تجارة المؤتمرات (2)

سلمان الدوسري

 

ما الذي يجعل قادة دول ورؤساء وزراء وكبار الشخصيات يحضرون مؤتمراً بعينه ولا يحضرون سواه؟ سؤال لم يغب عن ذهني خلال حضوري المنتدى الاقتصادي العالمي الذي أقيم في شرم الشيخ الأسبوع الماضي، لماذا تقام لدينا المئات من المؤتمرات ويقتصر حضورها على شخصيات مكررة وليس لديها الجديد؟ بل إن بعضاً من الشخصيات المشاركة في هذا المنتدى تأتي إلينا ولكنها لا تقدّم ما تقدمه هناك.. فلماذا كل هذا التباين؟

 

الحاضرون في المنتدى الاقتصادي العالمي يعون جيداً أنهم محظوظون بالوصول إلى هذا المنتدى، لذلك تجدهم يستغلون كل دقيقة بالاستفادة الجمة من الجلسات كافة، لا يعتذرون عن هذه الجلسة أو تلك، ولا يكتفون بحضور الجلسة الافتتاحية ويتغيبون عن الفعاليات الأخرى كافة. هناك محفز رئيس يجعل المشاركين يثقون بأنهم أمام فرصة لا تتكرر، أما مؤتمراتنا فليست غير «تشابهت علينا البقر».

 

ينبغي لنا أن نلتفت بصورة جادة لما يحدث لدينا من مؤتمرات لا تسمن ولا تغني من جوع، وأن نستفيد جدياً من مؤتمرات أخرى أصبح التنافس على حضورها مدهشاً بكل المقاييس، علينا أن نعي أن الفائدة الحقيقية هي بعد الخروج من هذه المؤتمرات والوصول إلى نتيجة مفادها أنني أكتسب مهارة أو فكراً أو علماً جديداً ينفعني في حياتي وفي عملي، أما مؤتمرات العلاقات العامة فقد بارت سلعتها منذ زمن.

 

يجب الكف عن اختيار الأسماء لذاتها، والبحث عن مضمون ما تقدمه هذه الأسماء. في أحد المؤتمرات الكبرى التي عقدت في دبي، فوجئ الحضور من كيفية تعامل بعض المتحدثين مع جلسات الحوار، فكان الحديث باهتاً ومن دون أي إعداد وكان كلاماً يطلق على عواهنة، فكانت الصدمة من أن ما يطرح لا يعدو كونه أحاديث تجد منها الكثير في حياتك اليومية، فما الذي يجعلني أتهافت على حضور مؤتمر لسماع مثل هذه الأسطوانات المعهودة؟

 

على المنظمين في هذه المؤتمرات عدم الركون لاستشارات شركات العلاقات العامة التي تبحث، غالباً، عن الفائدة المادية بالبحث عن أسماء مشهورة ورنانة، فهذه الأسماء (شبعت) ولم تعد تحمل جديداً معها، يجب أن يكون هناك آلية تضمن أن يقدم هذا المتحدث أو ذلك، ورقة عمل تحمل مضموناً يستفيد منه الحضور، أما أن نترك الحبل على الغارب لكي يقول سعادة المتحدثين ما يحلو لهم، ولا يحلو للحضور، فهذا أمر غير منطقي ولا ينبغي أن يستمر.

 

بقي أن أشير إلى أن أحد الكتّاب الكبار، صدم العديد من المتابعين خلال مشاركته في أحد المؤتمرات، فقد ظل يهذي، نعم يهذي، طوال فترة حديثه، المؤكد أنه لم يحضّر «بتاتاً» لهذه الجلسة، والأكثر تأكيداً أنه سيقول الحديث نفسه إذا ما تمت دعوته العام المقبل، وسيستمر، هو وغيره، بهذه الطريقة، طالما لم يتم إبلاغهم أن حضورهم بأسمائهم فقط، غير مرغوب فيه إطلاقاً.

 

ssalmand@gmail.com
تويتر