الماكياج الدائم.. جمال غير متفّـق عليه


لطالما اعتبر الماكياج رفيق المرأة الشرقية ومعززاً لجمالها، وعرفت بتميزها في التعامل معه واستطاعت جعله صفة ساحرة تميزها عن غيرها من النساء، ورغم الإقبال الشديد على الماكياج التقليدي من كحل وظلال عيون وأحمر شفاه، إلا أن سرعة الحياة اليومية جعلته عبئاً على البعض، وروتيناً يأخذ من وقت المرأة  الكثير، ما جعل من «الماكياج الدائم» أو «وشم الماكياج» حلاً لعدد كبير من النساء، اللاتي وجدن فيه حلاً مميزاً، بينما اعتبره البعض الآخر منافياً للدين والتقاليد، ورغم انتشار الموضوع بصورة كبيرة إلا أنه يظل غير متفّق عليه.

 

ورغم التحديات والسلبيات التي واجهت الماكياج الدائم، مثل عدم اختيار درجات اللون المناسبة، أو ظهور الوشم أزرق اللون، أو ظهور أشكال أو ألوان غريبة وغير متناسقة أو حتى جروح عميقة، إلا أن اختصاصيوه تمكنوا مع مرور السنوات من اختراع تقنية جديدة لتصحيح الوشم ورسمه من جديد، بنسبة نجاح تصل إلى 90% فقط.    

 

تقاليد وخوف
 شعرت بالسعادة حين نظرت إلى حاجبيها الجديدين، بعد أن ملّت من رسمهما بقلم الكحل، هذا ماقالته (أم محمد) التي تعمل معلمة في احدى مدارس الشارقة  وتؤكد أنها «ترى أمامها في المرآة، وجهاً جميلاً وخالياً من الشوائب أو العيوب»، وتضيف «كان حاجبي عبارة عن خط رفيع من الشعر الأشقر الرقيق، لذلك قررت الاستعانة بخدمات اختصاصية تجميل، لتساعدني على حل مشكلتي القديمة».

 

ورغم سعادتها تعيش «أم محمد» صراعاً مع العادات والتقاليد الشرقية، فهي تشعر بالخجل والقلق من نظرة الناس، وتشرح «صحيح أني متصالحة مع نفسي وسعيدة إلاّ أني أخشى تعليقات من حولي، أو عدم تقبّلهم لما فعلته، خصوصاً أنني انتمي إلى مجتمع محافظ وتقليدي»، كما أنها قاربت الـ50 من العمر، فضلاً عن رغبتها في أن تكون قدوة جيدة وصالحة لتلامذتها المراهقين، قائلةً «كنت أمسك قلبي بيدي كلما التقيت بشخص أعرفه» منتظرةً رد فعلهم، وكم كانت تشعر بالارتياح حين ترى الاستحسان والإعجاب، وتقول «لا أشعر بالندم، لأن الوشم ساعدني على الشعور بالراحة النفسية»
في المقابل، لا تبالي شقيقتها، التي وشمت حاجبيها في اليوم ذاته، من أي نظرة تعجب أو استهجان، بل تؤكد أنها سعيدة بالوشم، وتضيف «حققت أمراً لطالما أردت تنفيذه» غير أنها تشجعت أكثر حين ذهبت برفقة شقيقتها، وتؤكد «لا أسمح لأحد بأن يتدخل في حياتي خصوصاً أن الوشم أصبح موضة سائدة في كل المجتمعات الخليجية والإماراتية».

 

 جنى نجار، لبنانية تعيش في دبي زارت أخيراً صالون التجميل لوشم حاجبيها، متحجّجة بأنهما خفيفان ورفيعان جداً، وقبيل البدء بالوشم، حددت اختصاصية التجميل رسم الحاجبين بقلم الكحل، وتقول «رسمت أشكالاً عدة، غير أنها اختارت الأنسب لتفصيلات وجهي»، خصوصاً أنها كانت تريد الجمع بين الوشم الجميل والطبيعي».

 

وتكمل الشابة اللبنانية أنها لم تشعر بألم شديد، بل بوخز بسيط حيث استعملت الاختصاصية مرهماً مخدراً للألم»، و كانت قادرة على احتمال الألم  لرغبتها في الحصول على وشم شبيه بالفنانات والنجمات اللاتي يبدين جميلات بعد استعانتهن بالماكياج الدائم.

 

وعند انتهاء جلسة الوشم، شعرت نجار بفرق كبير بين شكلها السابق، ووجهها الجديد، بحيث أكسبها الوشم طلة أكثر جاذبية وإثارة، ونصحت والدتها وشقيقاتها بوشم حواجبهن، لكنها حصلت على النتيجة النهائية المطلوبة بعد جلسة «الروتشة» مفسرةً أن «صبغة الوشم لم تتفاعل بشكل كامل مع بشرتها، ما جعلها تخضع لجلسة ثانية».

