تفاقم أزمة قرار تقنين مشاركة العرب في الدراما المصرية

 

تصاعدت أزمة قرار رئيس نقابة الممثلين المصريين أشرف زكي بتقنين مشاركة الممثلين العرب في الأعمال الدرامية المصرية؛ خصوصاً مع مواقف الرفض والانتقادات الحادة التي وجهت له من جهات عدة، أحدثها، وليس آخرها، الدعوى التي سـيرفعها رئيس الجـالية العربيـة في امـيركا اشرف الشرباصي، ضد زكي ووزير الثقافة المصري فاروق حسني، والحكومة المصرية.

 

وفي محاولات للخروج من هذه الأزمة حاولت شخصيات ومؤسسات عقد اجتماعات لتقريب وجهات النظر بين نقابة الممثلين وغرفة صناعة السينما المصرية، لكن غالبية هذه الاجتماعات لم تعقد؛ حيث تم تأجيل  الاجتماع الثالث، ولم يتم الاتفاق على تحديد موعد جديد للانعقاد، وبرر القائمون على تنظيم الاجتماع تأجيله، لأجل غير مسمى، بعدم  وجود  عدد  كافٍ من الأسماء  التي اختيرت ضمن لجنة حكماء هدفها وضع حد للأزمة التي أثيرت حول قرارات نقابة الممثلين المصريين.

 

 وفيما اعتبرت الأوساط المعنية تأجيل هذا الاجتماع بمثابة تعقيد للأزمة القائمة، ونقلها نحو مزيد من التصعيد، خصوصاً أن نقيب الممثلين المصريين أشرف زكي واصل مرحلة جديدة من القرارات التي من شأنها زيادة الأزمة في ما يخص وقف تصاريح العمل للوجوه الجديدة، حيث رفض منح شركة «كنغ توت» المنتجة لمسلسل «شرف فتح الباب» تصاريح بالعمل لعدد من الوجوه الشابة الذين قررت المخرجة السورية رشا شربتجي الاستعانة بهم في المسلسل الذي كتبه محمد جلال عبدالقوي، وبطولة يحيى الفخراني، ويفترض عرضه في رمضان المقبل، ولم تستطع شربتجي ثني زكي عن قراره في اللقاء الذي جمعهما، رغم حاجتها  الملحة لممثلين تتراوح أعمارهم بين 14 و16 عاماً، وهي فئة عمرية يستحيل وجودها بين أعضاء النقابة أو خريجي المعاهد الفنية المتخصصة التي استند النقيب في قراراته للبطالة التي تعاني منها تلك الفئات.

 

ويقول عدد من العاملين في المسلسل «إن رفض النقيب ليس سببه التمسك بقراراته فقط، وإنما تصفية حسابات شخصية مع بطل المسلسل يحيى الفخراني»، الذي كان أول نجم مصري ينتقد، وبشدة، قرار زكي بتقنين مشاركة الممثلين العرب في الأعمال الدرامية المصرية، معتبراً أن القرار ينمّ عن «جهل وتسرّع»، ويشاع ان زكي يعاقب الفخراني بتعطيل مسلسله الذي ينتظره الجمهور العربي سنوياً، ويحقق أكبر نسبة مشاهدة وإقبال إعلاني.

 

 وفي سجال آخر حول قرارات زكي طلبت الجهة الليبية المشاركة في إنتاج مسلسل «العائد» الذي كتبه يسري الجندي، ويخرجه محمد النجار، تمديد فترة التصوير في ليبيا إلى ثلاثة أسابيع بدلاً من أيام عدة كما كان مقرراً في السابق؛ للاستفادة من وجود أبطال المسلسل في ليبيا للتسويق لها كمنطقة تصوير واعدة.

 

ويعد الطلب الليبي مقدمة حذّر منها كثيرون لنقل تصوير الأعمال المشتركة الإنتاج إلى الدول العربية المشاركة في إنتاجها، مثلما حدث مع مسلسل «قصة الأمس» الذي صورت أجزاء كبيرة من أحداثه في الكويت بطلب من جهة الإنتاج الكويتية، وربما ينتقل في فترة مقبلة تصوير الأعمال بالكامل إلى دول أخرى لنعود إلى زمن «استوديوهات عجمان»، و«مالطا»، و«اليونان»؛ ما سيدمر عملياً الاستوديوهات المصرية.

 

ووضع الطلب الليبي مدينة الإنتاج الإعلامي في مأزق كبير بسبب زيادة وتضاعف كلفة التصوير في حال الموافقة على التصوير في ليبيا طوال تلك الفترة، حيث تتكلف ميزانية التصوير الداخلي في مصر مبالغ معروفة، بينما يعني انتقال طاقم التصوير بالكامل إلى ليبيا ميزانية مختلفة تتمثل في بدلات السفر، وتكلفة الإقامة والإعاشة، والبحث عن أماكن تصوير مناسبة وتأجيرها حسب الأسعار هناك.

 

وأبدى عدد من الممثلين العاملين في المسلسل رفضهم السفر إلى ليبيا للتصوير لمدة ثلاثة أسابيع لارتباط معظمهم بأعمال أخرى، أو عدم الرغبة في الابتعاد عن القاهرة في تلك الفترة التي تعد موسماً للعمل، حتى إن بعضهم ربط موافقته بمراجعة عقود العمل في المسلسل، والتي تنص على التصوير في ليبيا لمدة ثلاثة أيام فقط، بما يعني زيادة أجورهم بما يتناسب مع البقاء في ليبيا تلك الفترة التي لم تكن في الحسبان وقت تعاقدهم.

