«المباني الحاملة» توفر 40% من تكاليف الإنشاء

«المباني الحاملة» تقلل من استخدام الحديد بنسبة تراوح بين 20% و40%.تصوير: خافيير ويلسون

دعا مهندسون استشاريون، إلى تبنّي أنظمة جديدة للبناء بطريقة الحوائط الحاملة، التي تعتبر الأقل استهلاكاً للمواد الإنشائية، لاسيما حديد التسليح والإسمنت، اللذين يشكلان نحو 30% من تكاليف مقاولة البناء الواحدة، لافتين إلى أنها «ستقلل من استخدام الحديد  بنسب تراوح ما بين 20% و40%، خصوصاً حديد التسليح، الذي يعاني أزمة نقص وتلاعب من قبل مورّدين وسماسرة، أسهمت في رفع أسعاره بنسبة 130% منذ مطلع العام الجاري».

 

ووفقاً للاستشاريين، فإنه «لابد من الاتجاه إلى استخدام نظام الحوائط الحاملة في البنايات قليلة الارتفاع والفلل السكنية حالياً، إذ يعتبر ملائماً جداً للتنفيذ محلياً، خصوصاً في المناطق السكنية الخالية من الأبراج، والتي تشهد إقبالاً من مشترين ومستأجرين في الآونة الأخيرة».

 

واعتبر مقاولون أن تطبيق هذه الأنظمة الإنشائية، لاسيما للفلل السكنية الخاصة بالمواطنين «سيقلص كثيراً من نفقات إنشاء هذه المساكن، بنسبة تصل إلى 40%، إذ إنها طريقة معمارية معترف بها، دون إخلال بقواعد التنفيذ الإنشائي، فضلاً عن توافر الإمكانات المحلية من حيث توافر المساحات غير المبنية بصورة تسمح بالتوسع أفقياً، علاوة على الإمكانات المالية لتمويل مثل هذه المشروعات».

 

إمكانية التطبيق وتفصيلاً، قال رئيس قسم العمارة في كلية الهندسة، جامعة الشارقة، الدكتور خالد نصار، إنه «من الممكن تطبيق هذه الطريقة في البناء محلياً، في حال أجريت الدراسات المناسبة من قبل الجهات المختصة»، لافتاً إلى أنها «طريقة ملائمة جداً للإنشاء في المناطق السكنية التي لا تحتوي على أبراج، وتشهد إقبالاً أكبر من قبل المشترين والمستأجرين، على الرغم من عزوف الغالبية العظمى من المطورين والملاك عن استخدام البناء بهذه الطريقة، نظراً لأن المباني الشاهقة تسيطر بشكل لافت على توجهات الإنشاء محلياً، لكن الضرورة تقضي بتنويع طرق وأساليب البناء، في ظل الغلاء الحاصل في أسعار مواد البناء الرئيسة، لاسيما حديد التسليح والإسمنت».

 

وأضاف أن «ثمة عيوباً بسيطة على البناء بنظام الحوائط الحاملة، تختزل في تغيير التصميم وعدم توافر مادة الحجر، إلا أنها طريقة ملائمة للتقليل من استخدام الحديد وخصوصاً في ضوء ارتفاع الأسعار، فضلاً عن توافر المؤهلات، من مساحات غير مبنية ما يتيح التوسع أفقياً وكذا الإمكانات المالية».

 

وكانت أسعار حديد التسليح سجلت ارتفاعاً لافتاً منذ مطلع العام الجاري، ببلوغ سعر طن الحديد 5350 و5500 درهم، بعد أن كان يباع بسعر 2400 درهم، في شهر يناير الماضي،  بنسبة زيادة 129%، فيما «تعمّد سماسرة ووسطاء رفع أسعار بيع أكياس الإسمنت زنة 50 كيلوغراماً، ليراوح ما بين 20 و21 درهماً للدفع النقدي الفوري، و24 إلى 25 درهماً، للدفع الآجل، في إطار مضاربات شبه يومية، على الرغم من اتفاق وزارة الاقتصاد مع مجموعة منتجي ومصنّعي الإسمنت، على تثبيت سعر الطن عند 320 درهماً والكيس الواحد عند 16 درهماً»، وفقاً لمقاولين.

 

تقليص مدة التنفيذ
من جهة أخرى، أكد نائب رئيس اللجنة الفنية الاستشارية العليا في جمعية المقاولين، الدكتور عماد الجمل، أن تنفيذ بنايات بنظام الحوائط الحاملة، «سيقلص من مدة تنفيذ المبنى إلى ما بين ثلاثة وستة أشهر، بينما البنايات ذات الهياكل الخرسانية، تحتاج إلى فترة تراوح ما بين 8 - 12 شهراً للتنفيذ».

