مبدعون يؤكدون أن الشعر ما زال بـعـافية

الشعر ضرورة حياتية في الثقافة العربية. 

ما زال الشعر يقاوم ضغوط الحياة، ويؤكد فرادته وحاجة الانسان المستمرة إليه، وسط صخب ظروف الحياة القاسيةوتغيرها، والملأى بالحروب والنزاعات، والاغاني الهابطة، ووسائل الاعلام وهي تتجاهل الشعر الحقيقي الجاد، وتستبدل به، تكريس الشعر العامي على حساب اللغة العربية الفصحى، نوعا من التهميش للغة وديوانها العربي «الشعر».

 

في التحقيق الذي اجرته «الامارات اليوم» مع عدد من الشعراء العرب، اكدوا مكانة الشعر في مواجهة تهميشه، وديمومة عافيته، وأنه ما زال قادرا على اضفاء الروح الجميلة على قسوة الحياة وإن أدارت له ظهرها، وأن يلون المعيش واليومي وإن تكدرت تفاصيل النهار.

 
المتوكل طه  

ويرى الشاعر الفلسطيني المتوكل طه «الشعر أوكسجين البشر، ونسغ القلوب، وطير الأحلام، وواحة الصحراء، هو ما تبقى للناس في زمن الكارتيلات الاقتصادية وحاملات الطائرات».والشعر «المنافح الأجمل عن ما تبقى من سجايا البشر، وتطلعاتهم وهو وردتهم المتبقية في هذا الكون المدمر».

 

اما الشاعرة البحرينية الشيخة لولوة آل خليفة فلها رأي مختلف عن الشعر، فقد قالت «اعتقد أن الشعر نوع من الجنون وأن الموهوب أو الشاعر فيه نوع من الجنون، والمتلقي إذا لم يكن موهوبا فلن يتلقى الشعر».
 
منذر عياشي
  
ويؤكد الناقد السوري المعروف الدكتور منذر عياشي أن «لا خلاص لنا الا بالشعر»، و«عندما اقول لنا نحن هنا وهناك على سطح الكرة الارضية، ومن غير الشعر ستصبح الارض جدباء أو سيحرقها نووي الجهل والقسوة والعهر».

روضة الحاج 

الشعر قادر على تغيير الازمات التي يعيشها الناس وتجاوزها كما تقول الشاعرة السودانية روضة الحاج «في تقديري ان الشعر يظل قادرا دائما مهما اختلفت الازمات وتغيرت، يظل يحمل هذه الخصيصة القيمة، القدرة على التغيير، يبقى ان يلهم الشعراء، لأن عددا غير قليل منهم اصبح يردد ايضا عبارة ان هذا ليس زمان الشعر، اتصور ان الايمان بالشعر جزء من حرارة  القصيدة وصدقها، وبالتالي يعيد الظن بمقدرة الشعر على إحداث كل التغيير».


ويتوقف الشاعر الاماراتي عبدالله بن الهدية الشحي عند السؤال عن ماهية الشعر، وسط ما يعانيه الناس من تكالب الصعوبات والتسطيح، ليقول «الشعر هو الملاذ. لذلك من خلال تتبع الساحة وأطياف المجتمع المختلفة، اجد في الشعر ملاذا؛ سيبقى الشعر هو ديوان العرب، وليس هنا المقصود تلك القصيدة المنبرية، وإنما المقصود جمالية الشعر». ولفت الى الحاجة الكامنة للانسان الى الاسترخاء «الانسان بحاجة دائمة الى فترة من الاسترخاء، والشعر هو احد هذه الاشياء».

 

ويؤمن الشاعر اللبناني زاهر ابو حلا بأن الحياة هي الشعر وأننا نحيا من خلاله «الشعر بالنسبة لي هو الحياة، وأنا مؤمن بأننا نحيا بالشعر، فمن هذا المرتفع لا ارى الشعر حالة تزينية، وإنما هو المحرك العميق لاطلاع الرؤى، وسبره الابعاد الجمالية التي تؤسس للمستقبل». ويضيف ابو حلا «اذن الشعر الحقيقي هو مبعث ايماننا في الحياة الى حد التماهي بها والنهوض بأبراجها الابداعية بحركة تصاعدية باتجاه المطلق الجميل».


من جانبه اكد الناقد العُماني الدكتور محمد المحروقي ان فنون الكتابة اخذت من الشعر اسلوبا جديدا للتعبير «لا يمكن ان يأفل نجم الشعر، لأنه لو أفل، فذلك يعني أفول الحياة، بمعناها العميق والجميل، قد تظهر انماط وأجناس ادبية تأخذ الاهتمام الذي كان قد احتكره الشعر في السابق؛ لكنها لا يمكن ان تسحب البساط مرة واحدةمن تحت قدميه».


وأضاف «هناك من يتحدث عن ان هذا العصر عصر الرواية، وهناك بروز لفن القصة القصيرة بشكل لافت، من حيث الكثرة والشيوع».


واستدرك الناقد المحروقي «لكن حتى هذان الجنسان نجد ان الشعر يتسلل اليهما بقوة، فتكاد القصة القصيرة تكتب بلغة شعرية، الشعر موجود في كل شيء، الشعر في الاغاني والاعلانات والاناشيد فلا يمكن ان يأفل نجم الشعر».

 

يوسف رزوقة 

حتمية بقاء الشعر وديمومته اكدها بدوره الشاعر التونسي يوسف رزوقة «سيظل الشعر ما بقي الانسان والنبع والاسئلة الكبرى، على خلفية ان الكلمة هي ما يمكن في الارض، لأنها تعطي للكائن قيمة مضافة، وتخفف من ضغطه العالي في هذا العصر ذي الإيقاع المتسارع».


وأوضح «بالتالي للشعر جدوى الآن وهنا اكثر من ذي قبل. فهو بمنزلة اليوغا الشعرية التي يمكن ان تكون لإنسان هذه المرحلة في ألفيتها الثالثة نعم الملاذ».


واكتفى الشاعر المصري احمد بخيت بالقول «الشعر ضرورة انسانية، وليس زينة مضافة لتطبيب روحي وليس نزهة مرحة، الكتابة الحقيقية والابداع عمل بطولي لا يقل شجاعة ونبلا عن مكافحة الايدز والسرطان».

واتفق معه الشاعر الاردني الدكتور ناصر شبانة «سيظل الشعر ديوان العرب مهما قيل في ذلك، وستظل للشعر جدواه وجذوته المتوقدة، كيف لنا ان نتخيل العالم من دون شعر، سيتحول الى كومة من رماد، انه عمود التوازن الذي يعيد إلى الذات توازنها وجمالها».

مؤكدا حاجة فيه المرء الى الشعر «نحن في هذا الزمن الذي ينشب مخالبه في ارواحنا بأمسّ الحاجة الى لمسة الشعر الحانية، لترميم ارواحنا مما اصابها من قبح ودمار، وبهذا المفهوم يبدو الشعر ضوءا سرمديا لا غنى لنا عنه».


   

تويتر