فخرية خميس: المنتجون الـجدد ظلموا الممثل العُماني

 

من جمهور الحارة الذي كان يتابعها داخل مسرح شعبي ضيق في أوائل السبعينات، إلى أعمال تتلقفها الفضائيات الخليجية في بدايات القرن الجديد، مروراً بمرحلة سكون فني قسري، تباين عطاء الممثلة العمانية فخرية خميس التي ترى أن «الفنان العُماني على مدار عطائه الفني عانى ظلمين، ظلماً عام شاركه فيه أشقاؤه الفنانون في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي، حينما كان اتجاه ذائقة الجمهور متشبعاً فقط بالأعمال المصرية، وظلماً خاصاً لم يذقه سوى الممثل العماني بعد التفات القنوات الفضائية وشركات الإنتاج، إلى أهمية الدراما الخليجية التي أصبحت منافساً قوياً للمصرية والسورية، غير أن مع هذه الصحوة المتأخرة، لم يستفد منها الفنان الخليجي بالدرجة نفسها التي لمسها سواه من الممثلين الخليجيين لأسباب معظمها غير منطقية أفسدت عدالة توزيع كعكة نهوض الدراما الخليجية».

 

خميس التي بدت شديدة الغيرة على مستقبل صناعة الدراما في بلدها خلال حوارها مع «الإمارات اليوم» لم تنف رغم ذلك وجود اشكالية جوهرية تتعلق بتراجع قدرة الدراما العمانية على المنافسة خليجياً، مضيفة ان «المنتج الدرامي العُماني يعد الأكثر استغراقاً في المحلية مقارنة بغيره وهو أمر يعرقل تسويقه خليجياً بالشكل المطلوب».

 

تحدٍ

وأشارت خميس إلى أن «من يقود عربة الدراما الخليجية حالياً هم أنفسهم أعلام الممثلين الذين أسهموا في تكوين أبرز ملامح تلك الدراما، أمثال حياة الفهد وسعاد العبدالله وغيرهما، لكن بنظرة المستثمر هذه المرة عبر آضطلاعهم بدور رئيس في الإنتاج، ما يجعل المردود المادي ناظماً أساسياً لحركة الدراما الخليجية التي تقوقعت بناء على ذلك في مدن خليجية بعينها» .

 

رغم ذلك أكدت خميس أن الممثل العُماني قادر على أن «يعيد التعريف بقدراته خلال المرحلة المقبلة الذي عليه أن يقبل فيها، بما هو كائن فعلا، لا سيما أنه لا يزال هو الأفضل خليجياً من الناحية الفنية بدليل قدرته على البقاء حتى هذه اللحظة في ظل قدرات إنتاجية متواضعة» يتبناها التلفزيون العماني الذي يرى القائمون عليه أن سياسة تسويق المسلسل الوطني «لا تدخل ضمن مهامهم»، في الوقت الذي رأت فيه ان شركات الإنتاج «تركز فقط على ممثلين من خارج السلطنة لاعتبارات تجارية مشروعة بحملات دعاية وترويج هائلة لأعمالها، لتكون المحصلة غياب حضور المسلسل العماني ليس عن قنوات فضائية خليجية مهمة فقط، بل غياب حضوره وأبطاله إعلامياً أيضاً وهو مؤشر خطر سوف يكون له أبعاد شديدة السلبية على مستقبل المسلسل العماني لو لم يتم تدارك أسبابه».

 

 آفة التنافس

وقالت خميس التي بدت شديدة التأثر بتراجع حضور الدراما العمانية إن السلطنة تمتلك كتاباً ومخرجين وممثلين وفنيين أيضاً، على مستوى حرفي مرتفع،  فضلاً عن توافر البيئة الطبيعية البكر التي تصلح لأن تكون مواقع تصوير مميّزة، وكلها عوامل تؤهل لإنجاز أعمال نوعية، إلا أن غياب التسويق الجيد، فضلاً عن تركيز شركات الإنتاج الخليجية على مدن بعينها يجعل فرصة خروج المسلسل العماني رهينة بسياسات التبادل الإعلامي بين القنوات الفضائية الخليجية الرسمية».

 

ورأت خميس أن« العلاقة التنافسية بين المسلسلات الخليجية على أساس قُطري لا تفيد الدراما

الخليجية التي تخوض منافسة شرسة من كل من الدراما المصرية والسورية، مضيفة انه يجب التوصل إلى صيغة ما من أجل مزيد من التكامل والتنسيق بين النتاج الدرامي الخليجي من أجل استثمار المكاسب التي حققها في السنوات الأخيرة، بعد أن أثبت وجوده ليس خليجياً فحسب بل عربياً أيضاً، بعد اتجاه الكثير من القنوات الفضائية إلى شراء حقوق بث عدد كبير من المسلسلات الخليجية».