 

تصحيح الخطأ
« أخاف من منظر الإبرة، وترعبني فكرة وخز حاجبي وشفاهي» غير أن فدوى بشارة  متزوجة تبلغ 40 من عمرها، قررت وشم حاجبيها وخط الجفن «الأيلاينر» والشفاه، بعد أن أحست بتقدمها في السن، وتقول «شعرت أني بحاجة للوشم، خصوصاً لاهتمامي الشديد بجمالي وشكلي الخارجي»، لأن عوامل التقدم في السن تبدأ بالظهور بعد الـ35 من العمر، لذلك تحتاج للتغيير والتجديد، لتبقى جميلة وجذابة وواثقة من نفسها.

 

لا تحاول بشارة التشبه بإحداهن، أو تقليد «فلانة أو علانة»، لكنها فضلت الاستعانة بالوشم، عوضاً عن عمليات التجميل والشد، وتقول «اعتبر الوشم حلاً وسطياً بين عمليات التجميل أو الانصياع للزمن» ، مؤكدةً «أنها لم تبالغ بتحديد اللون أو الشكل ليبدو منفراً أو مستفزاً».

 

ومن الأسباب التي شجعتها للاستعانة بالوشم، تشير بشارة إلى أنها لا تحب وضع الماكياج في العطلات وأيام الفرصة، وتقول «أضطر لاستعمال الماكياج في أيام العمل»، لكن الماكياج الدائم يساعدها على إراحة وجهها والتمتع بحريتها، وتقول «أكسبني الوشم رونقاً وإشراقةً طبيعية وجميلة، بعيداً عن تكلف الماكياج ومتطلباته»، وتضيف أنها لم تقصد مركز التجميل قبل التأكد بأن الوشم لا يسبب أي مشكلة صحية، خصوصاً أن الوشم يوضع بواسطة إبرة. 

 

(أم علي)، سيدة عربية في الـ25 من عمرها اختارت اختصاصية التجميل الخطأ فقد وشمت حاجبيها وشفتيها منذ أقل من عام، لكنها تقول «حصلت على النتيجة المطلوبة، غير أن لون الوشم بدأ يخف مع مرور الأيام»، في حين أكدت الاختصاصية أنه سيدوم نحو ثلاثة أعوام، حتى أن بعض الصديقات استغربن حين عرفن أنها وشمت حاجبيها وشفتيها، وتضيف «طلبت لوناً طبيعياً»، إلا أنه لم يدم طويلاً، وعلى الرغم من أنها خضعت لجلسة «روتشة» ثانية ونهائية.

 

وبالمصادفة، التقت (أم علي) بإحدى اختصاصيات التجميل، التي بررت سرعة اختفاء الوشم قائلةً إن اللون لم يكن مناسباً مع بشرتها، إذ إن المسام لم تتفاعل إيجابياً مع اللون، وتقول «قالت لي الاختصاصية بأن أشكر ربي لعدم تحول الوشم إلى أزرق»، ما أصابها بالرعب، إلا أنها اكتشفت إمكانية تصحيح الخطأ، بالاعتماد على اختصاصية متمرسة في عملها، وقادرة على إخفاء الوشم القديم، ووشم المكان المطلوب مرة ثانية، فضلاً عن الاستعانة بالتقنيات الحديثة والمتطورة في هذا المجال.            

 

خدمة جمالية
« تستعين المرأة بالماكياج الدائم كي تضيف لمسة من الجمال لوجهها»، وليس لتحديد تفصيلاته ورسمها بلون أغمق، لذلك تشعر خبيرة الوشم والماكياج الدائم باصرة حيدر بالانزعاج حين ترى وشماً غير متقن، وتبرر موقفها قائلةً «تضع المرأة وشماً على حاجبيها أو شفتيها كي تجمّل نفسها، أو تصحح بعض الشوائب، لا لتشويه شكلها»، غير أن بعض اختصاصيي التجميل لا يتقنون عملهم بحيث يحولون الوجه الجميل إلى آخر مزعج ومستفز، وتضيف «أن الخبرة واستعمال التقنيات الحديثة والنوعية الجيدة تساعد على رسم وشم جميل وجذاب، خصوصاً أنه سيدوم شهوراً وأعواماً.

