فيصل درّاج: تهميش الثقافة يقوي الأنظمة السلطوية


انتقد الناقد الفلسطيني الدكتور فيصل درّاج ما يقوم به «بعض الفكر الإسلامي المسيطر منذ عام 1969»، معتبراً أن تأثيراته السلبية جاءت لتؤكد «المقولات التي قدمها الاستشراق السلبي عن الاسلام»، وقال لـ«الإمارات اليوم» صورة الاسلام التي قدمتها بعض الجهات الفكرية الاسلامية أسوأ بكثير مما قدمها الاستشراق» داعياً الى التصدي لهذه «الخرافات في جميع وسائل الاعلام».

 

 وأضاف درّاج «اننا نحتاج الى نقد ذاتي عام وإلى حوار يستنهض المجتمع العربي برمته، للرد على الايدلوجيات التي تساوي بين الاسلام والارهاب، وبين العروبة والتخلف، وبين حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والعنف»، معللاً تراجع الاهتمام الثقافي في البلدان العربية بانكفاء السلطة السياسية بذاتها، وإلى المسافة الشاسعة التي تفصلها عن المجتمع، لأن السلطة تدرك الدور النقدي والتحريضي والتنويري الذي تلعبه الثقافة، ولهذا فإن تهميش الثقافة لا يلحق ضرراً بالمثقفين والثقافة فقط، بل يسهم في توطيد دعائم المجتمع الراكد الذي تهدف إليه جملة من السياسات السلطوية».

 

واعتبر دراج أن الحراك الثقافي النشط في الامارات يعود الى أن «هذه الظاهرة تعود لأسباب انتقال النشاط الثقافي الفعلي من الحواضر العربية التقليدية مثل القاهرة ودمشق وبغداد الى دول الخليج بصورة عامة و الامارات على وجه الخصوص»

 

مشيراً الى «أن السلطات في دول الخليج تبذل جهدا حقيقيا من اجل الارتقاء بالثقافة اجتماعيا، وتلعب دوراً طليعياً في هذا المجال لأنها مدركة ان الارتقاء الفعلي في المجتمع لا يكون في الحوافز الاقتصادية وحدها، بل يحتاج الى شيء آخر، هو الارتقاء بالثقافة وذوق الناس والقيم الجمالية، وهذا شيء نوعي جدير بالاحترام فإذا كانت الاوضاع السياسية   في الكثير من البلدان العربية تؤدي الى تهميش الثقافة والمثقفين، فمن الجميل جداً ان تصبح سلطات مغايرة مثقفة للمجتمع وقائدة لذوق الناس».

 

وقال دراج إن «بعض دول الخليج لاتكتفي بدعم الثقافة في بلدها، بل تبذل جهداً لمساعدة العمل الثقافي ودعمه في البلاد العربية بشكل عام و يبدو هذا جلياً في  الجوائز الثقافية الكبيرة التي تمنحها مؤسسات ثقافية إمارتية عدة، آخرها كان جائزة «بوكر العربية»، مؤكداً ان هذه الجوائز لا تقوم «على معيار المحتاج او اليساري او غير اليساري او التنويري او التقليدي، بل على جملة من الاسباب الموضوعية والنقدية التي يشارك فيها نخبة من النقاد العرب».

 

الرواية الفلسطينية
وقال الدرّاج «إن الرواية الفلسطينية تعيش حالياً حالة من التقهقر خلافاً لما أنتجه عدد من الروائيين الراحلين في هذا الجانب أمثال، غسان كنفاني، وجبرا ابراهيم جبرا. واميل حبيبي»، معتبراً «ان الرواية الفلسطينية الراهنة لا تمثل شيئاً مهماً قياساً بالرواية العربية القائمة اليوم»، لكن الدراج لم يفِ «ظهور بعض الاعمال الجيدة أخيراً مثل «ماء السماء» ليحيى يخلف، و«عصفور الشمس» لفاروق وادي، حتى سحر خليفة لم تستطع في السنوات الاخيرة تجاوز عملها «الميراث».

 

منوهاً بتجربة القاص محمود شقير الذي اعتبره حالة خاصة في مسيرة القصة الفلسطينية، لافتاً الى وجود «كتابات جادة في الضفة الغربية وقطاع غزة».

 

التغيير
وعن الرواية الجديدة والتغيير الاجتماعي بيّن درّاج «أعتقد ان هذه الروايات باستثناء إلقاء الضوء على التعصب الديني فإنها لا تضيف شيئاً اساسياً لما قالت به الرواية العربية منذ عقود، ذلك ان هذه الرواية ومن بعد 1967 خصوصا بل قبل ذلك، دأبت على نقد وجوه الاستبداد في الحياة السياسية السلطوية العربية، وربما كان نجيب محفوظ هو الاسبق في هذا المجال في روايته الكبيرة «اولاد حارتنا» وفي اعمال أخرى مثل «اللص والكلاب»، اضافة الى الروائي المصري صنع الله ابراهيم في رواية «تلك الرائحة» و«اللجمة»

 

وجمال غيطاني في «الزيني بركات» و «وقائع حارة الزعفراني»، والجزائري الطاهر وطار الذي تحدث عن «الاستبداد السياسي»، واعتبر دراج الراحل عبدالحكيم قاسم «افضل من كتب عن العنف الديني في عمله (المهدي)، لكنه نفى أن تكون التجارب الروائية الجديدة التي ظهرت في سورية والسعودية ومصر قد تجاوزت المنجز الروائي العربي السابق وأضافت إليه، مشيراً الى «أن الروايات الجنسية العربية التي انتشرت كثيراً هدفها  الشهرة فقط». 

 

أزمة 
رفض الدرّاج اعتبار أن الرواية العربية تعيش أزمة قائلاً «لا أميل الى الحديث  عما يدعى بأزمة الرواية العربية انطلاقاً من فكرة خاطئة تشكك دائما بموهبة الروائيين العرب وامكاناتهم، فلا أزمة في النصوص، ولا أزمة في القدرات الابداعية القادرة على انتاج هذه النصوص، بل في حقلين الاول الغياب النسبي للشروط الموضوعية التي تحتاجها الكتابة الروائية وأقصد بذلك الحياة الديمقراطية (المجتمع المدني) العلاقات الحوارية بين الناس(التجدد الفكري)

 

ولفت الى مشكلة أساسية تكمن «في عدم وجود مناخ اجتماعي ثقافي يحرض على قراءة الرواية والاحتفاء بها، إضافة الى سيطرة ثقافة تقليدية تختفي. وأوضح «ولهذا فإن هناك سيطرة للثقافة التقليدية التي تحتفي بالقديم وتكتفي به، بعيداً عن الرواية والشعر والقصة القصيرة، التي تبدو لعقول الكثير كما لو كانت ثقافة مستوردة».

تويتر