 

 تفوق

واعتبرت خميس أن «صناعة الدراما الخليجية أكثر تطوراً من الناحية الحرفية مقارنة بالمصرية والسورية». مضيفة ان المسلسلات المصرية في معظمها «مكررة القصة والنجوم أيضاً، ففي توقيت واحد   يمكن أن يرصد المتابع بسهولة ستة مسلسلات متشابهة الفكرة والمحتوى إلى حد التطابق، تعرض على قنوات مختلفة مسندة بطولتها إلى الممثلين أنفسهم، فيما حصرت الدراما السورية نفسها في إطار المسلسل التاريخي، وشغل صانعوها أنفسهم بالمقارنة بالدراما المصرية، فمالت الأعمال هي الأخرى للتكرار وافتقدت الابتكار».

 

إشادة

من جهة أخرى أبدت خميس إعجابها بالتجربة الإماراتية في مجال صناعة الأفلام، حيث أشادت بالاهتمام والإلحاح الرسمي على استيلاد تلك الصناعة، مشيدة بشكل خاص بجهود الدولة فيما يتعلق بإقامة «مهرجان دبي السينمائي ومهرجان الشرق الأوسط للأفلام ومسابقة أفلام من الإمارات وكذلك مهرجان الخليج السينمائي». مشيرة إلى أن هذه الجهود من المؤكد انها سوف تسفر في النهاية عن تحقيق حلم تدشين صناعة سينمائية خليجية قوية، مضيقة «رغم التحاقي بالعمل الدرامي منذ أكثر من 30 عاماً فإنني للأسف الشديد، لم أقم سوى بتجربة سينمائية وحيدة، عبر فيلم للمخرج الإماراتي الشاب سعيد سالمين كتب السيناريو الخاص به محمد حسن أحمد هو «الضنا» تم إنتاجه لمصلحة قناة الشارقة الفضائية، وهو أمر يدل تماما على أن هناك عرقلة وتأخيرا واضحين في انطلاقة تلك الصناعة خليجيا، يجب العمل على تجاوزهما في إطار تنسيق جماعي بين المؤسسات الخليجية المهتمة بشؤوون الدراما والسينما».

 

وفيما يتعلق بالموسم الرمضاني الذي يشهد تخمة سنوية في عرض المسلسلات الخليجية أشارت خميس إلى أن «تركيز النتاج الدرامي للعرض خلال شهر رمضان ليست خصيصة خليجية فقط بل تمتد لتشمل كافة مجالات الدراما العربية، في الوقت الذي يظل المشاهد العربي يتابع طوال العام مسلسلات معادة يتم تسويقها مرة أخرى بعد عرضها رمضانياً»مضيفة: «هو أمر يتعلق في المقام الأول بالقنوات الفضائية ذاتها التي تسعى إلى استرضاء المعلن في أهم موسم إعلاني لديها على مدار العام»،مستبعدة أن «يتم حل هذه الإشكالية على المدى القريب نظراً لسيادة مبدأ الربح والخسارة لدى معظم تلك الفضائيات على حساب مصلحة المنتج الدرامي ورغبة المشاهد الذي لا يكون في كامل تفرغه لمتابعة تلك الأعمال بطبيعة الحال خلال الشهر الكريم» .

 

وحول جديدها قالت خميس إنها تقوم حالياً بتصوير مسلسل تراثي جديد بعنوان «اليراع» يغوص في حقبة اربعينات القرن الماضي تجمعها بطولته مع جمعان الرويعي وابتسام عبدالله ومن تأيف العمانية شيخة الحبسي وإخراج أنيس الحبيب، ويعود إنتاجعه إلى مؤسسة الإعلام العمانية.

 

صرخة ممثل

 قالت الفنانة العمانية فخرية خميس إن كل فعل درامي عماني حاليا، يمثل صرخة من أجل الالتفات إلى أهمية حضور الدراما العمانية، والعمل على النهوض بها، من أجل اضطلاع  الفنانين العمانيين بدورهم في زمن بات المسلسل الخليجي منافساً لأول مرة لنظيريه المصري والسوري.

 

وأضافت خميس التي ارتبطت بذهن المشاهد الخليجي بدورها في مسلسل «الحيالة» أن أمام الدراما الخليجية حالياً فرصة ذهبية لتعويض خسائرها الماضية، بفضل تنافس الفضائيات الخليجية والعربية الحالي على استقطاب أعمال خليجية مميّزة، مشيرة إلى أن «الاغتنام الأمثل لهذا الظرف التاريخي المفصلي في مسيرة الدراما الخليحية لن يكون إلا بتضافر  الجهود كافة، سواء الإنتاجية أو التمثيلية أو  الفنية الخليجية وتجاوز دعاوى التنافس القطري من أجل صالح تلك الدراما».

تويتر