من المجالس
|
|
|
|
لم تعد سياسة حجب صور الجرائم الإسرائيلية في فلسطين حكراً على وسائل الإعلام الغربية. فكثير من وسائل الإعلام العربية دخلت في فلك هذه السياسة، فإمّا تجاهل صور ضحايا المجازر بالكامل، وإمّا ترحيلها إلى صفحات المؤخرة، وذلك بعد عملية انتقاء «مدروسة» يتم فيها عرض الأقل إيضاحاً وفضحاً لتلك الجرائم والأخف تأثيراً في القارئ العربي.
صارت بعض وسائل الإعلام العربية تتنازل عن حرفيتها التي لا تتردد في التباهي بها، وتقلب موازين الأخبار، وتعيد ترتيب الصور، وذلك في تعدٍ واضح على عقل المتلقي العربي. وذهبت هذه الوسائل إلى أبعد من التغطية على الجرائم إلى تسويق «التوجهات السلمية» للدولة العبرية لتكرار مفردات مثل «التهدئة»، و«المفاوضات»، و«اللقاءات»، وفي المقابل تحجيم أخبار السياسات العدوانية وإجراءات التجويع، وعمليات القتل اليومية.
وسائل الإعلام الغربية لسان حال سياسات دولها التي لا تتردد في الإعلان عن عزمها على إبقاء «إسرائيل» متفوقة على جيرانها العرب، وبالتالي فهي تعمل في إطار منظومة متكاملة تسعى لتحقيق أهداف وخدمة سياسات بلدانها. بينما يفترض أن يكون الإعلام العربي في خدمة القضايا العربية.
وأحسب أن قلب مفاهيم هذا الإعلام بذريعة صناعة ثقافة السلام ومنع إثارة الرأي العام العربي، وبالتالي قطع الطريق على التطرف لن يؤدي إلاّ إلى المزيد من السلبية والمزيد من الشك في ما يسمى بجهود السلام في المنطقة، لأن الفضاء مفتوح، والصورة صارت أقرب إلى متلقيها من حبل الوريد.
والنتيجة لن تكون في إعادة صياغة قناعات وأفكار الشارع العربي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي بقدر ما ستكون افتقاد ثقة هذا الشارع بتلك الوسائل الإعلامية، وبالتالي البحث عن بديل لتلقي المعلومة في الصحف أو القنوات أو المواقع الإلكترونية، والتي ربما تختلط فيها الحقيقة مع عكسها، فتصبح الثقافة العامة أبعد ما تكون عن الهدف. الحبة العربية والفلسطينية في الإعلام الإسرائيلي والغربي تصبح قبة، وجبل الخطايا الصهيونية صار في بعض وسائل الإعلام العربية حبة من خردل.
adel.m.alrashed@gmail.com
|