 

ورغم إتقانها فن الماكياج والموضة، غاصت باصرة حيدر في عالم الماكياج الدائم الخاص بالوجه، وشرحت أنها بدأت برسم الوشم بيدها، مستخدمةً تقنية الريشة، لتستخدم بعدها الآلات الحديثة، وتوضح «تحب النساء الشرقيات الوشم القوي والمحدد» غير أنها تحاول الجمع بين التقنيات كافة، وخلط الألوان معاً بغية الحصول على اللون النهائي المطلوب، لتجعل الوشم طبيعياً ومتناسقاً مع شكل الوجه وتقاسيمه، وتقول «أستخدم تسعة أشكال من الإبر وفقاً لكل حالة وطلب»، معترفةً في الوقت ذاته بأن «خدمتها التجميلية» باهظة الثمن، لكنها تؤكد أن النتيجة التي تحصل عليها الزبونة تنسيها المبلغ الذي دفعته، مستشهدة بالمثل القائل «أعطِ خبزك للخباز، ولو أكل نصفه».

 

تؤكد حيدر «أن الوشم منتشر في أنحاء العالم، خصوصاً في أميركا الشمالية، كما هي الحال في الدول العربية، غير أن الاختلاف يبرز في التقنيات المستعملة»، وتقول «تحب الأجنبيات الوشم الخفيف والناعم، فيما تطلبه العربيات محدداً وقوياً»، لكنها تحاول الجمع بين الطريقتين لتبدو المرأة طبيعية وجميلة. 


الاختيار الصحيح  
تتسبب قلة خبرة الاختصاصية وسوء اختيارها للون أو الشكل المناسب بتحوّل الوشم إلى رسم أزرق على البشرة، وتعلل الخبيرة باصرة حيدر السبب بالقول «إن الخطأ يسبب ظهور النتائج السلبية، لأن ألوان البشرة تتمحور حول ثلاثة، وهي الأزرق والأحمر والأصفر، والتي تندرج من الأقوى إلى الأخف، حسب كل بشرة، مشكلةً اللون الأساسي والمساعد والثانوي، وتضيف «ينتج اللون الأزرق عن التفاعل السلبي بين مسام البشرة واللون المختار»، شارحة «أن الوشم الجميل يتطلب تفاعلاً إيجابياً مع اللون الأساسي في الدرجة الأولى ثم الألوان اللاحقة»، لكنها تستدرك حديثها قائلةً «لا يظهر الأزرق منذ اليوم الأول، غير أنه يتحول مع مرور الوقت من جميل إلى سيئ فأسوأ» ورغم  صعوبة تصليحه، تستطيع حيدر إخفاء الوشم القديم، بنسبة كبيرة، وتفسر «يعتبر خطأ اللون أكثر سهولة من خطأ رسم الوشم». 

 

مساعدة النساء، وجعلهن جميلات وطبيعيات يومياً، هو الهدف الذي تسعى إليه حيدر، وتقول «أريدهن أن يشعرن بجمالهن كلما نظرن إلى المرآة، سواء أكان في الصباح أو المساء، ويسعدن لرؤية ما يرضيهن»، فالوشم يدوم نحو عامين تقريباً، كما تشير إلى أن نوعية البشرة وقدرتها على التفاعل إيجابياً مع المواد المستخدمة تسهمان بديمومته.

 

من ناحية أخرى، لا تحب حيدر جعل النساء نسخة واحدة مطابقة، وتقول «أنفذ ما يليق لكل واحدة، وما يتناسب مع شخصيتها وتفصيلات وجهها» ، وتحاول إقناعهن بالبراهين الحسية، راسمة الشكل المطلوب منها على الوجه بقلم الكحل على حاجب، في حين ترسم الشكل الأنسب على الآخر، وتقول «أطلب منها الرحيل والتفكير ملياً، ثم العودة بعد أيام»، لتنفيذ الوشم الحقيقي، وجعلها امرأة متسلحة بالواقعية والذكاء والجمال، في بوتقة واحدة. 

جودة ونوعية 
تستخدم خبيرة الوشم والمكياج، باصرة حيدر معدات ومواد نمساوية الصنع، عالية الجودة والنوعية، فهي مكونة من عناصر غير عضوية ومكررة، ممزوجة مع مادة OXIDANT, موضحةً أنها غير مؤذية أو مضرة بالبشرة، ومتوافرة بألوان عدة، تناسب الجميع، دون استثناء، لكنها تؤكد «لا أضمن كيفية تقبّل مسام البشرة للّون»، لذلك تقوم بنوع من التجربة والاختبار قبل وشم الوجه، على منطقة صغيرة من الجسم كاليد أو الرجل، كما أنها لا تشم من لديها حساسية مفرطة، خوفاً من إيذاء البشرة وتدمير الخلايا الجلدية. وبالتالي، لا يسبب الوشم أي مشكلة جلدية، سوى جروح خفيفة، تندمل بعد أيام قليلة، خصوصاً أن الإبرة المستخدمة لا تدخل عميقاً في البشرة.
 
تويتر