس شركة«سيكم» لصناعات المواد الكيماوية مروان زين، أن «أسعار النقل مرشحة للزيادة بنسبة تصل إلى 10% على كل حمولة، نتيجة ارتفاع أسعار الديزل»، مشيراً إلى «تأثر شركته سلباً في مجال استئجار الرافعات والمعدات الثقيلة للأسباب نفسها». وأضاف أن «حكومات كل من الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول الاتحاد الأوروبي تتدخل في أسعار المشتقات البترولية بقرارات سيادية، ولا تترك الأمر لعبث الشركات».

 

وكان مسؤول رسمي في شركة «إينوك»، طلب عدم ذكر اسمه، أرجع الزيادات المتتالية في أسعار غالون الديزل إلى «ارتفاع أسعار النفط عالمياً» مجدداً وعد الشركة «بخفض الأسعار مرة أخرى، حالما تنخفض الأسعار عالمياً، بحكم أن شركات الوقود في دبي تعتمد سياسة تحرير سعر بيع الديزل، ولا تدعمه، على العكس من شركة «أدنوك للتوزيع» التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية، التي تثبت أسعار بيع الغالون عند 8.60 دراهم منذ عام 2006 ».   
 
تويتر