أميركا تستعد لإطلاق سلاح «الحشرة الجاسوسة»


يسعى علماء أميركيون لزرع بطاريات وتوصيلات، وحتى كاميرات فيديو في الخنافس، والفئران، وطيور الحمام، وأسماك القرش، وحتى حشرات العث، في محاولة منهم لتطوير جاسوس حي مثالي. 

 

ويقول تقرير علمي خفيف الظل إنه «في المرة المقبلة عندما تحط حشرة العث على نافذة بيتك، أمسك عليك لسانك»، ويمضي التقرير، «فقد يبدو هذا الزائر بريئاً ومسالماً للوهلة الأولى، جذبه ضوء الغرفة ليسجل لك هذه الزيارة، ولكن ايضاً قد يكون جاسوساً، او بالأحرى احد افراد الجيل الجديد من الحشرات الجاسوسية التي تم زرع أسلاك في أعصابها من أجل السيطرة على حركتها عن بعد».


قد يكون لمثل هذه الحشرات ميزة كبيرة على سائر (الروبوتات) الأخرى، حيث ان اسماك القرش وحشرة العث والفئران على سبيل المثال لديها حاسة شم قوية تمكنها من رصد الآثار الواهية جداً للكيماويات. واذا ما تم اخفاء جهاز السيطرة عن بعد في جسم الحشرة فإنها لا تختلف أبداً عن أي حشرة أخرى، وهو ما ينطبق على الجاسوس المثالي. 


ويعتبر الجيش الأميركي من اكبر المستثمرين في هذا المجال، حيث يضخ مكتب ابحاثه أموالاً طائلة في مشروعات تتراوح بين تطوير فئران تتم السيطرة عليها عن بعد إلى خنافس تعمل بالبطاريات. وهذه الفئران، المدربة على شم الأجساد الآدمية او المتفجرات، تتم متابعتها من خلال توصيلات مزروعة داخل مخّها.

 

 وتعمل كاميرات الفيديو المحمولة على ظهرها على بث صور حية لجهاز الاستقبال التجسسي.

 

 وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة قد توقفت عن تمويل مشروع ابحاث الفئران، الا ان إسرائيل حريصة على استخدام هذه المخلوقات في حوادث التفجيرات.

 

وفي الوقت الذي تبدو فيه الفئران كبيرة نسبياً بحيث تستطيع اجسامها حمل الكاميرات فإن حجمها يجعلها لا تذوب في الخلفية التي تعمل فيها، ولهذا السبب تحولت ابحاث مشروعات الدفاع الأميركية عن الفئران لتركز اهتمامها على الحشرات مثل العث والخنافس.


ومن اجل ان يكون هذا الجاسوس صغيراً جداً قدر الإمكان بشكل يصعب على العين المجردة رؤيته، تتم زراعة اجهزة التقاط دقيقة داخل مخ الحشرات الصغيرة في مرحلة (الخادرة)، أو الطور الانتقالي بين اليرقانة والحشرة الكاملة.

 
ويتلخص هذا المفهوم في ان هذه المزروعات الدقيقة للغاية سوف تلتحم بشكل طبيعي داخل جسم الحشرة عندما تصبح حشرة كاملة. والهدف من ذلك هو انتاج حشرة يمكنها الطيران لأكثر من 300 قدم للوصول لأهدافها، حيث تمكث هناك للقيام بالمهمة إلى أن تصدر اليها الأوامر بالرجوع لموقعها.
 

كما نجح العلماء في انتاج حمام وسمك قرش تعمل من خلال السيطرة عن بعد. نهاية هذا العام سيكون بإمكان الجيشين الأميركي والبريطاني استخدام حشرات الكترونية لتحديد العدو. وقد يبدو هذا الأمر من الوهلة الأولى كأنه ينتمي لقصص الخيال العلمي، او احد الأفلام الأميركية، التي يقارع فيها نجوم هوليود، مثل توم كروز، جيشاً جراراً من العناكب الآلية، التي تحاول اصطياده.

 

 الا ان فيلم «ماينوريتي ريبورت» قد لا يبدو بعيداً عن الحقيقة، في الوقت الذي تسعى فيه شركة المعدات الدفاعية، (بي ايه ايي سيستمس) البريطانية، لابتكار عناكب وحشرات وثعابين غاية في الدقة يكون بإمكانها ان تصبح عيوناً وآذاناً للجنود في ميدان المعركة.

 

ومن المتوقع ان يدخل الجيل الأول منها الخطوط الأمامية بنهاية هذا العام. وستتجمع هذه الحشرات الإلكترونية في مواقع الخطر المحتمل، مثل المباني المفخخة او خنادق الأعداء، من اجل نقل صور تلفزيونية لمواقع الجنود المتمركزين في المواقع القريبة.

