|
تقلبات الأسواق المالية أسهمت في خروج المستثمرين الأجانب. تصوير: أشرف العمرة
ارتفع المؤشر العام لسوق الإمارات للأوراق المالية خلال الأسبوع المنقضي بنسبة 2.03%، وذلك في أعقاب ارتفاع مؤشر سوق أبوظبي بنسبة 2.5% وارتفاع سوق دبي بنسبة 1.41%.
وارتفعت قيمة التداولات الأسبوعية لتصبح 15.47 مليار درهم مقارنة بـ10.62 مليار درهم في الأسبوع السابق، الأمر الذي يعنى ارتفاع متوسط قيمة التداول اليومية من 2.12 مليار درهم إلى 3.09 مليارات درهم مع تحول صافى الاستثمار الأجنبي إلى السالب خلال هذا الأسبوع، ليصل إلى 914.15 مليون درهم ، وبذلك ترتفع القيمة السوقية للأسهم المدرجة بالسوق مع نهاية هذا الأسبوع لتصل إلى 861.15 مليار درهم.
زوال المخاوف
وقال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع «إن أسوق الإمارات بدأت جلسات الأسبوع بتراجعات غير مبررة يوم الأحد، فعلى الرغم من تراجع البورصات العالمية يوم الجمعة الماضي إلا أن تسييلات الأجانب كانت محدودة لم تتجاوز مبلغ 25 مليوناً، بينما تعرضت الأسواق في يوم الأحد إلى موجة تراجع كبير في سوقي دبي وأبوظبي، وذلك رغم زوال المخاوف من تحذيرات سفارات أجنبية لرعاياها بحدوث عمل إرهابي في الإمارات».
وأضاف «الأداء تحسن بشكل واضح، بدءا من الثلاثاء وهو بداية النصف الثاني من العام المالي، حيث عادت التقويمات التي تصدرها شركات مالية إقليمية ودولية حول الأسعار العادلة لأسهم بعض الشركات وتوقعاتها لأرباح الربع الثاني لتمارس تأثيرها الايجابي على الأسواق التي ملت حالة الغيبوبة التي دخلت فيها منذ أكثر من شهر، الأمر الذي شجع مضاربين كباراً لاقتناص فرصة استغلال معلومات محددة منتشرة ومعروفة تساعد على انتقائية وتركيز على تداولات عدد محدد من الأسهم، وهكذا وجدنا انتقائية ترفع أسعار بعض الأسهم بشكل غير مبرر كما حصل في جلسة الأربعاء بشكل خاص لسهم «طاقة».
وتابع «حتى لو كانت الأرباح المتوقعة لشركة «طاقة» عالية جداً، فإن مجرد الاكتتاب الذي سيتيح للمتداولين الحصول على السهم بسعر درهمين يفترض أن يحول دون ارتفاع السعر الحالي إلى ما فوق مستوى الثلاثة دراهم بأحسن الأحوال، ما يطرح سؤالاً حول حجم الأرباح المتوقعة التي ستحققها «طاقة» في الربع الثاني، والتي تبرر سعراً يكاد يقترب من سعر ما قبل الإعلان عن إصدار سندات قابلة للتحويل إلى أسهم بسعر درهمين للسهم، وبنسبة تصل إلى 50% من مجموع رأس المال المصدر، والى ذلك، عندما تقرر أن يكون الاكتتاب بنسبة 2:1 كان من المنطقي أن يقوم حامل كل كمية من الأسهم ببيع نصف الكمية التي لديه بأي سعر يزيد على الدرهمين بعد يوم 19 يونيو، طالما أنه سيحصل عليها بعد شهرين، وبالفعل فقد بدأ البيع بعد اليوم المحدد بشكل كبير ووصل في اليوم الأول إلى الحدود الدنيا، فما الذي يبرر الآن عودة السهم إلى الارتفاع ليسجل في جلسة الثلاثاء ارتفاعاً إلى الحدود العليا ويسجل في يوم الأربعاء ارتفاعا بنسبة 6.6%؟».
مضاربات منتقاة
وتساءل الشماع «إذا كان ارتفاع أسعار النفط إلى المستويات القياسية هو الذي أقنع المتداولين بأن ارتفاع سهم «طاقة» منطقي ولابد من تتبعه، فإن عدم ارتفاع سعر سهم «دانة غاز» رغم انجازاتها في مصر والعراق يثبت أن ارتفاعات «طاقه» و«آبار» كانت إما مضاربات بحتة تستغل ظروف ما قبل الإفصاح، خصوصاً أن «آبار» ستكون لديها أرباح كبيرة غير متكررة ناجمة عن بيع شركة «بيرل انرجي» أو أن هذه المضاربات نتاج تسريبات أو معلومات غير متاحة للجميع».
ولفت إلى أن «المضاربات التي بدأت مع بداية النصف الثاني من العام كسرت الحاجز النفسي لحالة الركود والغيبوبة التي عاشتها الأسواق خلال الشهر الماضي، مستفيدة من توقعات الأرباح العالية للربع الثاني. كما أفلحت هذه المضاربات في تحفيز المستثمرين والمحافظ للدخول إلى السوق، وكذا في موازنة ضغوط البيع الكبيرة للمستثمرين والمحافظ الأجنبية، والتي بلغت 914.15 مليون درهم خلال الأسبوع في كلا السوقين».
