تجارة المؤتمرات

سلمان الدوسري


يخيّل إلي أن هناك أكثر من مؤتمر يعقد يومياً، في الإمارات على الأقل ناهيك عن بقية دول الخليج الأخرى، فموجة المؤتمرات هبّت علينا حتى أنها لم تترك قطاعاً إلا طرقته وتخصصت فيه، فبدأت اقتصادية ثم سياسية وطبية ورياضية وعلمية وحتى نووية.

 

إقامة المؤتمرات بحد ذاتها هي فرصة ثمينة للجميع، فالانفتاح على العالم والاستفادة من خبرات من سبقونا هي وسيلة لتحديث المجتمع، غير أن ما يحدث أخيراً لا يسر على الإطلاق، فالغالبية من هذه الأحداث لا تعود على المتلقّي بأي فائدة، أسماء مكررة ومضمون يخلو من أي فكر، مما يجعل هذه المؤتمرات نسخة تجارية مملة.

 

تجارة المؤتمرات أصبحت ظاهرة تلفت النظر، فالأموال التي تدفع فيها باهظة بكل المقاييس، إلا أن الفائدة العائدة غدت معدومة، إلا من بعض منها أستطيع أن أعدها على أصابع اليد الواحدة!!، فليس على الجهات المنظمة، وهي كثيرة، سوى استقطاب أسماء رنانة، وحجز صالة في أحد الفنادق الشهيرة، وإعلانات براقة في وسائل الإعلام، وما يحدث لاحقاً ما هو إلا إكسسوارات ليس ضرورياً التوقف عندها، فالأسماء الرنانة ليس شرطاً أن تحضر أصلاً، فيكفي الموافقة المبدئية منها لكي يتم تسويقها جيداً للجمهور، وإن حضرت فإنها سئمت من كثرة دعوتها، وكل شيء بثمنه، حتى أنها لا تحضّر جيداً، ولابد أنكم مثلي صدمتم من شخصيات توقعتم منها ورقة عمل تضيف إليكم الكثير، فلم تجدوا سوى «سوالف مجالس».

 

عندما يحضر أي منا لمؤتمر، فإنه يقتطع ساعات ثمينة من عمله، طمعاً في الوصول إلى ما هو أهم من زحمة الأعباء التي لا تنتهي، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى أن الخسارة الحقيقية تكمن في حضور المؤتمرات نفسها، هنا نتحدث كأفراد فما بالك بشركات ومؤسسات تدفع مبالغ مالية من أجل شراء مقاعد لموظفيها لحضور هذه المؤتمرات، وبالتالي فهي تخسر مادياً من جهتين، المبالغ التي اشترت بها هذه المقاعد، والوقت الثمين الذي أضاعه موظفوها في مؤتمرات تجارية بكل ما تعنيه الكلمة.

 

حسناً فعلت حكومة دبي عندما أسست شركة لإدارة وتنظيم الفعاليات، فهي بالتأكيد سترفع من مقاييس تنظيم المؤتمرات، وستضطر الكثير من الشركات الحالية، الباحثة عن الربحية فقط، إلى الخروج من السوق والبحث عن نشاط آخر، وهي لن تعجز عن ذلك.

للأسف فإن الفورة «المؤتمراتية» التي تغزونا من كل اتجاه، أفرزت سمعة سيئة للكثير من المؤتمرات، فلم يعد حضورها ينتج معه أي جديد، الفائز الوحيد هي شركات تنظيم المؤتمرات، التي وجدت دجاجة تبيض لها ذهباً، أما ما يحدث بعد ذلك فليس مهماً، فالشركات الكبرى على استعداد للرعاية ودفع الملايين لتمويل هذه المؤتمرات، فأي تجارة أفضل من هذه؟



ssalmand@gmail.com

تويتر