 

وبين أن «استخدام المواد الخرسانية يدخل في نحو 30% من إجمالي تكاليف البناية كاملة، فيما يلعب الحديد والإسمنت دوراً مهماً في هذه التكلفة، بينما لا يعفي ذلك المصنّعين من مسؤولية فتح أسواق جديدة لاستيراد مواد البناء، لاسيما حديد التسليح والإسمنت، اللذين لا غنى عنهما في عمليات البناء للأبراج والمباني الشاهقة».

 

وأكد الجمل أن «لجوء مطورين وملاك إلى البناء بنظام الحوائط الحاملة ليس إلا نتاج بحث عن التنفيذ الأرخص في تكاليفه، والأسرع في الوقت نفسه، بينما من الممكن أن يستخدم هذا النظام في بناء الفلل الخاصة بالمواطنين من خلال برامج الإسكان المختلفة».

 

 توفير مالي
من جهته، قال مدير عام شركة العروبة للمقاولات، المهندس أحمد عبدالباقي،  «توفر الحوائط الحاملة أكثر من 20% من تكاليف البناء، لاسيما مع الاستغناء عن الكميات الكبيرة من الحديد والخرسانة، خصوصاً إذا ما تم استخدام الكابلات المشدودة معها وقد تصل نسبة التوفير في كمية الحديد ما بين 40% و50%»، مضيفاً أن «الحوائط الحاملة لها فوائد أخرى بيئية، إذ تعزل الحرارة والصوت بشكل محكم، وتالياً فهي موفرة لاستهلاك الطاقة».

 

وأشار عبدالباقي إلى أن «أسلوب البناء بالحوائط الحاملة يعطي المبنى عمراً افتراضياً أطول قد يصل إلى 100 عام وأكثر، فيما لا يتجاوز العمر الافتراضي للمباني الخرسانية ما بين 40 و50 عاماً فقط»، علاوة على أن «المباني ذات الحوائط الحاملة تنذر بمجموعة من الدلالات والمؤشرات قبل انهيارها، منها وجود شقوق أو شروخ في الجدران الأمر الذي يمكن تلافيه مقدماً، عبر ترميم المبنى أو تدعيمه، في حين تنهار المباني الخرسانية بشكل مفاجئ».

استغناء عن الحديد والإسمنت
 قال عضو مجلس إدارة جمعية المقاولين، مدير عام شركة هندسة الدرويش، حمد جاسم الدرويش، «إن التوجه نحو إنشاء مباني بنظام الحوائط الحاملة، سيقلل من الطلب على مواد البناء الرئيسة مثل حديد التسليح والإسمنت، ما يسهم في خفض أسعارها بشكل مباشر نتيجة استغناء بعض المقاولين عن الاستعانة بها في عمليات الإنشاء»،


 لكنه أشار إلى «محدودية تأثير ذلك في ظل تحديات أخرى تواجه قطاع البناء والتشييد، لاسيما مع ارتفاع أسعار وقود الديزل والرسوم الحكومية وأخيراً ضريبة القيمة المضافة». وأكد الدرويش أن «المقاول ملتزم بتنفيذ الخطط والخرائط التي يتسلمها من الاستشاري، سواء كانت لبنايات بنظام الهيكل الخرساني أو الحوائط الحاملة، غير أن طرق تنفيذ الأبنية بنظام الحوائط الحاملة توفر الوقت بشكل لافت لما يقارب النصف».

 
المباني الحاملة  
بعد ارتفاع أسعار مواد البناء بدأت ظاهرة البناء دون أعمدة خرسانية وأصبحت ضواحي بعض المدن تتكون من كتل سكنية متلاصقة ترتفع لأربعة طوابق دون استخدام سيخ حديد واحد في أي من بيوتها ودون أي عمود، فيما تمتاز جدرانها بالضخامة.


وتسمى هذه الجدران التي يصل عرضها إلى طوبتين بـ«الحوائط الحاملة»، ويرى خبراء أن الحوائط الحاملة أفضل من الخرسانة في كل أنواع التربة؛ لأن التربة التي تتحمل عمود الخرسانة، الذي يصل وزنه إلى عدة أطنان، تتركز في مساحة ضيقة، يمكنها أن تتحمل الحوائط الخفيفة في وزنها  مقارنة بالأعمدة المسلحة.

تويتر