وأكد أنه «رغم ايجابيات هذه المضاربة الانتقائية في تحريك الأسواق واستقطاب السيولة وتشجيع مديري المحافظ وكبار المستثمرين والمضاربين على العودة للأسواق كمشترين قبيل الإعلان الرسمي عن النتائج التي سيبدأ الإفصاح عنها خلال أيام، إلا أن هذه المضاربات الانتقائية قد أضرت بصفاء رؤية وتصورات المستثمرين لتوجهاتهم الاستثمارية، حيث أسهمت في تشويه معايير الاستثمار في الأسواق المالية في الوقت الذي لاتزال الأسواق تعاني فيه من شح نسبي في السيولة يجعلها عرضة لتقلبات سريعة تنجم عن أبسط وأقل ضغوط للبيع تترتب على خروج مستثمرين أجانب أو على عمليات جني أرباح محدودة».
نمو الأرباح
وقالت المحللة المالية في شركة «الفجر للأوراق المالية»، مها كنز «إن توقعات نمو أرباح الشركات في الربع الثاني من العام المالي الجاري يتوقع أن تؤثر في أسعار الأسهم إيجاباً خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد أن ظهرت بشائر هذه الأرباح في إفصاح شركة «الخليجية للاستثمارات العامة» عن قيمة أرباحها الصافية للنصف الأول من العام الجاري».
وأضافت «الشركة حققت نمواً متميزاً على صعيد الإيرادات والأرباح فقد بلغت أرباحها الصافية للنصف الأول من العام الجاري 505 مليون درهم مقارنة بـ 260 مليون بذات الفترة من العام الماضي وبنسبة نمو 94%، كما ارتفعت الإيرادات بنسبة 54% ووصلت إلى 4,3 مليارات درهم خلال النصف الأول من عام 2008 مقارنة بـ 2,8 مليار درهم بالفترة المقابلة من العام الماضي».
وأشارت إلى أن «ما حققته الشركة خلال النصف الأول من العام الجاري يعد انجازاً متميزاً ويبشر بتحقيق الشركات الأخرى نتائج أعمال ايجابية، فقد حققت الشركة خلال النصف الأول من عام 2008 نسبة 91% من أرباح عام 2007 بأكمله والتي بلغت 555 مليون درهم، وكان على أثر ذلك أن تجاوز السهم أعلى قمة سعرية بلغها في عام 2005 وهي ثمانية دراهم للسهم، فقد سجل قمة جديدة بجلسة الأربعاء الماضي، حيث وصل سعر السهم 8.38 دراهم، وأغلق في نهاية الأسبوع عند مستوى 8.07 دراهم أي أن سهم الشركة يتداول على مضاعف الربحية 8.7 مرات ومضاعف دفتري 2.3 مرة وفق الأرباح المتوقعة لعام 2008 والتي قد تصل إلى مليار درهم».
حلقة مفرغة
قال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع «ظاهرة شح السيولة التي تعاني منها الأسواق لم تنتهِ بمجرد تحسن أداء الأسواق، كونها تعبر عن اختلال هيكلي في التوازن القطاعي الذي أكدته هذا الأسبوع دراسة صادرة عن دائرة التخطيط والاقتصاد في إمارة أبوظبي حذرت فيها من توسع الإنفاق الاستهلاكي على حساب الاستثمار، حيث رأت أن معدلات التضخم العالية التي تتصاعد أيضاً بسبب النمو الكبير في القروض الاستهلاكية يفاقم من تدفق السيولة النقدية من السوق المحلية إلى الأسواق العالمية، ذلك لأن غالبية السلع المستهلكة في المجتمع هي سلع أجنبية، حيث تعتمد الدولة على نحو 85% من احتياجاتها السلعية على الاستيراد بخلاف الاقتصاديات المتقدمة التي يشكل فيها الاستهلاك ثلثي الاقتصاد، الأمر الذي يتطلب، وفقاً لهذه الدراسة، إعادة تنظيم عمليات الاقتراض الشخصي الاستهلاكي وإعداد برامج متوازنة تعمل على تعزيز قيم التوفير والادخار والاستثمار».
وتابع «هذا الجزء الأخير لا يمكن أن يتحقق من دون أن تسهم الأسواق المالية في استقطاب المدخرات، فإذا كنا أمام حلقة مفرغة من العلاقة السببية بين التضخم المستنزف للسيولة والعزوف عن الادخار والاستثمار في أسواق الأسهم من جهة، وبين حالة الجمود والسير الأفقي التي تنتاب الأسواق المالية، التي لا تحفز على الادخار والاستثمار، فإن كسر هذه الحلقة المفرغة أمر مناط بالمحافظ الاستثمارية والمستثمرين الكبار من أصحاب المصلحة الحقيقة في رؤية انتعاش الأسواق المالية».
|