سفر الأزواج.. يؤجج الأشواق أم «ثلاجة» للمشاعر


«يوم كأنه سنة»، تعبير شائع يطلق لتوصيف الإحساس ببطء إيقاع الزمن في غياب الأحبة، فكيف تبدو الحال بالنسبة إلى غياب الزوج عن زوجته وعائلته، أو غياب الزوجة عن زوجها، كما هي حال غالبية المقيمين في الإمارات الذين تحتم عليهم ظروف العمل مثل هذا السفر والغياب.

سؤال طرحته «الإمارات اليوم» على مجموعة من المقيمين العرب في الإمارات، وكان لافتاً التباين في الإجابات والمشاعر بين النساء والرجال، إذ رجحت كفة الحنين الزوجي لمصلحة النساء في حين جاءت إجابات بعض الرجال، لتعبّر عن حالة الحنين إلى «العزوبية» والتحرر من أعباء الحياة العائلية لبعض الوقت، بغرض: «تجديد مشاعر الحب».

 

أجساد بردت

اعتادت (ميثة.م) سفر زوجها المتكرر الى بلاد عدة منذ بداية حياتها الزوجية، حيث أغرته «الرفقة الطائشة» حسب تعبيرها، بتركها مع أبـنائها الخمسة، وقد عبّرت عن مشاعرها إزاء هذا الابتعاد «جسدي برد، وأصبحت الرجل والمرأة في المنزل، اقوم بكل شيء، بدءاً من توصيل ابنائي الى مدارسهم، مروراً بشراء حاجيات المنزل، وانتهاء بالاتصال بالصيانة والنجارين لإصلاح المكيّفات، وغيرها»، وكانت النتيجة ان صار «غيـابه او وجوده سيان بالنسبة إليّ».

أما (سها.ز) اللبنانية، فلها قصة أخرى، فقد جاءت هي وزوجها الذي يعمل في مجال الشحن بغية تحسين ظروفهما المادية، لكن طبيعة عمل زوجها تحتم عليه السفر المستمر. تتنهد قائلة: «تمر علي ايام، واحياناً شهور وانا وحدي مع ابني الصغير، ألاعبه واهتم بأمور دراسته واوصله الى مدرسته واعيده منها، كل هذا وحدي»، مؤكدة «على الرغم من ان زواجي مرت عليه ثلاث سنوات الا انني مازلت اخجل من زوجي، لأنه بعيد عني، ولا توجد اشياء مشتركة بيننا، وعندما يعود اشعر بوجود رجل غريب في المنزل، حيث انه يغيّر كل نمط حياتي، في الأيام القليلة التي يمكثها هنا»، مشيرة الى «انني بدأت اعتاد غيابه، ولا يمر اليوم علي كأنه سنة اثناء سفره، كما اسمعهم يقولون».

 

وعلى خلاف (سها) التي بدأت تعتاد غياب زوجها، فإن (زينب.هـ) كانت مشاعرها مختلفة في البداية «كنت اشتاق اليه، وكان يمر اليوم سنةً اثناء غيابه»، لكن الأمر تشابه في النهاية «اعتدت وابنائي  غيابه المتكرر، وغير المبرر، الا لإرضاء نفسه وغروره بأنه مازالا شاباً مرغوباً فيه»، مؤكدة «لا علاقة لأبنائي به الا من خلال النقود، وانا اقوم بكل شيء يخص المنزل وهو غير موجود». وتبدو حال (سوسن.ر) مشابهة، فالاختلاف الوحيد أنها تشعر بغياب زوجها عندما يزعجها أحد أبنائها، موضحة «لديّ ابناء ثلاثة، وجميعهم في سن المراهقة، ومشكلاتهم كثيرة، واعتمادهم علي أكبر، والأب غائب، وحتى اثناء وجوده يكون غائباً ايضاً»، ولا يحبذ زوج سوسن  مرافقة عائلته حين يقرر ان يسفرهم خارج الوطن، «لا يذهب معنا، ويقصد وجهة اخرى»، وهي في آخر الأمر تنظر للمشكلة بتسليم «تصالحت مع نفسي مؤمنة بقضاء الله وقدره».

 

ولا يقتصر أثر غياب الزوج في الزوجة فقط، بل يشمل الأولاد، فقد لمست (أم ليلى) أن طباع بناتها تبدلت بفعل غياب سلطة الأب الصارمة فـ«تمردهم اصبح واضحاً للعيان، والحديث مع الأب اصبح مستحيلاً».