 

رد فعل

وفي سياق ردود الأفعال من خارج مصر على قرارات زكي، أعلن رئيس الجالية العربية في أميركا، الدكتور أسامة الشرباصي، أنه يُعد لرفع دعوى قضائية أمام محكمة واشنطن الاتحادية ضد أشرف زكي، ووزير الثقافة فاروق حسني، والحكومة المصرية، على خلفية قرارات النقابة الأخيرة بالحد من عمل الفنانين العرب في مصر».

 

وقال الشرباصي « إنه سيطالب الحكومة المصرية بتعويض قدره 100 مليون دولار رداً على «ما لحق بأكثر من سبعة ملايين مصري وعربي في الولايات المتحدة من أضرار، نتيجة قرار نقابة المـمثلين العنصري المجحف، والذي لا يمكن تجاوزه إلا بالإلغاء الصريح، وإحالة مصدره للتقاعد»، وأضاف أن الاتهامات التي تسـتند إليها القضية تشمل: «الإرهاب الثقافي الذي لا يقل خطراً عن الإرهاب الديني، والتفرقة العنصرية، والإضرار بسمعة مصر، وتعريض الأمن القومي والاقتصاد المصري لخطر المقاطعة العربية التي بدأت بوادرها تظهر في بعض البلاد العربية»، وأوضح الشرباصي أنه في حال الحكم لمصلحته في الدعوى «فإن قيمة التعويض ستخصم من المعونة الأميركية التي تقدم إلى مصر سنوياً»، مضيفاً «أنه يمكن أيضاً الحجز على إيرادات تصديقات غرفة التجارة الأميركية المصرية بواشنطن التي تحصل على 50 دولاراً عن كل تصديق لشركة أميركية تصدّر منتجاتها لمصر، ويقدر الخبراء إيرادات الغرفة بنحو 20 مليون دولار سنوياً».

 

 وقال الشرباصي «يبدو أن الدكتور أشرف زكي، وهو ممثل عـادي لم يترك بصمة أو أثراً ذا أهمية في التمثيل في مصر، لم يكن في وعيه عندما أصدر قراراً بتحجيم عمل الممثلين العرب، ومنهم فنانون لا يقلون شأناً عن ألاأي ممثل أوألاممثلة عالمية في هوليوود، واصفاً إلزام النقيب ألافي قراره لهؤلاء النجوم بعمل واحد فقط سنوياً بكونه نظرة عنصرية ضيقـة ومجحفة»، وطالب الشرباصي بضرورة «استقالة زكي من منصبه ليريحنا ويستريح، فهو الذي كشف نفسه، وأثبت جهله، وعدم أهليته لهذا المنصب».

 

 ومن جانبه، قال رئيس نادي السينما الكويتي، الناقد عماد النويري  «أرى أن هناك نيات طيبة وراء قرار أشرف زكي بتقنين مشاركة ألاأدعياء الفن العربيألا في الأعمال المصرية، ألافمطلوب دائماً منع الدخلاء في أي مهنة من التسلق والإضرار بمستقبل أصحابها، ألالكن من المؤكد أن القرارات لم تدرس بشكل كافٍ ألالأن ما يطبق بالنسبة لنقابات الفنون لا يجب مقارنته بما يطبق في النقابات الصحية والهندسية»، وأضاف النويري « الأمرألامتعلق ألابالفنألا المصري الذي طالما كان سفيراً وطنياً مخلصاً لمفاهيم ورسالات عامة ونبيلة، والمشكلة لم تعد لها صلة بفن مصري أو فن لبناني أو فن سوري لأنه في عصر الفضائيات والكيانات الإنتاجية الكبيرة، والسوق العربية المفتوحة للإنتاج أصبحت المسألة لها صلة بالعرض والطلب، وكل منتج وكل مخرج له الحق في اختيار النجوم والوجوه التي تحقق مصالحه»، مشيراً الى أن مصر، التي مازالت تؤكد ريادتها الثقافية والفنية ليل نهار، ولهذه الريادة ثمن يجب أن يدفع، ألاوإذا كانت هذه الريادة قد تراجعت خلال الأعوام الماضية بفعل متغيرات سياسية واقتصادية كثيرة فلا يجب أن نكرس عزلة مصر بمثل هذه القرارات العشوائية، وبالتالي من المهم مراجعة هذه القرارات؛ لأنها لا تخدم في النهاية سوى أهداف ومصالح ضيقة، وقدر مصر في النهاية، مهما تغيرت الخرائط السياسية، هو أن تكون المنارة التي تهدي ولا تفرق، والتي ترسل إشارات الوصول للمراكب التائهة وليس إشارات الانكفاء

 

اجتماعات

 يعقد الاتحاد العام للنقابات الفنية المصرية اجتماعاً مشتركاً في القاهرة، اليوم السبت، مع جمعية المـنتجين والمـوزعين السـعوديين، يعقبه مؤتمر صـحافي بمقر الاتحاد لإعلان القرارات التي تعد بداية لتجاوز بعض المشكلات التي ظهرت  أخيراً خلفية للقرارات التي اتخذها مجلس نقابة المهن التمثيلية بشأن الممثلين العرب.
ويأتي الاجتماع بعد تهديدات الجمعية السعودية بوقف التعامل مع الدراما المصرية رداً على قرارات فرض قيود على عمل الفنانين العرب في مصر، والتي وصلت إلى حد مطالبة المنتج حسن عسيري الذي يحضر الاجتماع برفض شراء الأعمال المصرية، في الوقت ذاته، تعقد غرفة صناعة السينما المصرية مؤتمراً صحافياً اليوم ايضاً لإعلان قرارات اعتبرها مسؤولو الغرفة «رداً حاسماً» على قرارات نقابة الممثلين، بعد أن رفضت الأخيرة كل أشكال التعاون مع الغرفة، وأصرت على قرارها.
القاهرة ـ رويترز
تويتر