أثرياء الخليج.. اللهم لا حسد

سلمان الدوسري

    
اللهم لا حسد.. 75 ألف مليونير في الإمارات وحدها، وقسْ على ذلك بقية دول الخليج العربي التي لا تقل في طفرة المليونيرات أيضاً، أما مساهماتهم الاجتماعية فحدّث ولا حرج، الحديث فيها من الممنوعات، وكأن هؤلاء الأثرياء يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم. خيرهم، غالباً، لهم وحدهم، أما أوطانهم ومواطنوهم فلا ترى منهم حمداً ولا شكوراً.. الحمد والشكر هنا بالعطاء وليس فقط بالمزايدة في الصحف عن حب الوطن!


التذرع بأن الدين الإسلامي فضّل الصدقة بالسر هو ذرّ للرماد بالعيون حتى تبقى الأمور على ما هي عليه، دون أي مساءلة عن دورهم الغائب في العمل الخيري. جمعة الماجد، مثلاً، ليس بحاجة للشهرة عندما يعلن أعماله الخيرية على رؤوس الأشهاد، فهو يعلم أن حبه للخير طريق للعشرات من الأغنياء من بعده. 


نحن في حاجة لإعادة الكرَّة وسؤال أثريائنا الأعزاء السؤال التقليدي من جديد: هل المال وسيلة أم غاية؟ بيل غيتس وهو يقف على رأس قائمة الأثرياء في العالم، فّل أن يُبقي القليل لأبنائه ويتنازل طواعية عن غالبية ثروته الطائلة، لسنا في حاجة للكثير من البحث لنعرف أن الرجل يعتبر المال وسيلة، وأن النجاح الذي يسعى إليه هو الذي جلب المال إليه وليس العكس، أما معظم أثريائنا فإنهم يمنّون على وطنهم بأقل القليل، ويتركون العبء على الحكومات.


كم أنتم محظوظون يا أثرياءنا وأنتم تجمعون الدولار فوق الدولار، وتتملكون العقار بجانب العقار، ولا ضرائب ولا هم يحزنون، بالطبع لسنا راغبين ولا داعين لمثل هذه الضرائب، لكن هل فكّر أثرياؤنا أنهم في نعمة، ونظراؤهم في الغرب تُقتطع  نصف ثروتهم ومع ذلك يشعرون بمسؤوليتهم الاجتماعية ويزيدون من حجم تبرعاتهم؟ أما أصحابنا إياهم فإنهم يرفضون النذر اليسير.


آن الأوان أن تشرّع قوانين تفرض مثل هذه المسؤوليات الاجتماعية على أثريائنا الأفاضل، فعندما يجمع هذا الثريّ أو ذاك مليارات الدولارات من هذه البلاد، فلا يظن أنه فلتة زمانه عندما تحول إلى ملياردير، إنها نعمة هذه الأرض التي ساهمت في ثروته هذه، فلا أقل من أن يسهم، بلا منة، في مساعدة مَن لم تُفتح لهم «طاقة القدر»، كما فتحت له مسبقاً.


فيا من أعطتك بلادك ثروة من العدم، فأطعمتك من جوع، وآمنتك من خوف، وزادت من رصيدك في البنوك الأجنبية، تذكّر أن هناك من أبناء بلدك مَن هم بحاجة لأقل القليل منك، وقبل ذلك فإن أنت أخرجت زكاتك التي لا تتجاوز 2.5% فلا تنسَ صدقة تطفئ بها غضب الرب. ها أنت تجمع المال وتشعر بالسعادة في جمعه، ألا تجرب السعادة في بذله في أعمال الخير، جرّب وتلذّذ بالعطاء بلا منة، واجعل المال وسيلة لا غاية، واعلم أن الحياة هي أكثر بكثير من أن نختزلها في جمع المال، ما ينبغي أن يكون أكثر أهمية في الحياة هو مساعدة الآخرين، حتى لو كان معناه أن نقلل سرعتنا في زيادة أرصدتنا. إن عملنا، لا مالنا، هو الذي سيبقى لنا، «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم».  
 

ssalmand@gmail.com

تويتر