 

ضريبة باهظة الثمن

«غيابه بالفعل يمر علي كأنه سنة»، هذا ما قالته (مريم.م) التي تقيم في احدى الدول العربية وزوجها يعيش في الإمارات، وأضافت «كل يوم ألعن الظروف المالية لأنها السبب في غياب زوجي عني وعن ابنائنا»، موضحة «لولا الحاجة الى تحسين وضعنا المادي لما غاب زوجي عن وطنه واهله»، وعن حياتها اثناء غياب زوجها، قالت «اتولى امور كل شيء، فلقمة العيش صعبة، وعلينا ان ندفع ضريبة قرارنا باغتراب زوجي عن ذويه».

 

إلا أن جوليانا سركيس، التي عبرت عن مثل هذا الاشتياق لزوجها بالحرارة نفسها، نظرت للأمر من زاوية رومانسية استثنت الجانب المادي، اذ تقول «انا لا اقوى ان اعيش بعيدة عنه لحظة، وخبر سفره الذي يضطر اليه بسبب طبيعة عمله من اسوأ الأخبار التي اسمعها»، لكن يبقى عزاء جوليانا الوحيد هو أنها امرأة عاملة «لولا انني اعمل لكنت جننت بسبب بعده عني، فالبيت من دونه موحش ومخيف ولا حياة فيه».

 

حنين وندم وضمير

هي صورة مملوءة بالمعاناة إذاً، وإجماع نسائي لم تخرقه سوى (شيرين.ض) التي رأت أن «ابتعاد الأزواج عن بعضهم بعضاً ولو لفترة قصيرة يجدد العاطفة بينهما، ويمنحها شعوراً بالدفء مرة اخرى»، وهو رأي عبر عنه الرجال بطرق شتى، وإن ربطوه بالشعور بالحرية؛ فـ(مؤمن. ز) ينتظر ذهاب زوجته مع أبنائه لزيارة أهلها في الأردن بفارغ الصبر، لكنه يوضح «هذا لا يعني انني لا احب زوجتي؛ وانما من حين لآخر اشتاق الى حياة (العزوبية) ففيها استشعر حريتي»، وعن هذه الحرية يقول مؤمن «لا يذهب  بكم تفكيركم بعيداً، فأنا لست بخائن، ولكني امارس اموراً كلعب الشدة مع الأصدقاء، والـتأخر عن العودة الى المنزل، وهي الأمور المرفوضة من قِبل زوجتي». وفي المقابل قال (زاهر.م) «اشعر بالفرح في اول اسبوع من غياب زوجتي وابنائي عني، ولكني بعد ذلك ابدأ بالاشتياق إليهم جداً»، وأضاف «حرية الرجل المتزوج مقيّدة، وفيها الكثير من تأنيب الضمير اذا ما مورست بشكل خاطئ»، مؤكداً «نا اعيش كشاب اعزب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وبعدها يبدأ الندم والشوق الى امِّ ابنائي»

 

«احنّ لأيام (العزوبية) كثيراً، مع ان زوجتي مازالت شابة وجميلة الا انها تخنقني بغيرتها الشديدة»، هذا ما اعترف به نادر نادر، وأقر «لا احاول ابداً منع زوجتي من السفر الى اهلها في اي وقت شاءت، وهذا من شأنه ان يعزّز علاقتي بها وبأهلها»، واضاف «لكن الحكاية الأصلية هي انني مع المثل القائل (اذا غاب القط العب يا فار)» مستدركاً «وأنا فأر لعوب».

 

وأمام هذا الإجماع فإن (منذر.ر)  تخلص تماماً من الحنين إلى أيام (العزوبية) لدرجة أنه قال لنا «تعلقي بزوجتي فوق الحدود، وتصيبني حالة من الكآبة حين عودتي الى المنزل ولا اجدها»، ومثله  (رؤوف.م) الذي ركز على قلقه على أبنائه حين يبتعدون عنه، مستدركاً بشيء من الدبلوماسية «وعلى زوجتي بطبيعة الحال ايضاً»، إلا أنه عاد ليؤكد «لكن هذا لا يمنع ان اعطي نفسي راحة ولو بسيطة لأعيش بطريقتي الخاصة وممارسة هواياتي التي لا استطيع ان امارسها في وجود زوجتي واطفالي».

تويتر