السطوة من الجريمة إلى التطوير!
|
|
|
|
حققت منطقة «السطوة» في دبي شهرة كبيرة جداً، تجاوزت نطاقها المحلي إلى النطاق الإقليمي، إذ باتت معروفة على مستوى الدول الخليجية أيضاً.
ولكن شهرة منطقة السطوة، خصوصاً في منتصف الثمانينات والتسعينات، لم تكن نتيجة لكونها منطقة تجارية رائعة، أو منطقة سكنية جميلة، وإنما لكونها بؤرة خطيرة من بؤر المشكلات الاجتماعية، تنتج عنها دائماً قصص وحكايات عن مشاجرات وجرائم لا حصر لها، أبطالها مجموعة من المراهقين المتسلحين بأنواع السكاكين والسيوف، يمارسون كل ما هو ممنوع، وفي وضح النهار، معظم الأحيان! وفي وقت من الأوقات كان الداخل لهذه المنطقة مفقوداً، والخارج منها مولوداً. ولن أبالغ إذا قلت إن أهل المنطقة كانوا ذاقوا الأمرّين جراء انتشار الظواهر الاجتماعية السلبية للغاية. وتالياً، انتقل من هذه المنطقة من استطاع الهرب بنفسه وأولاده. واضطر للبقاء فيها من لا يملك حيلة يحتالها سوى الصبر على الابتلاء. أما أسباب انتشار هذه الظواهر في هذه المنطقة تحديداً، فله كثير من المبررات التي ربما يعرفها الجميع. ولكن المهم في التطرق لموضوع «السطوة» هو أسلوب معالجة هذه المشكلة، الذي بدأته حكومة دبي في الفترة الأخيرة، ومن المتوقع أن تنتهي أسطورة السطوة بمجرد الانتهاء من المشروع الجديد، الذي عمدت الحكومة لتنفيذه هناك. ببساطة، أهل السطوة ينقسمون إلى فئات عدة، لكن الصفة الغالبة هي من الفئات الفقيرة. ولهذا فالإجراء المتبع حالياً في المنطقة هو بناء مساكن حديثة للمواطنين من أهل المنطقة، القاطنين حالياً في بيوت قديمة ومتهالكة، مع مراعاة توزيعهم في مناطق دبي المختلفة، التي تشهد طفرة نوعية في الحياة الاجتماعية بشكل عام. ويعني ذلك إعادة تأهيل هؤلاء الفقراء بشكل مثالي ودمجهم في المجتمع بشكل متساوٍ.. ليس هذا فحسب، بل تعويض من لا يرغب في بيت جاهز، بمبالغ مالية تتجاوز قيمة المبنى الحالي بثلاثة أضعاف في معظم الأحيان، ويعني ذلك رفع مستوى الوضع المالي للفقراء منهم. وبعد انتهاء المشروع ستتحول السطوة إلى منطقة حديثة متطورة وراقية، ولكن الأهم من ذلك أن عصابات الشباب «المسلحة» بالسيوف والسكاكين، سيتم تفكيكها بشكل حضاري، فالمنطقة والبيئة المحيطة عادة ما تتحكمان في عادات الكثيرين، وإبعاد الأشرار عن بعضهم هو أفضل حل لمشكلة انتشار الشر! صحيح أن هناك من يعارض تطوير السطوة، لكن هؤلاء ليسوا من سكان المنطقة، ولم يتعرضوا للمشكلات الحقيقية التي عانى منها المواطنون والمقيمون هناك، بل هم مجموعة من «المستثمرين» تكالبوا على المنطقة بعدما سمعوا عن مشروعات التطوير، ليحققوا مكاسب عالية من البيوت القديمة التي اشتروها من أهلها بـ «رخص التراب» والآن يريدون أضعاف أضعاف ثمنها!
لسنا ضد الاستثمار، ولسنا ضد أحد ممن اشترى في «السطوة» لكن ما يهمنا هنا الوضع الاجتماعي للمنطقة، وما يفيد المجتمع من تطوير السطوة أهم بكثير، وكثير جداً، من فائدة عدد من المستثمرين «المتذاكين».
السطوة نموذج لعدد من المناطق المنتشرة في مختلف إمارات الدولة، تتولد فيها عوامل الشر، وتتكاثر عصابات المراهقين أصحاب السيوف. وفيها من النسيج الاجتماعي ما يعزز انتشار الجريمة، فهل نتركها كما هي أم نتبع خطوات التطوير التي تنعكس إيجاباً على الجميع؟! |