من المجالس

 
العالم ينشطر إلى نصفين، شطر فاحش الغنى، وشطر مدقع الفقر، هذا التصنيف صار حاضراً داخل المجتمعات في ما بين شرائحها وطبقاتها، وفي ما بين المجتمعات بعضها بعضاً.
 
وما زاد الغنى في مكان وضاقت شرائحه إلا وزاد الفقر في مكان آخر وتمددت مساحته. صندوق النقد الدولي، الذي تخصص في صرف الوصفات للدول النامية المسببة للمزيد من حالات الاحتقان وانفجار الطبقات الفقيرة، دخل هذه المرة على الخط بفهم آخر، فقد أطلق الصندوق جرس الإنذار من «عواقب وخيمة يمكن أن تتطور إلى حروب في العالم بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية».

وقال الصندوق على لسان مديره العام دومينيك ستراوس: «إذا واصلت أسعار المواد الغذائية حركتها الجارية فإن النتائج ستكون رهيبة»، والنتائج حسب رأي ستراوس ستؤدي إلى تدمير مكاسب التنمية التي تحققت، وإلى خلل في البيئة الاقتصادية بسبب تعرض ملايين البشر للموت جوعاً. إعلان خطير، وتوقعات مرعبة لا تحركها الإثارة وعمليات التخويف، ولكن تدعمها أرقام الارتفاع في قيمة الغذاء على المستوى العالمي. وهي إن حدثت، لا سمح الله، فربما تبدأ بالدول والمجتمعات الفقيرة، ولكنها بكل تأكيد لن تفلت منها المجتمعات والدول الغنية، التي لاتزال تصر على زيادة ثرواتها من خيرات أولئك الذين لا يجدون الطعام وهم ينادون على مناجم الألماس والذهب.
 
وبالتداعي يكون الأمر داخل المجتمعات نفسها وفي ما بين طبقاتها وشرائحها. فالجوع كما يقولون كافر، وإذا تمكن الجوع من النفوس جعل القلوب التي في الصدور تنازع صلابة الصخور. عندها، كما يقول مدير عام صندوق النقد الدولي، تكون الإنجازات والمكاسب التنموية التي تحققت بالكثير من الجهد والصبر عرضة للتدمير. هذه الحقائق ليست مجهولة، ولا هي اكتشاف، لأن الإحصائيات تكاد تسجل على الناس أنفاسهم، ومع ذلك فإن ثقافة الجشع تصر على أن تصل بالبشرية إلى مستوى الانشطار العظيم، بإشعاع أو ربما بغيره، ولكن بنتيجة واحدة اسمها الدمار، والعياذ بالله.

 

  

adel.m.alrashed@gmail.com 

الأكثر مشاركة