«اطرُدوا البنغال»

سلمان الدوسري

 

حملة شعبية غير مسبوقة تشنلاها دول الخليج للتخلص من العمالة البنغالية، البحرين قررت عدم استقدامهم، والكويت سبقتها بقرار آخر، بينما في السعودية تم وقف استقدام بعض الفئات منهم. الغضب الشعبي يمكن فهم أبعاده، كما أنه من السهولة حشد مثل هذه الحملات ضد أي عمالة؛ لأنها وافدة أولاً، وثانياً بسبب تصرفات حقيقية من (بعض) هذه الجالية تحديداً. لكن ما لا يمكن فهمه هو كيف نكيل بمكيالين في اتخاذنا لمثل هذه القرارات، فعلى سبيل المثال نغضب يومياً من تصرفات السفارات الغربية تجاه منحنا تأشيرات دخول لبلدانها، فتجدنا نرفض مثل هذه التصرفات ونعتبرها تجاوزاً غير مقبول، وبالتأكيد معنا حق، فكيف نتعامل (رسمياً) بفوقية مع الآخرين؟!

 

أفهم أن يرفض بعض مواطني الخليج استقدام العمالة البنغالية، لكني أفهم أيضاً أن هناك شيئاً اسمه دبلوماسية في التعامل مع تلك الجالية أو غيرها، فكما نطلب نحن من الآخرين أن يتعاملوا معنا باحترام ولباقة، فإن هناك 1000 طريقة وطريقة للتعامل مع حالة العمالة البنغالية، بخلاف إصدار قرار جافٍ يمنع استقدامهم، أو بالأحرى طردهم، من الممكن أن نضع بعض القيود التعاقدية التي تخفف من استقدام آلاف مؤلفة من هذه العمالة، أما أن نقف موقف القوي أمام البنغال فقط، فذلك يفتح الباب أمام دول أقوى منا أيضاً، للتعامل معنا بنفس الأسلوب، فهل سنقبل بذلك؟ بالتأكيد لا.

 

هْب أن الولايات المتحدة رفضت منح تأشيرات زيارة أو دراسة للمواطنين السعوديين، متذرعة بأن 17 منهم شاركوا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، من الطبيعي أن تقوم الدنيا لدينا ولا تقعد، لكن كيف نرفض من غيرنا ما نستبيحه لأنفسنا؟!

 

لاحظوا أعزائي القراء أني لم أدخل في نقاش حول مسببات قرارات دول الخليج ضد العمالة البنغالية، وسأفترض جدلاً أنها مبنية على دراسات علمية  أفرزت أدلة وبراهين تقضي بإصدار هذا القرار الصارم البتار، لكني في الوقت ذاته سأطرح سؤالاً غير بريء: هل سيتخذ القرار نفسه ضد العمالة الهندية مثلاً؟ علماً بأن السفارات الهندية في المنطقة تتدخل في شؤون عمالتها جهاراً نهاراً بطريقة غير دبلوماسية، وينزل سفيرها ويصرح تصريحات عنترية مستفزة لصالح مواطني بلده ضد الدول المستضيفة، ولم نرَ حكوماتنا ترد عليه بنفس اللغة إطلاقاً، أم أنها لغة القوة التي تتعامل بها السفارة الهندية، ونفس اللغة التي نتعامل بها مع الحكومة البنغالية؟ ما أقدمت عليه مجموعات من العمالة البنغالية من الممكن أن يتم التعامل معه بحرفية أكثر من مجرد إصدار قرار بمنعها من الدخول، فنفس العمالة منتشرة في العالم أجمع، ففي بريطانيا وحدها مليون ونصف المليون عامل بنغالي، وفي أميركا 600 ألف عامل، فلماذا لدينا فقط تشيع جرائم العمالة البنغالية ولا تكون كذلك في دول أخرى؟ لابد أن هناك خللاً لدينا لابد من معالجته، بدلاً من الاستقواء على الضعفاء، والتمسكن أمام الأقوياء!

 

 

ssalmand@gmail.com
تويتر