 

وسيصطحب الجنود هذه «الروبوتات» الصغيرة داخل ميدان المعركة، ويتم تحميلها على ظهور سيارات صغيرة تنقلها قريباً من مواقع اهدافها المحددة، ومن ثم تنطلق هذه الحشرات داخل المباني لتنقل صوراً حية لأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بالجنود، او تلك التي يلبسونها على أرساغهم، بحيث تحذرهم من أي اخطار متوقعة في الداخل.

 

وقد انتهت شركة (بي ايه ايي) لتوها من توقيع عقد في هذا الشأن قيمته 19 مليون جنيه استرليني لتطوير مثل هذه الروبوتات للجيش الأميركي. ويأمل الباحثون في تطوير محركات تطير مثل الفراشات من اجل تكبير الصور المنقولة، او تتسلل كالثعابين او مثل حشرة التنين. وتتواتر الأنباء عن تطوير مخلوق يزحف كالعنكبوت.

 

وفي الوقت الذي يسعى فيه العلماء لتثبيت كاميرات صغيرة على بعض هذه الحشرات، سيعملون ايضا على تركيب مجسات عليها بإمكانها رصد المواد الكيماوية والبيولوجية او الذخائر المشعة. وقد استطاعت (بي ايه ايي) انتاج صور فيديو بالاستعانة بالكمبيوتر تظهر الجنود وهم يطلقون هؤلاء الغزاة صغار الحجم قبل ان يحاصروا مبنى مشتبهاً فيه، يتم نسفه أخيراً بواسطة القوات الأرضية.

 

كما استطاع علماء بريطانيون وأميركيون ينتمون لـ(بي ايه ايي) ان يطوروا جيشاً من البق الإلكتروني لمساعدة الجنود الأماميين.

 

ويقول مدير هذا البرنامج، ستيف سكاليرا «ما نصبو اليه هو خلق امتداد لعيون وآذان الجنود في ميدان المعركة». ويضيف أن «هذه المخلوقات تتعاون مع بعضها البعض، ولا يتجاوز طول  أكبرها حجماً في بعض الأحيان  قدماً واحداً، وجميعها يدخل المبنى على سبيل المثال ليقوم بواجبات مختلفة»، ويعبر عن امله في انتاج حيوانات طائرة ومنزلقة. 

 

طائرات بحجم الدبابير  
أكد مواطنون أميركيون أنهم شاهدوا العام الماضي مجموعة من الطائرات الصغيرة بحجم الدبابير في العاصمة واشنطن خلال احدى التظاهرات المناهضة للحرب. وتقول العاملة ضمن المجموعة المناهضة للحرب فانيسا الاركون «سمعت بعضهم يقول: يا إلهي انظروا اليها، وعندما التفت رأيت اشياء تشبه الدبابير او العموديات الصغيرة، لكنني تأكدت انها ليست حشرات».

 

كما أن المحامي برنارد كرين شاهد ايضا هذه الكائنات، حيث يقول «لم أر في حياتي شيئاً مثل ذلك، انها كبيرة بالنسبة للدبابير، وتعجبت اذا كانت تلك المخلوقات ميكانيكية أو مخلوقات حية».

 

هذه هي الأسئلة التي كانت تدور في اذهان من اشتركوا في مثل هذه المناسبات السياسية في واشنطن او نيويورك، حيث  يعتقد البعض منهم ان هذه الطائرات الشبيهة بالحشرات انما هي عبارة عن اجهزة مراقبة عالية التقنية، وربما نشرتها وزارة الأمن الداخلي. 

 

ويقر عدد من الكيانات الأميركية الرسمية والخاصة، بأنه يعمل على ابتكار مثل هذه المخلوقات، وأكدت بعض الفرق الممولة من الجهات الفيدرالية انها تعمل على تربية انواع من الحشرات مزودة برقائق كمبيوتر بغرض توجيهها عن بعد. 

 

وفي أغسطس من العام الماضي، انعقدت في سويسرا ندوة عن الحشرات الطائرة والروبوتات، حيث قدم الباحثون اليابانيون بعض الحشرات الموجهة عن طريق الراديو بأجنحة يبلغ طولها أربع بوصات تشبه حشرة «عث الصقر»، وكل من رأى هذه الأجهزة تطير أحس وكأنها تنبض بالحياة.

 

بعض الجهات حاولت ابتكار مثل هذه الحشرات التي تعمل بالوقود الكيميائي بدلاً من البطاريات. وتعتبر ما يسمى بـ «انتومبوبتر» المراحل الأولية من ابتكار مثل هذه الأجهزة، وهي تشبه اللعبة اكثر من حشرة البق، وتحول الوقود السائل الى غاز ساخن يزودها بالطاقة اللازمة لحركة اجنحتها وتحريك الأجهزة الأخرى الموجودة داخلها. 

 

لكن هناك الكثير من المخاطر التي تعتري مثل هذه الأجهزة، حيث يقول العلماء إنه حتى لو استطاعت الجهات المعنية تأمين جميع الوسائل التكـنولوجية اللازمة لعمـل هذه «الروبوتات»، إلا أنها قد تكـون عرضة لالتـهامها من الطيـور، أو أن تقع في شراك العنكبوت.

تويتر